فقر الدم... أنسجة الجسم بلا أوكسيجين
فقر الدم هو حالة طبية تتميز بعدم وجود كمية كافية من كريات الدم الحمر من أجل حمل الأوكسيجين ونقله إلى مختلف أنسجة الجسم، وعندما لا تتلقى الأخيرة ما تحتاجه من الغاز المذكور فإن الشخص يعاني عوارض متنوعة، أبرزها: التعب، والإرهاق، والشحوب، وخفقان القلب السريع، وضيق في التنفس، وألم في الصدر، والدوخة، وبرودة في اليدين والقدمين، والصداع، وقلة التركيز، والتشوش الذهني.
ولا تكون عوارض فقر الدم في البداية واضحة بل مخاتلة تتفاقم مع مرور الوقت.
ويتصور بعضهم أن فقر الدم ليس مرضاً خطيراً، وهذا خطأ، ففقر الدم يمكن أن يكون في منتهى الخطورة، بل يكون قاتلاً في بعض الأحيان في حال إهماله وعدم علاجه لأنه يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات ومضاعفات جانبية، أهمها:
- وهن شديد يجعل صاحبه طريح الفراش وعاجزاً عن القيام بأبسط واجباته اليومية.
- اختلاطات في القلب، وتكون هذه في البداية على شكل تسارع في نبضات القلب وعدم انتظامها، نتيجة العبء الذي يتركه فقر الدم على القلب الذي يضطر إلى ضخ كمية أكبر من الدم للتعويض عن نقص الأوكسيجين الحاصل في الدم، وإذا لم يتم تلافي هذا الأمر في الوقت المناسب فإن فشل العضلة القلبية حاصل لا محالة.
- تضرر الأعصاب وخلل في الوظائف الدماغية في فقر الدم الناجم عن نقص الفيتامين ب12.
- خطر الموت في فقر الدم الوراثي.
وفقر الدم ليس نوعاً واحداً بل هو أنواع، تبعاً للعوامل المسببة:
1- فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، وهو من أكثر أنواع فقر الدم شيوعاً، ويقدر عدد المصابين به في العالم بأكثر من 700 مليون شخص. ويعد النزف، وسوء التغذية، وسوء الامتصاص في الأمعاء، والإصابة بالطفيليات، والتبرع المتكرر بالدم، والحمل، والرضاعة، والدورة الشهرية، من أهم الأسباب المؤدية إلى هذا النوع من فقر الدم.
ما هو علاجه؟ يقوم علاج فقر الدم بنقص الحديد على نقطتين أساسيتين هما: تعويض نقص الحديد، وعلاج السبب الذي قاد إلى حصول هذا النقص، فهذان الأمران يجب أن يتزامنا بهدف التخلص من المشكلة.
ويتم تعويض النقص في الحديد بتناول الأدوية النوعية من أجل تعبئة مخازن الحديد الفارغة في الجسم إلى جانب التركيز على الأطعمة الغنية بالحديد، مثل الكبد واللحوم الحمراء ولحم الدجاج وأصداف البحر والخضروات الورقية الخضراء. وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية تناول الفواكه الحمضية لأنها تساعد في امتصاص الحديد من قبل الأمعاء.
2- فقر الدم بنقص الفيتامين ب12، وهو يشاهد عند النباتيين وكبار السن ومرضى التهاب المعدة والذين تعرضوا لاستئصال جزئي في المعدة والأشخاص الذين يغيب عندهم بروتين ضروري لامتصاص الفيتامين المذكور يدعى بالعامل الأساسي. وإذا لم يتم تدارك نقص الفيتامين فإن المريض يعاني من مشكلات عصبية، كصعوبة المشي، وعدم القدرة على التركيز، والاكتئاب، وفقدان الذاكرة.
ما هو علاجه؟ يتم العلاج بإعطاء حقن الفيتامين ب12 مرة واحدة شهرياً.
3- فقر الدم المنجلي، وهو داء وراثي ينتج من وجود خلل في مادة الهيموغلوبين التي تجعل خلايا الدم الحمر بشكل يشبه المنجل، ما يتسبب في موتها قبل الأوان. ويشكل هذا النوع من فقر الدم خطراً على المريض إذ يأتي على شكل نوبات قاسية مؤلمة يمكن أن تهدد الحياة جراء التعرض لاختلاطات خطيرة، مثل السكتة الدماغية والعدوى والمشاكل الرئوية. وغالباً ما يشخص فقر الدم المنجلي أثناء الحمل أو بعد الولادة مباشرة.
ما هو علاجه؟ يحتاج المصابون بفقر الدم المنجلي إلى رعاية خاصة طيلة الحياة تؤمن تسكين الألم، وتقليل خطر الإصابة بالعدوى، ونقل الدم، وإعطاء أدوية خاصة عند الحاجة.
4- فقر الدم بسبب فشل نخاع العظم في إنتاج خلايا الدم، ومن بينها كريات الدم الحمر. ويمكن أن يقود هذا النوع إلى مضاعفات خطيرة، أشهرها نقص المناعة، والنزف، وفشل أعضاء الجسم.
ما علاجه؟ زرع نخاع العظم لتمكين الجسم من إنتاج خلايا دم جديدة.
5- فقر الدم الناجم عن التسمم بالرصاص، ويؤدي إلى المعاناة من آلام في البطن، ومن الإمساك، ومن التقيؤات، ومن الاختلاجات خصوصاً عند الأطفال.
ما علاجه؟ إعطاء الترياق المضاد للرصاص الذي يرتبط معه وبالتالي العمل على طرده من الجسم.
6- فقر الدم الانحلالي، وينتج من تكسر كريات الحمر بـــسرعة تفوق قدرة نخاع العظم على إنتاج خلايا جديدة تحل محل الخلايا التالفة. وينتج فقر الدم الانحلالي من عوامل وراثية أو عن قوى خارجية كمرض الملاريا أو الأدوية.
يتم علاجه بعلاج السبب الكامن وراءه، وقد يحتاج بعض المرضى إلى نقل الدم. والمهم هنا عدم وصف أدوية يمكن أن تقود إلى تكسر كريات الدم الحمر. وقد يحتاج بعض المرضى إلى استئصال الطحال.
7- فقر الدم التالي للإصابة بأمراض مزمنة، مثل الفشل الكلوي، والسرطان، وداء كراون، ومرض السل، وأمراض المناعة الذاتية وغيرها.
ما علاجه؟ السيطرة على المرض المؤدي إلى فقر الدم. وإذا كانت عوارض فقر الدم شديدة فإن نقل الدم أو وصف أدوية نوعية لا تخفى على الطبيب.
في المختصر، إن فقر الدم لا يحدث بسبب نقص الحديد فقط كما يشاع، بل هناك أنواع أخرى لا علاقة للحديد بها. ويشخًص فقر الدم بناء على القصة المرضية، إضافة إلى الفحوص المخبرية التي تعطي تفاصيل نوعية تساعد كثيراً في وضع التشخيص الصحيح للمرض ونوعه وبالتالي إلى وصف العلاج المــناسب لكل نوع.
د. أنور نعمة
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد