شيلبا الجميلة تفضح قبح ديمقراطية بريطانيا العريقة

قبل ان تشارك في برنامج «الأخ الأكبر», الذي تعرضه «القناة الرابعة» في بريطانيا, لم تكن شيلبا شيتي اكثر من نجمة هندية. في اعقاب هذه المشاركة صارت قضية في حجم ازمة سياسية بين الهند وبريطانيا. ولأن البرنامج ينتمي الى «التلفزيون الواقعي» فقد عكست المشكلة التي فجّرتها شيلبا الوجه العنصري البشع للمجتمع البريطاني وأحدثت ضجة لم تهدأ بعد. ما القصة؟

لم تكن شيلبا شيتي تتصور ان اشتراكها مطلع هذا العام في برنامج «الأخ الأكبر» التلفزيوني الذي تبثه «القناة» €تلفزيون الواقع البريطاني€ وتعرضها خلاله لتعليقات عنصرية ساخرة من قبل بعض المتباريات الأخريات سوف يتحول الى جدال حاد وواسع في بريطانيا تتردد اصداؤه في مجلس العموم وداونينغ ستريت ويتشعب ليصل الى مسقط رأسها الهند, ويكاد ان يحدث ازمة دبلوماسية بين البلدين ويلحق ضرراً فادحاً بعلاقاتهما الخارجية.
كانت تهدف من مشاركتها مقابل 31.5 مليون روبية €ما يعادل 367.500 جنيه استرليني€ كما صرحت لمقدمة البرنامج ان تحتفظ باحترامها الذاتي وكرامتها وتجعل مواطنيها الهنود يفتخرون بها, لكن الامور سارت بخلاف ما كانت النجمة السينمائية الهندية الصاعدة تتوقع, اخذن يسخرن من لكنتها الانكليزية, وينعتنها بعبارات بذيئة, ويتهمنها بأنها تريد ان تكون بيضاء البشرة, ويرفضن تناول الطعام الذي تعده, ويعترضن على لمسها الطعام الذي يحضرنه, وقد سخرت احداهن منها بالقول «ألا يستخدم هؤلاء القوم ايديهم لتناول الطعام, ام ان الصينيين هم الذين يفعلون ذلك؟» وفي احدى المرات رمت شيلبا بفضلات الطعام في المرحاض فقالت لها احدى المتباريات «عليك الآن التقاطها باسنانك», ولم تجد شيلبا للرد سوى القول «سوف استخدم اسناني لأغراض اخرى».
وقد شوهدت النجمة الهندية تجهش بالبكاء مرات عدة, واشتكت قائلة «لست ادري لماذا يكرهنني؟ اشعر انني افقد كرامتي. انا الوحيدة التي يعاملنها معاملة سيئة. اخشى ان اقول شيئاً. انهن يدفعنني الى الهاوية». ومع ذلك استمرت المضايقات, فبعد يومين قالت لها المتبارية جيد غودي «انت كاذبة ومزيفة. انت لست اميرة. انك امرأة عادية هنا. انت في حاجة لأن تمضي يوماً مع الفقراء. اذهبي الى وسطك وكوني حقيقية». وقالت لها متبارية اخرى, هي دانيال لويد «اعتقد ان عليك العودة الى ديارك».
هذه بعض النماذج للمضايقات العنصرية التي تعرضت لها شيلبا, والتي حملت عضو مجلس العموم كيث فاز الى ان يتقدم باستجواب يقول فيه «لا يمكننا السماح بعنصرية في برنامج تلفزيوني يشاهده ملايين الناس. وقال رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير «اننا نعارض كل اشكال العنصرية», وقالت وزيرة الثقافة البريطانية «اعتقد ان تحول العنصرية الى مسألة ترفيهية امر مقرف». اما وزير المال البريطاني غوردون براون الذي كان يقوم بزيارة الهند, فقد وصف ما حصل بالعمل العدائي الذي يتنافى مع القيم البريطانية التي تقوم على العدالة والمساواة والتسامح, فيما قدم وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية فاند شما مذكرة احتجاج الى الحكومة البريطانية حذر فيها من الاساءة الى العلاقات البريطانية ­ الهندية.
وكانت ثمة ردود فعل اخرى متفاوتة, احدى المتباريات السابقات اعتبرت ان المعاملة السيئة التي تعرضت لها شيلبا ناتجة عن غيرة زميلاتها من جمالها ونجاحها, فيما صرح منتج الافلام الهندي مابيش بهاط لاحدى الصحف الهندية «اعتقد ان ليس بامكان أحد ان يهينك الا اذا سمحت له بذلك. لقد دفعت شيلبا شطي ثمن محاولاتها اليائسة لارضاء الغرب. من المؤسف ان احدهم يجثو على قدميه ويلحس أحذية الغربيين ليكون جزءاً من عالمهم». فيما نفت ادارة «القناة 4» ان تكون هناك مضايقات عنصرية ضد شيلبا واعتبرت ان الامر مجرد تصادم بينها وبين بقية المتباريات. وقد تراجعت شيلبا لاحقاً عن اتهاماتها السابقة واعادت الامر الى «ان الناس يقولون في حالات الغضب اشياء لا يعنونها».
