لا مصلحة للأكثرية الأميركية في زيارة السنيورة إلى دمشق
ينقل زوار دمشق اللبنانيون مؤخرا أجواء مريحة عن أكثر من موضوع، حول العلاقات اللبنانية السورية وما تريده دمشق من لبنان وخاصة زيارة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة لدمشق، وحول ما يقال عن المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونتائج العدوان الاسرائيلي الاخير وما يراد منها للبنان وسوريا، ووضع سوريا بالنسبة للعراق وقضية فلسطين. وفي المحصلة يقول الزوار اللبنانيون ان سوريا تشعر ان الضغوط قد تراجعت كثيرا عليها لا لأنها غيرت أو بدلت موقفها، بل لان الآخرين الضاغطين عليها يئسوا من إمكان تغيير هذا الموقف المستند الى الحق العربي العام.
وإضافة الى ما نقله الرئيسان سليم الحص وعمر كرامي عن الرئيس الأسد والمواضيع التي أثاراها معه محليا وإقليميا، يؤكد زوار دمشق أن دعوة الرئيس فؤاد السنيورة الى دمشق مفتوحة وقائمة وبلا جدول أعمال إلا عنوان تصحيح العلاقات الثنائية، وليأتِ وليقل كل ما يريده فلن يجد إلا صدراً رحباً وآذاناً صاغية، لكن الانطباع الذي يعود به زائر دمشق معطوفاً على وقائع الاشتباك اللبناني الداخلي والوضع الدولي الضاغط لوضع اليد على لبنان، هو أن لا الاكثرية الممسكة بالسلطة في لبنان، ولا الاميركي صاحب سلطة الوصاية الجديدة على لبنان يريدان أن تتم زيارة السنيورة الى دمشق، وإلا فما من مانع ان تتم اليوم قبل الغد، إذ لا شروط ولا عقبات إلا ما يخترعه البعض في لبنان عن جدول أعمال غامض لم يحدده لا رئيس الحكومة ولا مجلس الوزراء ولا أي طرف من أطراف الاكثرية، لو أرادوا فعلا ان تتم هذه الزيارة.
ويوضح زوار دمشق ان المسؤولين السوريين وخلافا لما يتردد في أوساط الاكثرية ووسائل إعلامها لم يطلبوا تأليف جبهة أو تكتل أو تجمع سني مناهض للاكثرية، وان طلبوا فلا سليم الحص ولا عمر كرامي ولا سواهما من أصحاب المواقف الوطنية والعروبية يقبلون، ذلك ان المقاربة للوضع اللبناني لدى السوريين ولدى الاطراف المعارضة للاكثرية المؤتلفة في أكثر من تجمع أو تكتل أو جهة، تنطلق من أسباب وأهداف وطنية إنقاذية خالصة لانتشال لبنان من براثن اليد الاميركية الغربية التي تحاول أن تُخضع كل شيء في لبنان للاملاءات والمصالح والاهداف الاميركية، في إطار مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي أعلن الاميركيون علناً وعلى لسان وزيرة الخارجية رايس أن أحد أهم أهداف الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان هو تطبيق هذا المشروع.
ويرى زوار دمشق ان هناك موجة شحن وتحريض مذهبية للطائفة السنية على سوريا والمقاومة، بدأت تزداد منذ ان اتجهت قيادت سياسية ووطنية سنية اتجاهات خارج إطار سياسة الاكثرية التي يقودها تيار المستقبل، وتجلت هذه الحملة في تصريحات لبعض علماء السنة المقربين من تيار المستقبل ومن قبل وسائل إعلامه، ويقول الزوار ومن بينهم الرئيسان الحص وكرامي ان هذا التحريض ليس في محله، ولا يؤدي الى أي هدف وطني، فيما زيارات الشام هي بمثابة تقليد سياسي لاستجلاء الموقف الاقليمي بصورة خاصة، ولا سيما ما يهم قضيتي العراق وفلسطين، وانعكاساتهما على لبنان، خاصة لجهة افتعال الفتن الطائفية والمذهبية تمهيداً لتقسيم المنطقة وإقامة كانتونات طائفية وأقلوية فيها، وهو ما دار معظم الحديث مع الرئيس السوري حوله.
ويشير زوار دمشق الى ان جانبا من الحديث دار حول زيارة وزير خارجية اسبانيا ميغيل انخيل موراتينوس الى سوريا، حيث طرح فكرة العودة الى مفاوضات السلام عارضاً إمكان عقد مؤتمر جديد للسلام، إلا انه وحسب معلومات الزوار لم يطرح أي تفاصيل متعلقة بشكل المؤتمر ومواضيعه وتكوينه ومكان انعقاده، بل استجلى وجهة النظر السورية من حيث مبدأ تحريك عملية السلام فكانت موافقة سورية مبدئية على الفكرة. لكن العائدين من دمشق يؤكدون ان جو المنطقة ما زال مبهماً وغير واضح الاتجاهات، ولعل هذا ما يريح السوري الى انه ما زال ضرورة ملحة سواء للسلم أو للحرب.
غاضب المختار
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد