لا هو حرس للحدود ولا هو حامي حمى لبنان
وليد الحسيني : لا هو حرس للحدود, كما يزعم الذين عارضوا, أو منعوا, في الماضي إرساله الى الجنوب. ولا هو حامي حمى لبنان من الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية, كما يدّعي أصحاب ورطة الانتشار.
الجيش اللبناني, بما يملك من مخزون وطني, لا يمكن أن يكون حارساً لأمن إسرائيل, وبما لا يملك من أسلحة وتقنيات, لا يمكن أن يكون مدافعاً عن لبنان.هذا الجيش لا نريده سجلاً لشهداء العبثية السياسية. ولا منصة خطابية لبطولات الموت المجاني. ولا مجرد أدلة إضافية عن همجية إسرائيل ووحشيتها.
إذاً, ما هذا القرار المتهور, الذي اتخذناه فقط لإثبات حسن النية؟.
وإذا اعتبر البعض أن «حزب الله» غامر عندما خطف الأسيرين الإسرائيليين, ألا يرى أحد ضخامة المغامرة المرتكبة بإرسال جيش, هو بالمقارنة مع إمكانات العدو, جيش مكشوف وأعزل ومنزوع السلاح؟.
جيشنا في الجنوب, وفق المسلّمات العسكرية, ساقط بفقره اللوجستي والتقني والنيراني, إذا أقدمت إسرائيل على خرق أو اعتداء أو اجتياح أو حرب, وقد فعلتها جميعها, بوجوده وغيابه وربما عودته.
كان بودّنا أن ندخل حمام غسيل الرؤوس, ونأخذ طبلاً من هنا ومزماراً من هناك, ونعقد حلقات الدبكة.
أما إذا «دبكت» فكيف سيكون الحال؟.
هل نطالب أبطالنا, بالشهادة الجماعية, أم نحميهم بدبلوماسية طارق متري؟.
إنه سؤال جدّي, لا تصح الإجابات عنه بالحديث عن الهدنة والضمانات الدولية. فهذه آخر كابحات السياسة الإسرائيلية وآخر محظوراتها.
إنها إسرائيل التي لا يستقيم دورها مع دور لبنان. هي دولة دينية ونحن دولة الأديان.
لبنان يصر على تعايش المتناقضين, وهي تصر على إبادة أي نقيض.
نحن السياحة المنافسة والبنك المنافس.
نحن الصناعة ومقر الشركات العالمية والتجارة المفتوحة.
لهذا حاولت أن تضرب كل هذا في حرب الـ33 يوماً بلا مبرر سوى مبرر إلغاء الدور كلياً أو التراجع الذي يتيح لها الفوز السهل بالمنافسات الصعبة.
وستبقى هذه سياسة إسرائيل الى أن يخضع لبنان الى اتفاق سلام يجعله تابعاً اقتصادياً لها.
وأخشى ما نخشاه أن تعدّ إسرائيل لمعركة بعد الانتشار, تؤدي الى حصر الخيارات اللبنانية وخنقها واحداً تلو الآخر وصولاً الى الاستسلام.
وأخشى ما نخشاه, أن نكون ونحن نبحث عن إحياء هدنة 1948 المنسيّة, أن تقضي إسرائيل على هدنة القرار 1701, تحت حجة فشل قيام القوة الدولية, ورفض تسوية إخفاء سلاح «حزب الله» مقابل التخلي عن نزعه.
وأخشى ما نخشى أن تعود الحرب وسط تخبُط يغيب فيه القرار السياسي الرسمي فيصاب جيشنا بإرباك الواجب الوطني الصعب والتعليمات الغائبة.
أخشى ما نخشى أن نكون وقعنا في الفخ... على أمل أن تكذبنا الأيام, التي نشعر أنها لن تتأخر كثيراً في الحدّ بين الجدّ الإسرائيلي واللعب اللبناني.
المصدر: الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد