خبراء: تحصيل أموال الفاسدين كفيل بحل معضلة زيادة الرواتب
على ذمة أحد خبراء الاقتصاد فإن تحصيل أموال الفاسدين كفيل بحل معضلة زيادة الرواتب والأجور عبر رفد الخزينة بمليارات الليرات، ما يمكّن الحكومة من تسجيل إنجازها في هذا الشأن، لكن للأسف، لم يتم حتى الساعة التحرك نحو فتح ملفات الفاسدين الكبار واسترداد الأموال المسروقة من المال العام، وهذا لا يتحقق من دون إصلاح إداري ينقذ المؤسسات العامة من حالة الفوضى والهدر والتسيب وانتشالها من فخ الخسارة والتخسير، وهذا واقع تظهره مؤشرات أدائها حتى لو ادعى مديروها تحقيقها مبيعات وأرباحاً جيدة، لن تحصل في حال استمرار تحكم الفساد بكل أشكاله في مفاصلها.
يد من حديد
حاولنا تسليط الضوء على الآلية الصحيحة المفترض اتباعها لضمان تحقيق نتائج ملموسة في مكافحة الفساد وقطع رؤوس منظومته أو على الأقل التخفيف من سطوتها قدر الإمكان، وهنا تضع الدكتورة رشا سيروب وهي باحثة اقتصادية يدها على الجرح تماماً، إذ تؤكد أنه إذا كانت الغاية من مكافحة الفساد تحسين الخدمات العامة وأحوال المعيشة، فيجب العمل على محورين لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، الأول ضرب الفساد الكبير بيد من حديد، وتقصد هنا الحرب وتجار الأزمات ومحتكري السلع، والمحور الثاني محاسبة كل من قصر في أداء مهامه في إدارة المال العام والخدمات العامة، وتحديداً مسؤولي القطاع العام في المستويات الإدارية العليا الذين أخفقوا في إدارة المؤسسات العامة (بقصد أو عن غير قصد).
قرار عالي المستوى
بسبب تدهور المستوى المعيشي لمعظم المواطنين ووصوله إلى مستويات خط الفقر ودونه، أصبح الفساد في المستويات الإدارية الدنيا كالرشوة وتعطيل المعاملات اليومية بغية الحصول على رشوة ظاهرة مقبولة ومسوغة اجتماعياً، في الوقت ذاته تحول الخلل في المستويات الإدارية العليا بشقيه الفساد وإهمال الإدارة العامة ليصبح شرطاً لازماً وضرورياً للترقية والترفيع ما يعكس متانة العلاقة بين كبار المسؤولين وكبار الفاسدين، حسب د.سيروب التي أكدت أنه لا تمكن محاربة شبكة الفساد بوضع الاستراتيجيات والخطط وإصدار تشريعات وقوانين أو حتى تشكيل لجان وهيئات، بل بات الأمر يتطلب وجود قرار عالي المستوى وإجراءات فورية من دون أي تمهيد، خاصة أن الفساد أصبح واضحاً جداً وجلياً ولا يحتاج توافر أدلة وبراهين كثيرة ولن يستغرق الكثير من الوقت لكشفه.تعديل القوانين
الفساد لم يأتِ من فراغ، إذ أصبحت له بيئة بعد استفحاله بهذا الشكل، حسب رأي بشير الحلبوني- أمين الشؤون الاقتصادية والقانونية في اتحاد العمال الذي أكد أن السيد الرئيس بشار الأسد طرح مشروع الإصلاح الإداري من أجل محاربة هذا الداء، وهو مشروع كبير، لكن للأسف الحكومات أو الوزارات والمؤسسات أخذت المبادئ التي تحدث عنها في إطار الإصلاح ومكافحة الفساد وتم الاقتصار على ورشات عمل فقط، لكن المطلوب بعد إقامتها نتائج على الأرض، وهو ما لم يتحقق، لافتاً إلى أن مكافحة الفساد تتطلب إصلاح البيئة التي يعتاش عليها الفاسدون، عبر إصلاح بيئة التشريعات والقوانين، والرواتب والأجور والتعويضات، ووضع حد لارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل وإصلاح القطاع العام وغيرها، مشدداً على أهمية تعديل وإصلاح القوانين والأنظمة، ولعل أول قانون بحاجة إلى تعديل هو قانون العاملين الأساسي، وقد شكل لجنة مختصة شارك فيها الاتحاد والوزارات والهيئات المعنية والمختصون والخبراء، علماً أنها استهلكت وقتاً طويلاً منذ عام 2015 وإلى الآن، وقد يكون مسوغ التأخير هو عدم وجود ملاءة مالية وخاصة بعد طرح مشروع الإصلاح الإداري، إذ إن جميع الأمور المتعلقة بهذا الشأن معاً، معترضاً على ذلك بقوله: لا يعقل بعد كل هذا الجهد والتعب ضياع ما أنجز، وفي حال حصول ذلك فإنه يعد قمة الفساد، فهدر وقت المسؤولين المختصين طوال هذا الوقت يعد فساداً أيضاً».وأكد الحلبوني إنجاز مشروع التأمينات الاجتماعية وقانون العمل رقم 17 المعني بالقطاع الخاص، مشيراً إلى وجود الكثير من القوانين التي تحتاج تعديلاً، وقد تم التوجيه بذلك، وهذا يستلزم وقتاً طويلاً، من دون نكران وجود بطء يفترض عدم تحميله للحرب، وخاصة أن سورية مقبلة على مرحلة إعادة الإعمار، ما يتطلب مرونة أكبر.
ضعف الرواتب سبب أساس!
الفقر وضعف الرواتب والأجور أحد أسباب انتشار الفساد، وهو ما ذهب إليه د.محمد كوسا محلل اقتصادي ومختص في مجال الإدارة العامة، بتأكيده أنهما يقفان وراء خرق الاخلاق العامة وتحمل مخاطر العقاب بمفاضلة غير واعية بين ألم الجوع والم الضمير، مطالباً بزيادة الرواتب والأجور كنقطة مهمة لمكافحة الفساد.
يوافقه الحلبوني في عدّ ضعف الرواتب أحد أسباب ارتفاع نسب الفساد، طبعاً هذا لا يعني شرعنة الفساد، لكن كما يقال الجوع كافر، ما يتطلب معالجة السبب عبر زيادة الرواتب والأجور، التي يعدّ اتحاد العمال أنها أصبحت مطلباً أساسياً ومن أولى الأولويات بسبب تآكل القدرة الشرائية من جراء ارتفاع الأسعار ويفترض العمل على ضبط أسواقها، وإذا لم يعمل على ذلك فلن يكون هناك إصلاح، وهذا يتطلب زيادة الرقابة على الأسواق مع عقوبات رادعة بشكل ينصف المواطن والتاجر النظامي، كما يفترض أيضاً العمل على مكافحة التهريب وضبط الحدود، فالمهربات تعد حرباً اقتصادية من نوع آخر لأنها تؤثر في المنتج الوطني وصحة المواطن والتاجر الشريف، مشيراً إلى أهمية تصدير المنتجات المحلية تصديراً وليس تهريباً.
تشرين
إضافة تعليق جديد