قبض الرواتب في سوريا.. أسباب المشكلة وسبل العلاج
تعد مشكلة الوصول إلى الراتب وقبض المعاش، سواء كان للموظفين القائمين على رأس عملهم، أم للمتقاعدين، مشكلة تواجه الموظف مع كل استحقاق قبض شهري، وذلك جراء الازدحام الذي يتشكل أمام الصراف. ويبقى السؤال ما هي الأسباب وكيف يمكن أن يكون الحل؟
الأسباب الإجرائية والهيكلية للمشكلة:
لا يمكن إحالة أسباب الازدحام أمام صرافات البنك العقاري إلى الأسباب والعوامل الفنية والإجرائية فقط، كتلك التي تتعلق بأعمال الصيانة، ونقص التغذية، وعدم توفر السيارات والسائقين بالعدد الكافي والمطلوب، من كل ذلك إلى النقص الكبير في مخصصات البنزين إذ لا تتجاوز مخصصات الوقود الشهرية لسيارة التغذية الواحدة (65) لتر/شهرياً، وهي بالمجمل صعوبات وتحديات جوهرية تواجه المصرف منذ سنوات، وقد أشرنا إليها ورفعنا بخصوصها العديد من الكتب والمطالبات منذ أكثر من سنة ونصف، إلا أنها ماتزال قيد المعالجة.
لكن لمشكلة الصرافات مضموناً آخر يتعلق بالبنية التقنية والكفاية التكنولوجية إذ يوجد لدى البنك العقاري الآن، وبعد أن تمّ تركيب عدداً من الصرافات الجديدة حوالي (200) صراف، وهذه الصرافات شغالة بصورة طبيعية وعلى مدار الساعة، يخرج من العمل عدد منها بصورة شبه دائمة، ولفترة مؤقتة حوالي (25-30) صراف بسبب انقطاع التيار الكهربائي في مناطق مختلفة، وتعود للعمل بمجرد عودة الكهرباء. ما يعني أن عدد الصرافات المشتغلة بصورة دائمة هي حوالي (175) صراف. بالمقابل يوجد في سوريا حوالي (470000) راتب موطن، يتوجه هؤلاء لقبض الرواتب بصورة اعتيادية بتاريخ التوطين تماماً، وربما بيوم واحد وساعة واحدة أو أربع ساعات على أبعد حد، ما يعني أن متوسط نصيب الصراف من الزبائن يبلغ (2688) موظف وستبلغ كتلة الأموال التي ستُطلب من الصراف الواحد بالمتوسط حوالي (161) مليون ل.س في مدة لا تتجاوز يوم إلى يومين، وإذا ما أخذنا بالحسبان أن مدة العملية تستغرق بالمتوسط دقيقة واحدة، فهذا يعني أن عدد ساعات العمل لكل صراف حوالي (45) ساعة عمل أي حوالي (5) أيام عمل متواصلة.
طبعاً إن الموظفين لا يُلامون بتدافعه للصراف لقبض الراتب بمجرد استحقاق التاريخ المعتاد، لأنهم بمجملهم من محدودي الدخل والإمكانات، وغالبيتهم ليس لديه إمكانية تأجيل القبض ليوم لاحق، إذ لوكان لديه الإمكانية لجنب نفسه عناء الانتظار وتحمل مخاطر وباء كورونا.
الحلول وسبل العلاج
تسعى الإدارة العامة للبنك العقاري، لإيجاد حل استراتيجي لتخفيف مظاهر الازدحام أمام الصرافات منذ بعض الوقت، وفي إطار الإجراءات العملية، اتجهت إدارة البنك نحو تنفيذ مجموعة من الخطوات، يمكن عرضها عن طريق الآتي:
1.برام عقود صيانة جديدة مع شركات صيانة، وذلك بعد إن تم التوقف عن العمل بمضمون عقد الصيانة السابق بعد صدور البلاغ (37)، الذي طالب المؤسسات والشركات العامة، بالتوقف عن العمل بالعقود بالتراضي الجارية، والتوجه نحو إبرام عقود جديدة، وذلك بناء على أصول التعاقد القانونية، وفي ضوء الحاجة التي يجب أن تعرض أصولاً كمرفق مع العقد، بموجب مذكرة تبريرية فنية ومالية وقانونية، وقد تمَّ استئناف أعمال الصيانة بصورة طبيعية.
2.تمَّ توريد (100) صراف جديد، من الصين، وقد جرى توزيعها على جميع المحافظات السورية وتمَّ تركيب (60) صراف منها في المحافظات الآتية: طرطوس وحماه وحمص واللاذقية ودمشق وريف دمشق، وتم نقل صرافين إلى درعا، وصرافين إلى الحسكة، وهناك عدد من الصرافات قيد الترحيل إلى محافظة حلب.
3.تم الاتفاق بين إدارتي البنك العقاري والبنك التجاري، على تنفيذ الربط بين شبكة صرافات البنك العقاري وصرافات البنك التجاري، وبذلك سيصبح في غضون أيام من المتاح لجميع العاملين في الدولة الموطنين رواتبهم، سواء كان في المصرف التجاري، أم في المصرف العقاري أم الصناعي والتسليف، المتقاعدين، أومن هم على رأس عملهم، أن يقبضوا رواتبهم عن طريق صرافات البنك العقاري أو البنك التجاري، أوعن طريق نقاط البيع التابعة للبنك العقاري في مراكز البريد.
4.بتاريخ (4/2/2020) تم تنظيم اتفاقية تعاون بين البنك العقاري وبين المؤسسة العامة للبريد، لتقبيض رواتب الموظفين الموطَّنة لدى البنك العقاري، عن طريق نقاط بيع معينة، يتم تركيبها في مراكز البريد، في عموم الجغرافيا السورية، إذ سيقوم البنك العقاري بموجب الاتفاقية المذكورة، بتسليم المؤسسة العامة للبريد حوالي (200) جهاز (P.O.S). وهذا الخيار لا يُعدُّ بديلاً للصرافات، بل خياراً إضافياً مكملاً لها. وتجدر الإشارة إلى أن سريان الاتفاقية بين البنك العقاري والمؤسسة العامة للبريد، كان يحتاج إلى موافقة مصرف سورية المركزي. وقد وردت الموافقة على الاتفاقية بتاريخ (8/4/2020)، وبذلك أصبح العمل بموجب الاتفاقية وتنفيذها أمراً سارياً، وقد تمَ استكمال بعض الإجراءات اللوجستية، وسيبدأ العمل بها منتصف الأسبوع القادم، بداية من محافظة ريف دمشق، وتباعاً وفي غضون أيام سيجري الانتشار في جميع المحافظات السورية.
ما يعني أنه أصبح من الممكن لأي مواطن في الريف السوري أو في المدن، أن يقبض راتبه عن طريق صراف البنك العقاري، أوعن طريق نقاط البيع في البريد إن رغب في ذلك، وهذا سيوفر عناءً ومالاً وأعباءً نفسية ومادية وصحية بالنسبة لأبناء القرى والتجمعات السكانية في عموم الريف السوري، وسيساعد في تخفيف الضغط السكاني على المدينة، وسيقلل من الازدحام في مراكز المدن والمحافظات.
5.يتابع البنك العقاري تنفيذ خطة بتركيب صرافات في الريف السوري، حيث تم تركيب صرافات في صحنايا وصرافاتٌ أخرى في طريقها إلى سلحب والسلمية وضاحية قدسيا وجديدة عرطوز والقرداحة.
د. مدين علي
إضافة تعليق جديد