دليل المواطن ... الشاطر

25-05-2014

دليل المواطن ... الشاطر

الجمل ـ بشار بشير: تذكرت كتيباً كنت قد تصفحته منذ زمن بعيد اسمه  "دليل رجل الأعمال الدولي" ترد فيه نصائح لرجال الأعمال الذين يسافرون كثيراًعن كيفية التصرف الملائم في بلدان العالم بما يتناسب وعادات وتقاليد كل بلد. ومما يرد في هذا الكتيب: من غير المناسب أن تهدي شخصاً يابانياً هدية غالية فهذا يحرجه لأنه سيضطر أن يرد لك الهدية بهدية مثلها وقد لا يكون قادراً على تقديم هدية ثمينة. ومن غير المناسب في أغلب

دول أمريكا الجنوبية تقديم سيف أو خنجر كهدية لأن هذا يعني رغبتك في قطع العلاقة. هناك صفحات كثيرة في الكتيب عن الدول العربية وهذا ربما لكثرة المحاذير لدى المجتمعات العربية, ومما يورده الكتيب عن العرب: لا تقدم لرجل عربي هدايا لعائلته والأخص لزوجته ويفضل أن لا تسأله عنهم  (القصد هنا العربان وليس العرب المتمدنون), لايعتبر الموعد قائم مع العربي مالم يتم تأكيده لثلاث مرات متتابعة على الأقل. في إجتماع عمل مدته نصف ساعة تحدث لمدة نصف ساعة عن أي شيء إلا عن العمل ثم تحدث عن العمل وأتم الإتفاق وأنت تقف بجانب الباب أستعداداً للمغادرة بعد إنتهاء الإجتماع. هذا الكتاب ليس متحاملاً على العرب هو فقط يقدم نصائح لرجال الأعمال عن كيفية التصرف لئلا يتصرفوا دون أن يعرفوا بطريقة تحرجهم أو تحرج مضيفيهم.
وأنا بدوري لست متحاملاً على أحد ولكني أود أن أقدم بعد النصائح للسوريين (الشاطرين) ليتصرفوا من وحي هذه الأيام التي نمر بها.
بما أن الأحوال المعيشية متراجعة لدى أكثر المواطنين لذلك إذا كنت تاجرا وتستورد بضائع فأحرص على إنتقاء أسوأ البضائع وأرخصها ثم اطرحها في الأسواق بأعلى الأسعار.
بما أننا نخوض معركة مصيرية فهذا الوقت المناسب لكي تخالف إشارات المرور ولكي تقود سيارتك عكس السير ولكي تزيل لوحات الأرقام عن سيارتك فبهذه الطريقة تكون قد ساعدت وطنك من جهة وبينت أهميتك من جهة أخرى.
إذا كنت من المهجّرين الذين فقدوا الكثير من أرزاقهم وممتلكاتهم في هذه الحرب, أحرص على تجاهل حقوق المهجرين مثلك واتبع كل الوسائل (غير المشروعة) لكي تستحوذ على أكثر من حقك بكثير من السلل الغذائية والمعونات التي تقدمها الدولة ولا يهمك إن حرمت بذلك الكثير من المحتاجين اللذين تعرف أنت أكثر من غيرك مدى معاناتهم.
إذا كنت من الذين غادروا وطنهم (أميل هنا لإعتبار الألف في غادروا زائدة) فاحرص على عدم العودة عندما تنتهي الحرب خاصة إذا كنت تحمل مهنة أو إختصاصاً يساعد في عملية بناء سورية. أعمل على الإستقرار في المهجر وانسَ بلدك وأهلك. وليكن قانونك: مطرح ما بترزق ألزق وليذهب الباقي للجحيم.
إذا كنت من المشاركين في إعادة إعمار البلد بعد الحرب فاغتنم هذه الفرصة التي لا تتكرر لإستعمال أرخص المواد و لتقديم أسوأ المواصفات و لا مانع من التلاعب بالكميات والمقاييس فالدولة ستكون مشغولة وغير قادرة على مراقبة الجميع والناس تعبانة ومحتاجة وقد أضناها الإنتظار لذلك ستقبل بما يُقدم لها. هذه فرصتك الذهبية لتوسيع محفظتك ولتكبير مقاس بنطالك.
