على “بسطة صغيرة”.. طفلة سورية تعمل وتتفوق في دراستها
على جانب الطريق، في أحد أحياء مدينة اللاذقية، تقف أسماء (طفلة في ربيعها العاشر) عند هذه البسطة الصغيرة متجاوزة كل الأطفال الذين يمرّون أمامها حاملين معهم ألعابهم وآمالهم، لتبيع مع والدها الاحتياجات المنزلية البسيطة.
كحال ملايين السوريين الذين أجبرتهم الحرب على ترك منازلهم، نزحت عائلة الطفلة أسماء من حلب إلى اللاذقية منذ أربع سنوات، لتسكن في منزل بالإيجار وتجني قوت يومها من العمل اليومي و «رزقة الله» كما يصف والد أسماء، مضيفاً أنّه يعمل صباحاً في بقالية لبيع الخضار والفواكه، ومساء يبيع الأواني الزجاجية وبعض المستلزمات البلاستيكية المنزلية على لوح خشبي جانب المنزل الذي يستأجره.
أُصيب الأب بصدمة نفسية كبيرة عند خسارته محاله التجارية وسيارته ومنزله في حلب، إلّا أن متطلبات الحياة تضطر المرء لتجاوز كل ما يصيبه، أمّا «رزقة الله» جاءت هذه المرة على هيئة شهادات امتياز من معلِّمات أسماء في المدرسة لتفوقها وحصدها المركز الأول في المدرسة «يقول الأب»، الأمر الذي يجعله أكثر اطمئناناً على مستقبلها رغم الظروف المادية التي تصعب عليه تخصيص معلِّمات في المنزل أو التسجيل في المعاهد، حيث تخصِّص أسماء وقت لعبها في الفرصة المدرسية لتتفرغ للعمل والدراسة عند عودتها دون أن يشعرها ذلك بحاجة إضافية للعب كما باقي أبناء جيلها.
آخر تقرير لـ «اليونيسيف» حول تعليم الأطفال قال إن 2.1 مليون طفل سوري يعيشون خارج مقاعد الدراسة في سوريا، ولفت التقرير إلى أنّ أكثر من نصف الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان، موجودون خارج المدرسة لاضطرارهم للعمل لسدّ لقمة العيش، أو بسبب تنقُّل العائلة المستمر، أو لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف المواصلات إلى المدرسة.
يعلِّق والد أسماء حول تقرير «اليونيسيف» : «صحيح أن الحرب تفرض أشياء ليست بيدنا، لكنّي بذلت كل شيء في سبيل ابنتي»; معتبراً أن الحرب ليست وحدها سبباً في ابتعاد الأطفال عن المدارس، محمِّلاً الأهل مسؤولية كبيرة في ذلك، خاصة الذين يُجبرون أولادهم على التسوّل والعمل على حساب التعليم.
لا يهم إن كثر عدد الزبائن أو تشعّبت مشترياتهم، فالطفلة البائعة تبدع في حساب ثمن كل ما تريده دون الحاجة إلى آلة حاسبة، تقول أسماء «اصطَحِب الكتب والدفاتر إلى مكان العمل مع والدي ويومياً أُنهي وظائفي وأساعد أبي»، على أمل أن تدخل الجامعة في المستقبل وتدرس الصيدلة فيها.
هاشتاغ سوريا
إضافة تعليق جديد