كأسك صاحب الجلالة
بشرى أيها العرب... ولكي لا يتفاجأ من البداية الموظفون فيلعنون أبي و أمي، فهذه البشرى لا تتعلّق بمنحة ولا علاوة أجور و لا هي حتى خبر عن فوز إحدى سبّاحاتنا بالمايوه الذهبي، أو فوز المواطن بلكمة الحكمة القاضية. و كما هي ليست بشرى رسمية تعرفون أنها كذبة سلطانية. وهي بشرى برغم أنها من ماء، فهي لا تخص الرعاة و الفلاحين و الصيادين لكن والله هي بشرى ...ولشدة فرحي بها؛ ها أنا أبثها من فوق الماء في الصحراء العربية، لم يمسني الجنون، بل مسَّ الصحراء ما يبعث على الجنون هل تصدقون؟ إنني الآن أمارس التزلج- بحيوية ( الصبوحة) - في عمق الربع الخالي بالرغم من هرمي العتيد، وخوفي ، و منقرعي المباح في المزاد العلني،لن تصدقوا لو قلت لكم:إني لستُ في حلم،لقد صارت صحراؤنا ثامن عجائب الدنيا، بخضرتها، و حدائقها، فالناس سواسية فيها كأسنان وزراء الدفاع العربي المشترك . إنني أرى - و أنا أحدثكم- كلَّ المسؤولين الفخام يداً واحدة مع الناس ، يعملون في دأب،من دون كرافيتات أو حاشيات؛ طبعاً مازالوا هم محشون بخيراتنا و الكلام المعسول،وها هو أمامي - وكما تعرفون أنني لستُ مراسلاً للعربية و لا للحرة و لا للشيخة روتانا، ولست كذلك من فريق( وطفي ) و لا من فرقة (دبكة علوش) – وبالرغم من كل ذلك أمام عيني أكبر مسؤول استخباراتي في الأمة، يعبر من بين الجموع، حاملاً لي كأس عصير، من دون أن أطلب منه، فهو بخبرته وحاسته الأمنيتين عرف رغبتي بالعصير، وها هو يقدمها لي بكل تهذيب (شيفات الهاي)، وهاهم مسؤولو التربية، يحملون على ظهورهم- التي أحناها همّ تربية الأجيال - ُقرَبَ الماء يسقون الأبقار ،أما مسؤولو الداخلية فهم يقودون الأطفال إلى أمريكا عفواً إلى الـ ( w.s )،وأما الصلعان من مسؤولي الإعلام وأفلام النياحة القومية؛ فإنهم - بتواضع الخادمات السيريلانكيات- يهدهدون أطفال الموظفات آخر الدوام،أما في آخر الليل فهم يلملمون بقايا الصحف المتناثرة في الممرات ويمزقون برج الحوت ليسبح في دموعهم .كلُّ هذا يا أصدقائي جاء نتيجة اكتشافي حلاً سحرياً لمشكلة نقص الماء في بطننا العربي اليابس من الفرات إلى النيل و الفاقس من المحيط إلى الخليج ذباباً فنياً و بعوضاً إعلامياً،عفوا أقصد في وطننا،وليعذرني يوري مرقدي على عوج لساني العربي أما الأهم من ذلك هو أنني أنا صاحب هذا الاكتشاف، فاستحِموا متى ما يحلو لكم، وكما يحلو لكم في لياليكم العامرة ( بروبي) و بلا ثوب ... واتركوا الصنابير مفتوحة، اغسلوا الجوارب يومياً،لا همّ .. لقد حللتُ لكم مشكلة الماء بعدما داخ فيها رعيان قطعان الشعب العربي وكلابهم،و زرافات عرّافينهم و علمائهم الموسيقيين من إلياس الرحباني،و ميشو شو و( أمّ المثليفيين آمنة داود) حتى عرسان العرب الربعي، و رواشدة الأوسطيين، ألم أقل لكم :إن الله يضع سرّه في (LBC )، عفواً في أضعف خلقه ، فلو لم أكن فرّاشاً خمس نجوم لفنانة بتشديد كل الحروف إلا النون (من دون لا رؤيا يوسف هي بعشر نجوم ) تعمل مذيعة للنشرة الجوية في التلفزيون؛ لما حظيت بهذا الاكتشاف الذي ألهمتني إياه مرارة معاملتها في تتبع خطوات خطيبها و ملاوعته،مخصصة النشرة الجوية لبث تقلبات مزاجها ، فمرة قالت في نشرتها إن الجو غداً غائم مصحوب بعواصف رعدية رغم أن الشمس تحرق ذيل العصفور، منذرة خطيبها بسوء عاقبته غداً،ذلك لأن المنحوس أنهى مكالمة طق حنك معها لدى دخول رئيسه،و إذ كان كل الناس ينتظرون النشرة لمعرفة أحوال طقس اليوم الآتي؛فهو ينتظر طقس خطيبته ، وكانت أصعب مهمة تكلفني بها هي رصده حين يعود من عمله ساعة الظهيرة الحارقة، حيث كان عليّ الاختفاء في مكان أراه منه و لا يراني، فكنت أقف مستحماً بلهيب الشمس يشقق حلقي العطش،ولست بمبال إلا بوصاياها التي تفوق دقة وصايا أكاديمي الأمة في ترجمة السير الذاتية لرعاتها الراشدين ، لكي لا يضيع على الأجيال القادمة أيٌ من تفاصيل حياتهم الذاخرة بالفخار والعز، وليكونوا خير دجاج سلف لخير طواويس َ خلف. لفت نظري في وقفات رصدي هذه منظر رجل يبيع ماء، هكذا خيل لي، كانت فرصتي اليتيمة في الانتقام من المذيعة هو ترنمي بيني و بين نفسي: المذيعة التي تنقعني في نار الشمس هي في جهنم و هذا الفاضل الذي يسقي العطشى في الجنة. و في إحدى المرات بعد أن انتهيت من رصدي،و قد نشف حلقي من العطش، ذهبت إلى بائع الماء لأشرب، ففوجئت أنه يوزع الماء مجاناً، بلى أنا أصدق في تنبئي من تنبؤ المذيعة فهو إذاً في الجنة لأنه يتصدق بالماء، لما اقتربت منه بدت لي ملامحه الصارمة جداً جداً وكأنه أبو الهول يجلس على متكأ قديم لا ينبس بكلمة،إنما يشير بعصا طويلة حيث وضع إلى جانبه أربع جرار مختلفة الحجوم، وبجانبها أربعة كؤوس مختلفة الحجوم أيضاً ، ولكن رغم إعجابي الهائل بكرمه و فضله إلا أنني لم أفهم ما يفعل وكيف يتصرف، فما إن تقترب منه حتى يشير بعصاه أن اذهب إلى تلك الجرة، وما إن تلمس الكأس لتملأها بالماء حتى ينقرك بالعصا على يديك ألا تشرب بهذه الكأس .بداية ظننت ذلك لحكمة ما، لكن لما راقبته جيداً تأكد لي أن هناك سراً، فإنك حتى لو عدت إلى الكأس التي أشار إليها بعصاه فإنه سينقرك ويشير لأخرى .المهم لا بدله من أن ينقرك لتغيير اختيارك مهما فعلت .فطيّر صوابي فهم هذا الرجل ، وبات سره يؤرقني، و قد أحسست بتسلطه المرير، و بعجرفته المذلة، برغم فضله في سقي العطشى . وهكذا تقلبت بين نار مزاج المذيعة و رمضاء مزاج السقاء،ولما عجزت عن فهم تصرف هذا الرجل، رحت أفضل التحرق عطشاً على مائه المجاني، وشاءت المصادفة أن تستعر نار مزاج المذيعة يوماً على خطيبها الذي اعتذر عن اصطحابها معه في رحلة رجالية سريعة ، فأبلغته أن المناخ جيد جداً غداً و الجو مشمس ومرتفع الحرارة لذا ليذهب بالقميص، وما إن وصل المسكين المكان مع أصحابه، حتى صبّت السماء ماءها فغرق في الماء و البرد, و أصابته الحمى. طلبت مني في اليوم الثاني أن أوصل له باقة زهر، مشددة على نقل حالته لتتمتع بوجعه ، وعلكتها. ولأن الجو يومها بارد لم يحضر السّقاء الخصوصي، وحين وصلت بيت خطيب المذيعة تفاجأت بالسّقاء يدخل الباب المقابل لباب الخطيب المحموم .لقد جاءت على رجليها كما يُقال . إذاً هي فرصتي في التخلص من طقس جهنم المذيعة .فباشرت في مساومة الخطيب بمكر قلت له إن تحكِ لي قصة السّقاء جارك أحكِ لك َ سرَّ معرفة خطيبتكَ بكل حركاتك .رضخ الخطيب لمساومتي وقال :هذا الرجل كان أحد المسؤولين في مرحلة ولى مجد رجالها ولما كان في عزه كان مهووساً بتسلطه وعجرفته ،ولأن الزمن دولاب فقد دار عليه، ولأن الزّمّار يموت وأصابعه تلعب كما يقول المثل فلم يستطع التخلص من عادة التسلط وحبه المرضيين فابتكر عملية استغلال عطش الناس ليمارس سلطته و عجرفته ، وكما تعلم المسؤول عندنا خُلق للسلطة، و سيبقى ….فلن يستطيع التخلي عن روحه القياديّة بأيّة طريقة كانت ........ إذاً هل عرفتم كيف ستخضر صحارينا،وتُحلُّ مشكلة نقص الماء لدينا، فعندما تطيح أمريكا بأول أعدائها سيدفعها حبٌّ التسلّط، و عجرفتها إلى المزيد من الإطاحات ، وهكذا سوف يتغير ما شاء الله من المسؤولين الذين لا يستطيعون الحياة دون ممارسة السلطة،و لو ببيع الماء مجّاناً لذلك سينتشرون على قارعة الطرقات و في الصحاري، يسقون الناس ليمارسوا آخر نزعات سلطتهم،و بإذن الله ستمتلئ بلادنا بالماء،و يخرج من بني جلدتنا روائي فحل يوم عزّت الفحولة يكسر رأس ماركيز و منفخة أمريكا اللا تينية بالرواية السحريّة، ويكتب خريفات البطارقة وفنتازيا سقائي الصحراء .
خالد زغريت
إضافة تعليق جديد