إذا كنت علمانياً فأسس حزبا ولا تهتم لحجم معلوماتك وخبراتك وثقافتك وماذا ستقدم لسورية عبر حزبك فليكن عندك اهتمامين فقط: كم ستظهر على الإعلام, وكم من المنافع الشخصية تستطيع أن تحصِّل خاصة على شكل عقود من الدولة. أما إن كنت متديناً فليكن سعيك لنشر الحجاب فقط ولا مانع من إقناع الدولة بمساعدتك في هذا المسعى على اعتبار أن تحجيب النساء هو الطريق الأوحد لزوال الغمة ونزول النعمة (الأزهر أفتى بأن الحجاب عادة إجتماعية وليس فرضاً إسلامياً. وأنا هنا لا رأي لي  وإنما أتبع الفتوى الصادرة عن واحدة من أعلى المرجعيات الإسلامية)
إذا كنت "شاطر" فهذه الأيام وما يليها هي أيامك فاغتنمها, خالف القوانين, تجاهل حقوق الناس وحاجاتها تحايل على الناس وعلى الدولة ومؤسساتها, اركب موجة النفع الشخصي واعزف على وتر أي خدمة أوتضحية  قدمتها أنت أو أحد أقاربك لسورية وأجعلها وسيلة إبتزاز (أنا هنا بالتأكيد لا أقصد من ضحى بدمه وحياته فداء لوطنه).
هناك الكثير من المقولات الإجتماعية التي أفرزتها الحقبة العثمانية المقيته في بلادنا أجعل هذه المقولات إمامك: أنا ومن بعدي الطوفان. من بعدي ما ينبت حشيش. كول عسل وطعمي ولادك خرى إيامهم لقدام وإيامك لورا. التجارة شطارة.
من قصص الحرب العالمية الثانية أنه بعد هزيمة ألمانيا ووصول الحلفاء لمشارف برلين أخذ سكانها يهربون منها ولم يكن ممكناً مغادرتها إلا بالقطارات التي شهدت زحاماً كبيراً ويروى أنه بينما كان جمع غفير يصطف منتظراً ركوب القطار أتى رجل فزع واقتحم الصف محاولاً الوصول قبل الجميع للقطار مستغلاً عدم وجود مشرفين أو شرطة ممكن أن تردعه, فأوقفه أحد المنتظرين بالصف قائلاً: أرجع إلى الصف  فنحن قد خسرنا الحرب ولكننا لم نخسر أخلاقنا. ما كان عندهم المثل الذي يقول: ما يبلى الشاطر ... !

التعليقات

(إذا كنت من الذين غادروا وطنهم (أميل هنا لإعتبار الألف في غادروا زائدة) فاحرص على عدم العودة عندما تنتهي الحرب خاصة إذا كنت تحمل مهنة أو إختصاصاً يساعد في عملية بناء سورية. أعمل على الإستقرار في المهجر وانسَ بلدك وأهلك. وليكن قانونك: مطرح ما بترزق ألزق وليذهب الباقي للجحيم.) إذا كنت ممن غادروا سورية بحثا عن ملجأ آمن( كما تدعي) في دول أخرى خصوصا الخليجية فاحرص على سب دولتك و حكومتها و بالغ في التحدث عن الظلم و الفقر الذي أحاط بك و ادع أنك ما خرجت إلا نصرة لدينك الذي كاد النظام أن يفتنك عنه و ستجد الكثير ممن يساعدونك و يتحسرون عليك شرط تقبيل أيديهم و التسبيح بحمد نعمتهم الغامرة آناء الليل و أطراف النهار .. لا مانع من فترة الظهيرة شكرا لك أ. نبيل صالح توصيف دقيق و منصف (الجمل): أهلا بك ياريم والمقالة ليست لي..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...