على ذمة د.محمد جمعة ليرتنا متينة
لقد أثبتت لكم التجربة بشكل واضح وجلي أن ما شهدته الأسواق النقدية في سورية من أزمة انخفاض لسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي في الربع الأخير من العام الماضي نتيجة الطلب غير العادي لشراء الدولار الأميركي من قبل صغار المدخرين لا يعدو عن كونه ظاهرة مؤقتة ترافقت مع حملة من الإشاعات المغرضة التي استغلها بعض المضاربين في السوق غير النظامية وأدت إلى ارتفاع مصطنع ومؤقت في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي. وأنا على يقين بأن التطورات والتحسن الكبير الذي طرأ على سعر الصرف الخارجي لليرة السورية تجاه الدولار الأميركي والذي وصل إلى حدود 5000 ل.س للدولار الأميركي الواحد وأدى إلى تكبيد السواد الأعظم منكم خسائر جمة نتيجة انجرافهم وراء أولئك المغرضين سيلغي بل وسيقضي نهائيا على ظاهرة التهافت غير المبرر على شراء الدولار الأميركي فضلاً عن أن ثقافة المواطنة والهم والشرف الوطني ستشكل حاجزاً يحول دون ذلك . ويكفي أن نقول إن من يدافع عن قوة ومتانة عملة بلاده توازي تماماً من يدافع عن شرفه . فصحيح أن العملة القوية لأي بلد تعكس في الواقع قوة وتوازن الاقتصاد الكلي لذلك البلد ، ولكن مستوى القدرات الإنتاجية وحجم ونسبة نمو الدخل القومي ونسب الاستهلاك والادخار والشؤون المتعلقة بالاستثمار وأوضاع التجارة الخارجية ووضع الموازنة العامة للدولة لا يقارن تأثيرها السلبي أو الإيجابي على قوة العملة الوطنية بمدى تأثير الحالة النفسية للمواطن وثقته بعملته الوطنية .كما أنه لا يخفى على أحد منكم أن هناك قوى خارجية لم تتوقف في يوم من الأيام عن محاولة إضعاف الاقتصاد السوري بكل الوسائل بما في ذلك نشر الإشاعات لإخافة الناس. إلا إن هذه الأساليب التي فشلت في السابق لن تتمكن من تحقيق أوهامها اليوم أو في المستقبل مؤكداً على أن القاعدة الأساسية التي يقف عليها اقتصاد البلاد هي قوية جداً ومنيعة؟.
وليطمئن الجميع بأن عملية الإصلاح النقدي الشامل التي انطلق بها مجلس النقد والتسليف في السنوات الأخيرة والتي يحتل فيها سعر الصرف الخارجي لليرة السورية مكانة رئيسية ستؤدي إلى التوصل إلى سعر صرف خارجي موحد لليرة السورية قوي وقائم على مقومات علمية تكفل له الثبات والاستقرار المستمر نظراً لما لهذا الأمر من أهمية رئيسية بالنسبة لجميع القطاعات الاقتصادية المنتجة والمصدرة ولعموم المواطنين؟.
وتجدر الإشارة إلى أن لدينا احتياطيات كبيرة من القطع الأجنبي تكفي لمواجهة كل أمر طارئ فضلاً عن أن موجودات القطر حالياً من العملات الأجنبية هي اكبر بكثير مما نص عليه القانون الجديد للنقد والتسليف وأن نسبة التغطية للنقد السوري هي حالياً من أعلى النسب المعتمدة عالمياً. هذا في الوقت التي تقوم فيه سورية بمواجهة جميع التزامات الدفع الخارجية بمواعيدها المحددة إضافة إلى أن البلاد قد سددت معظم المديونيات الخارجية القديمة التي كانت معلقة سابقاً؟،
كما أن انتهاج المصارف التجارية في سورية أسلوب البيع والشراء والتمويل للعمليات والصفقات بالقطع الأجنبي لكافة القطاعات، ساهم بشكل كبير في تذليل الاختناق القائم ولاسيما في عمليات تمويل القطاع الخاص وسيلبي طلبات الفعاليات الاقتصادية المختلفة والطلبات العادية للمواطنين؟.
وفي مطلق الأحوال فإنني أؤكد مجدداً سلامة الوضع النقدي وستثبت لكم الأيام القادمة مدى الاستقرار في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي والتي ستبدد أوهام المشككين بمتانة النقد الوطني.
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد