كلنا الآن فلسطينيون

14-01-2010

كلنا الآن فلسطينيون

يقال بأن المقارنات تثير الاستياء و لكن في الواقع يمكنها أن تؤدي إلى الاستنارة، إذ  لم  تكن غبار الحادي عشر من  أيلول الاقتصادية عام 2008 قد هدأت بعد حين لاحظ أحد المراقبين المميزين وجود ارتباط  هام مع السقوط الجيوسياسي الذي تبع حادي  عشر من أيلول آخر أكثر دراماتيكية وقع قبل سبع سنوات.
فحديثا و على منبر الكامبريدج تحدث جيلاد آتزمون الإسرائيلي المغترب قائلا:
كلما أضحت صورة الكارثة الاقتصادية الحالية أكثر جلاء ، كلما بدا واضحا ، على الأقل بالنسبة لي، أن الإيديولوجية و الأشخاص المسؤولين مباشرة عن القتل الجماعي لملايين العراقيين و تشريد ملايين آخرين و الأشخاص الذين يبقون الفلسطينيين يتضورون جوعا خلف الجدران هم للأسف نفس الأشخاص المسؤولين عن مذبحة طبقية تطال ملايين الأميركيين المحرومين من حقوقهم المدنية و الواقفين على حافة الانهيار .
و للتوضيح ذكر آتزمون المبدأين اللذين حفزا هذه الأزمات و التي قد تبدو متباينة. فقال بأن لغزو العراق عام 2003 جذوره في وثيقة البنتاغون المتعلقة ب ( توجيه التخطيط للدفاع) عام 1992، و قد كتب المسودة وكيل وزارة الدفاع آنذاك (بول ولفويتز)و (ليويس سكوتير ليبي) المتمتع بحمايته.و كانت تعاليم  (ولفويتز) تحض الأميركيين على القيام بدور أكثر جزما و تدخلا في عالم ما بعد الحرب الباردة، لاسيما الشرق الأوسط.و لكنها بالأساس كانت وثيقة امبريالية صهيونية وضعت  لدمج المصالح الأميركية و الصهيونية العالمية  في ممارسة موحدة مولعة بالقتال.و كان العطش   الأميركي للنفط العربي أساسا لتحقيق هذا الاندماج.
و في ذاك الوقت بدا و كأن ولفويتز و ليبي قد وجدا الطريق إلى الجنة ، إذ كانا على وشك ضرب عصفورين بحجر واحد (أو صاروخ كروز واحد) . فخططا لنهب نفط العرب و ضمان أمن محبوبتهم الدولة اليهودية في الوقت ذاته.
و بشكل مشابه عزا آتزمون الانهيار المالي عام  2008 إلى سياسات طورها من كان وقتها مدير النظام الاحتياطي الفدرالي وهو (آلان غرينسبان) .فبتشجيع فقراء الأميركيين على الاستدانة و الإنفاق بإهمال زاد مبدأ غرينسبان من ازدهار رهن العقارات مما ساعد على تمويل الحروب المرتكبة من قبل أخويه الإيديولوجيين ليبي و ولفويتز.
لقد أدرك جيدا أنه طالما كان الأميركيون يعيشون بشكل جيد يشترون المنازل و يبيعونها فان رئيسه سيكون قادرا على السعي لتطبيق  مبدأ ولفويتز مدمرا العرب الأشرار تحت اسم الديمقراطية.
و ربما بدت التجارب الوقحة المقترحة من قبل ولفويتز و غرينسبان واعدة على الورق، غير أنه ثبت كونها كارثية ليس فقط بالنسبة للشرق الأوسط و لكن أيضا لأميركا.و لكن هذا ليس مفاجئا ، فكما يقول آتزمون: ( دعوني أخبركم،النموذج مألوف، فهؤلاء الناس الرائعون يحاولون إنقاذ العالم . لقد "جلبوا" الديمقراطية للعرب ، و "جلبوا" المساواة للفقراء.و لكن بشكل ما إسرائيل دائما المستفيدة"
و تحدث آتزمون عن كتاب هام توصل للنتيجة ذاتها بعنوان :( مذنب بالاشتراك : كيف دفع الغش و خداع النفس أميركا إلى الحرب) بقلم (جيف غيتس) و يتحدث الكتاب عن الكيفية التي انخدع بها الأميركيون ، و ذكر الكاتب عبارة (الناس في الوسط) فالحالة الذهنية القومية هي أرض المعركة الوسطى حيث الناس الذين في الوسط يؤمنون عوضا عن الحقيقة  بالضلال الذي يدفعهم البعض لتصديقه.
و من الواضح أن ولفويتز و غرينسبان يناسبان هذا الوصف تماما.ففي عالمي الاقتصاد والجيوسياسة المتشابكين خاضا حربا غير مألوفة على عقول الأميركيين و كل ذلك لأجل الصهيونية.
في حديثه شجب جيلاد آتزمون لا مبالاتنا تجاه معاناة الآخرين و أسماها "اللامبالاة الغربية الجمعية" ، و لكن آتزمون يرى أن وجعنا الاقتصادي سيمنحنا فرصة لإدراك أنه طالما تعلق الأمر بالبؤس فنحن و الفلسطينيون و العراقيون و الأفغان نشترك بعدو واحد . "فالإيديولوجية التي أنزلت الويلات بالعراق و فلسطين هي ذاتها التي ستودي بك إلى خسارة منزلك غدا"
في هذا الحال أليس من الصحيح أننا كلنا فلسطينيون الآن؟ و كما يقوم الناس المضطهدون بالانتفاضة ضد قاهريهم ، فانه في حال تمكن الناس المخدوعون في العالم من الرؤية عبر ضباب الخديعة،  سيدركون أنه آن أوان أول انتفاضة عالمية.


• المقال بقلم الكاتب الياباني مايدهك او كاثايل .  
ترجمة رنده القاسم
عن موقع Dissident Voices

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...