النجمة الهندية التي حركت كل هذه الدوائر الحارة في البركة البريطانية الهادئة والباردة هي من مواليد 8 حزيران €يونيو€ 1975. لغتها الاساسية هي التولو, لكنها تتقن عشر لغات اخرى في عدادها الانكليزية, وعدد من اللغات الهندية المتنوعة, كما انها ملمة بالفرنسية. درست في مدرسة سانت انطوني, ثم في معهد بودار حيث ترأست فريق كرة السلة €يبلغ طولها 1.78 متراً€ وحصلت على الحزام الاسود في رياضة الكاراتيه.
بدأت حياتها الفنية وهي في السادسة عشرة من عمرها كعارضة لترويج مشروبات غير روحية, وقد لفت ظهورها الاعلامي المسؤولين في صناعة الافلام الهندية €بوليوود€ فأسند اليها دور ثانوي في فيلم «اللاعب» مع الممثل الهندي المشهور شاه روخ خان الذي لاقى نجاحاً منقطع النظير. اثر ذلك لعبت ادواراً رئيسيةً في افلام ناجحة اخرى مثل «انا اللاعب وانت المهرج» و«سنلتقي ثانية». كما رشحت لنيل العديد من الجوائز, في عدادها جائزة الاكاديمية الدولية للافلام الهندية, واختيرت حكماً في عدد من المسابقات التلفزيونية, وآخر فيلم مثلت فيه هو «عشرة» الذي لعبت فيه مع كبار الممثلين الهنود من امثال سانجاي دات وابهيشك بشان.
الى جانب اعمالها الفنية نشطت شيلبا في حملات التوعية ضد «الايدز» وفي عدادها برنامج لهيئة الاذاعة البريطانية وقد فسرت مشاركتها بقولها «اريد ان اظهر تضامني مع المصابين بالايدز, وسوف اقوم بكل ما يلزم ليشعروا بأنهم اشخاص مرغوب فيهم».
كما شاركت شيلبا في الحملات الاعلامية المناهضة لاستخدام الحيوانات البرية في السيركات التي تنظمها منظمة بيتا, وتقول في هذا الصدد «هذه الحيوانات كانت تتمتع بالكرامة في السابق, لكنها حالياً لا تغادر اقفاصها التي لا تكاد ان تتسع لها إلا لدقائق معدودة في اليوم لاداء حركات لا تستسيغها ولا معنى لها على الحلبة. وافضل طريقة لوقف تعذيب الحيوانات في السيركات هي مقاطعة هذه السيركات». وما حصل لشيلبا في العاصمة البريطانية لم يكن المرة الاولى التي يثار فيها لغط بشأنها, ففي العام 2003 اتهم والداها بأن لهما صلات مع العصابات الهندية, واصدرت الشرطة مذكرة توقيف بحقهما بتهمة الابتزاز, ولا تزال القضية عالقة في المحاكم الى الآن. وفي نيسان €ابريل€ الماضي اصدرت محكمة هندية مذكرة جلب بحقها لنشر احدى المجلات الهندية صوراً جنسية فاضحة لها مع ممثلة هندية اخرى, وطلب القضاء اتلاف هذه الصور. وقد نفت شيلبا التهمة مؤكدة ان الصور المنشورة مأخوذة من فيلم مثلت فيه اخيراً, وقالت «اين الفحش في هذه الصور. اذا كان إظهار السرة عملاً فاحشاً فعلينا الامتناع عن ارتداء ثوبنا التقليدي الساري». وغالباً ما تتحدث الصحف عن غرامياتها, ويذكر انها عندما كشفت عن عنوان بريدها الالكتروني للتواصل مع المعجبين بها تلقت اكثر من 20 الف طلب زواج في اقل من خمسة ايام, وقد ارتبطت في السابق بعلاقة غرامية مع الممثل اكشاي كومار, كما بدا ان علاقة رومانسية قد نشأت بينها وبين أحد المتبارين في برنامج «الأخ الأكبر», إلا انها لا تواعد احداً حالياً, وهي اعلنت انها لن تتزوج قبل ثلاث سنوات.
وحتى الآن تبدو شيلبا المستفيدة الرئيسية من الجدال القائم بشأنها, فقد تم استبعاد منافستها جيد غودي التي اعربت لاحقاً عن ندمها على ما تفوهت به ضدها, ويتوقع ان يتم هذا الاسبوع استبعاد منافستها الثانية ملكة جمال بريطانيا السابقة دانيال لويد, وغالب الاعتقاد ان تلقى جو ادميرا, وهي العضو الثالث في الشلة التي كانت تضايقها المصير نفسه لاحقاً.
ويبدو ان التداعيات لن تتوقف هنا, فقد اعلن صديق دانيال انه ينوي قطع علاقته بها خوفاً على سمعته ولأن لهذه العلاقة تأثيرات سلبية على مهنته كعارض وعلى علاقاته مع اقرانه غير البيض في الفريق الرياضي الذي ينتمي اليه, وسحب العقد مع دانيال للعمل كعارضة, كما سحب العطر الذي يحمل اسم جيد غوري, واعلنت شركة «كارفون ويرهاوس» انها قررت سحب رعايتها لبرنامج «الأخ الأكبر» فيما اخذت في المقابل العروض والدعوات تنهال على شيلبا.
ولقضية شيلبا وجوه اخرى لا تقل اهمية في بريطانيا هي الخسائر الضخمة التي تتعرض لها المؤسسات البريطانية من جراء المضايقات العنصرية والتحرشات الجنسية والتي تقدر بأكثر من ملياري جنيه استرليني سنوياً.
 

حسان كورية
المصدر: الكفاح العربي