في اليوم العالمي لمكافحة الإدمان.. عواقب جسيمة وأمل بالعلاج
يصادف السادس والعشرين من حزيران من كل عام اليوم العالمي لمكافحة الإدمان، والذي قررته الجمعية العامة منذ عام 1987، تحت اسم “اليوم الدولي لمكافحة استخدام المخدرات والاتجار غير المشروع بها”، وجاء ذلك بغرض “تعزيز العمل والتعاون من أجل تحقيق هدف إقامة مجتمع دولي خال من استخدام المخدرات”.
ويبين الطبيب النفسي حسين موسى أنه “لم يعد يوجد مصطلح الإدمان كتشخيص طبي منذ عام 1964، بل حل محله مصطلح الاعتماد”.
ويشرح الدكتور موسى في حديثه أنه “يمكن تعريف الاعتماد بأنه مجموعة من الظواهر الفيزيولوجية الجسمانية والمعرفية والسلوكية يتخذ فيها استخدام مادة ما لدى الفرد أولوية عليا مقارنة بممارسات أو سلوكيات سابقة كانت لها القيمة الأكبر، وتتضمن تلك المظاهر الرغبة الملحة والتوق الشديد لاستخدام تلك المادة”.
ويوضح الدكتور موسى أنه “على الرغم من شيوع اقتران الإدمان بمصطلح المخدرات، إلا أن المواد التي تؤدي لمتلازمة الاعتماد ليست جميعها ذات أثر مخدر، بل إن بعضها منشط، تؤدي لزيادة التيقظ، لذلك يتم استخدام مصطلح مواد فعالة نفسياً”.
ويشيع استخدام بعض المواد كالمشروبات الكحولية والتبغ والمشروبات المنبهة وبعضها له استخدامات طبية كالمهدئات وبعض المشتقات الأفيونية، وبالمقابل توجد عدة مواد فعالة نفسياً استخدامها غير مشروع كالقنبيات التي تعتبر أكثر مادة غير مشروعة استخداماً”.
وينجم عن الاعتماد على تلك المواد، الاعتماد عن عوامل نفسية تدفع الشخص في البداية لتناول هذه المادة أو تلك.
ووفقاً للدكتور موسى، يعني ذلك أن “يعاني المدمن قلقاً مفرطاً يدفعه لتناول مادة تخفف من قلقه وتحسن نوعية نومه، لكن للعوامل البيولوجية الجسمانية دور أيضاً، فالوراثة تساهم، وتلعب الآليات البيولوجية في الدماغ دوراً رئيسياً عن طريق ربط المشاعر المرغوبة أو السارة بتناول المادة مما يؤدي لتفعيل ما تسمى دارة المكافأة في الدماغ، والتي تتفعل بشكل طبيعي عند تحقيق نجاح مأمول او نيل مكافأة سارة”.
وينوه الطبيب موسى أنه يجب “عدم إغفال مساهمة العوامل الاجتماعية، كرفاق السوء وتعرض الشخص لشدات نفسية، حيث ازدادت بشكل ملفت في السنين الأخيرة نسب الاعتماد على المواد في سوريا بتزايد الأحداث المسببة لتفاقم المعاناة من شدات واضطرابات نفسية”.
وتتمثل أعراض الإدمان، بأعراض السحب ( المعروفة بالعامية باسم الكريزا) نتيجة الانقطاع عن الاستخدام المتكرر للمادة، والتي تتفاوت بين مادة وأخرى، كأن يصاب بالأرق بعد انقطاعه عن تناول المنومات أو يعاني آلاماً جسدية بعد انقطاعه عن المسكنات الأفيونية ذات التأثير العصبي المركزي.
ويبدي الشخص المدمن سلوكاً اعتمادياً يتضمن البحث المستمر عن المادة أو إعاضتها أو تناولها رغم أي مخاطر.
وتنشأ عن إدمان المواد المخدرة عواقب منها ما تكون صحية جسدية عاجلة كالتسمم بفرط الجرعة أو بعيدة المدى كالتشمع الكبدي نتيجة الاعتماد الكحولي، كما يساهم التبغ بموت اكثر من خمسة ملايين إنسان حول العالم.
وتكون بعض الآثار نفسية كالهياج والعنف تجاه الآخرين للحصول على المادة، أو اضطراب المزاج أو اضطراب النوم.
وتتجلى على الصعيد الاجتماعي بعض العواقب منها إهمال المحيط والعلاقات الاجتماعية وتفاقم مشاكل أسرية وتدهور الأداء المهني أو خسارة العمل لصالح اهتمامه بالمادة واعتماده عليها.
ويقول الطبيب موسى إنه “لا بد من القول، إن الإدمان أو الاعتماد مشكلة لا يتحمل مسؤوليتها الفرد الذي بلغ معاناته منها، بل هي مشكلة اجتماعية وهي تضافر عدة عوامل تتطلب العلاج على جميع المستويات”.
وينصح الدكتور موسى كل شخص يعاني من مشاكل الإدمان، بأن “الأمل موجد بالخلاص من هذه المعاناة مهما بلغت درجاتها، وأننا سنحاول ما استطعنا مساعدته في اجتياز مرحلة الاضطراب نحو عودته الصحية لأسرته وعمله وفعاليته الاجتماعية”.
وتنشط في سوريا عدة مستشفيات لعلاج الإدمان، منها مستشفى ابن خلدون في حلب، وابن رشد والشعبة النفسية في مشفى المواساة بدمشق.
الجدير بالذكر أنه خلال السنوات الأخيرة أحبطت العديد من عمليات تهريب المواد المخدرة التي اتجهت من سوريا إلى الأردن أومصر والعراق وغيرها، فيما احبط العام الماضي خفر السواحل اليوناني تهريب أكبر شحنة مخدرات في العالم بقيمة نصف مليار يورو خارجة من سوريا.
لين السعدي - الخبر
إضافة تعليق جديد