سلوم حداد.. «مفرد بصيغة الجمع»
يحبّ الجمهور فيتابع، يكره فيغيّر. نموذج منطقي للمتابعة الرمضانية. فليس من السهل القول ماذا يفعل الممثل بالأدوار الموكلة إليه، المفترض أنه يفعل فيها الكثير!
يطلّ الممثل السوري سلوم حداد هذا الموسم في خمسة أعمال: «الندم»، و «زوال»، و «صدر الباز»، و «خاتون»، و «عابرو الضباب». تحدٍّ ليس من السهل تجاوزه تبعاً لعلاقة الجمهور الوطيدة مع الملل!
يواظب حداد في الاشتغال على أدواره ضمن خيارات غالباً ما تكون صائبة داعماً الثقة التي يشعر بها المخرجون تجاهه. ومن هذا المنطق يمكن الحكم على التقدير المتساوي لأدوار حدّاد جماهيرياً هذا الموسم.
لا تحتاج شخصية «أبو عبدو الغول» التي يؤديها حداد في «الندم» (إخراج الليث حجو كتابة حسن سامي يوسف وإنتاج سما الفن) إلى التأويل. على الرغم من مرور الدور بلحظات مريرة تتعلّق بالعائلة، لا يعتدّ حدّاد على المُشاهد ولا يسلبه راحته النفسية. يظهر ببراعة سلوك الرجل تاجر اللحوم ربّ العائلة تجاه زوجته وابنته بمنتهى الصدق، حتى ولو مال إلى المثالية في العموم. دفعت الحوارات لأن تكون غالبية المشاهد التي يؤديها حدّاد مكثّفة، ما من شأنه إظهار عمق الشخصية وخصوصيتها. يبدو أن الممثّل السوري لا يكفّ عن طرح الاقتراحات في موقع تصوير يديره مخرج دائم البحث عن طرق يختصر بها العالم المصوَّر، ليصبح اقتطاع كل ما هو غير ضروري منهجاً.
يحوّل حدّاد في «الندم» كما في «زوال» (إخراج أحمد ابراهيم أحمد، كتابة يحيى بيازي وزكي مارديني العمل وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني) الحدث إلى دورٍ يؤدّيه. ففي وقتٍ يسعى المخرج إلى إعطاء «زوال» شكلاً وبنية وتركيبة تشبه الواقع وتتفوّق عليه، يمثّل حداد صفات الدور ويتمثّلها، وكأن شخصية «عنز» موجهة إلى جمهورٍ يمتلك حيزاً من الشكّ في كل شيء حوله ما عدا قدراته الفكرية. هناك الكثير من الجوانب لا تزال محجوبة عن الشاشة حتى اللحظة في العمل، الأمر الذي يشكل بالنسبة لشخصية «عنز» استمرارية حقيقة ومصداقية؛ بينما في «خاتون» (إخراج تامر اسحق سيناريو طلال مارديني وسيف رضا حامد وإنتاج «غولدن لاين») يؤدي دور «الزعيم أبو العزّ»، شخصية مباشرة لا تحمل الكثير من الخفايا. يعيش «عنز» انفعالات سرية حسبما تقتضي طبيعة الدور على الورق؛ وعلى الشاشة يبرع في تجسيدها سواء بملامح الخجل أو متابعته مَن حوله بخوف قديم. لكن الشخصية بحدّ ذاتها تتحوّل ببطء، مقارنة مع «أبو عبدو الغول» الذي يهرم بسرعة.
في «صدر الباز» (إخراج تامر اسحق، كتابة رامي المدني وبتول ورد وإنتاج شركتي «الرجا» و«بارون») تتبدّل ملامح الشخصية مع تبدّل الفترات الزمنية للعمل. يؤدي حدّاد دور ابراهيم الذي يسجن ظلماً قرابة خمسة عشر عاماً بتهمة قتل زوجته، ويربي ابنته جورية في السجن حتى يصبح عمرها اثني عشر عاماً. تجتمع شخصيات «ابراهيم» و «عنز» و «أبو عبدو الغول» على أنها غير مستوحاة من الفرْض التسويقي الذي انتشر في السنوات الأخيرة. يؤدي حدّاد أدواراً تتّسم بالجدية في ملامح تُقدَّم «مثالية» لثلاثة نماذج من الرجال، كل منها يأتي لغرض مختلف عن الآخر.
يدرك كثيرون إلى أي مدى أصبحت الدراما السورية طيّعة تحتمل إقحام كل شيء في عصر الفضاء المفتوح على التسليع. فمتى يشعر صناع الدراما بالحاجة إلى الدفاع عن النوعيّة؟ سؤال كهذا قد يكون غير منصف بحق صناع دراما سوريين كثر يصرّون حتى اللحظة على الجديّة والانتقائية.
روز سليمان
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد