تقرير اميركي: «القاعدة» دخلت غرفة النوم السورية وأمنت موطىء قدم فيها
أكد تقرير استخباري أميركي، أن الحكومة السورية وجدت في عمليات التمرد في العراق «وسيلة لتصدير المتشددين الاسلاميين المناوئين لنظامها العلماني، لكنها ستقع وفي وقت قريب ضحية لهذه السياسة، لان هؤلاء المتشددين وفق مؤشرات واضحة، قد يستهدفون ذلك النظام العلماني لعائلة الاسد التي تتحكم فيها الاقلية العلوية، ولا سيما ان هؤلاء المتشددين بمقدورهم الرجوع وعبور الحدود مرة اخرى».
وافاد «ان من يسمون بالمجاهدين ينامون ربما في سرير واحد مع السوريين لمحاربة الاميركيين، لكن المهم بالنسبة الى القاعدة، انها دخلت غرفة النوم، المتمثلة بسورية، وامنت موطىء قدم فيها».
واضاف التقرير، أن الدور السوري يشكل عاملا اخر حاسما في التأثير على الوضع السياسي والامني في العراق، ورجح بأن السوريين «ربما يحاولون في الاونة الاخيرة تغيير بعض مواقفهم، الا انهم ما زالوا يسمحون بمرور اعداد من السلفيين المتشددين الى العراق، كما يسمحون لمجموعات من البعثيين العراقيين بالعمل من الاراضي السورية وتقديم الدعم المالي للمتمردين السنة, لكن المعلومات الموثوقة تشير الى ان اعدادا من المتشددين الاسلاميين السوريين والعرب صاروا يفدون الساحة العراقية في الاشهر الاخيرة، ليس بهدف المشاركة في عمليات التمرد، لكن بهدف التدريب وزيادة قدراتهم العملياتية واللوجيستية ثم الخروج والعودة الى بلدانهم ومنهم المتشددون السوريون».
وذكر ان «الدور الذي تلعبه ايران في مساعدة المتمردين بات يثير الكثير من الخلافات داخل المؤسسة الامنية والسياسية الايرانية»، وأوضح: «صحيح أن الاستخبارات والحرس الثوري الايراني يبدوان مؤثرين جدا في جنوب العراق ولهم شبكاتهم من العملاء الفعالين للغاية، وهناك مؤشرات بأن حزب الله اللبناني له وجود ايضا في الوقت الحاضر في العراق، كما دلت الكثير من الوقائع التي تم اثباتها ان الجهات الايرانية تقوم بتقديم دعم مالي وعسكري للمتمردين من كل الفئات في العراق ولا سيما تلك العمليات التي تستهدف القوات البريطانية في جنوب العراق, وكل هذا التصور يوضح معالم التأثير المحيط بالعراق والذي قد يساعد بدوره في صياغة مشاهد الحرب الاهلية المنظورة، لكن في المقابل، فان بعض عناصر التمرد استثمرت هذا الدعم في نسج شبكة تنسيق مع العناصر المناوئة في ايران نفسها للنظام الديني فيها، وهكذا كان احد اسباب الخلاف الذي بدأ يدب داخل المؤسسة الامنية والسياسية الايرانية حول جدوى الاستمرار في الدور الايراني في مساعدة التمرد في العراق, والسبب الثاني، أن المجلس الاعلى للامن القومي الايراني، صار يشعر بخشية من انفلات الاوضاع في العراق والدخول في فوضى مستعرة وحرب اهلية سينتقل شررها الى المنطقة بأسرها، وايران نفسها لن تكون بمنأى عن مخاطرها, وإذا كانت التنبؤات المشؤومة للصراع بين السنة والشيعة وما يمكن ان تتركه من استقطابات في الخليج والشرق الاوسط، كما يراها بعض المسؤولين الايرانيين مبالغاً فيها، الا ان بعضهم صار على ادراك واسع في حقيقة بان ما يريده بن لادن والزرقاوي والسلفيون المتشددون ويسعون اليه، أن الصراع في العراق هو فقط احدى صفحات الصراع الاوسع من قبل السلفيين المتشددين للسيطرة على العالمين العربي والاسلامي، وستكون حصيلة الاحداث في العراق حاسمة لكنها تبقى صفحة من صفحات الصراع الاكبر, لكل هذه الاسباب فان المجلس الاعلى للامن القومي، أوصى باجراء حوار ايراني ـ اميركي، حتى وان اقتصر موضوعه على العراق فقط انطلاقا من ضرورة تبني سياسة فعالة لتأمين ايران في الامدين القريب والبعيد من كل الاخطار».
وأشار التقرير الاستخباري، الذي سرب الى بعض كبار المسؤولين الامنيين العراقيين، الى «ان مسلك التمرد ينتهج طريقا يحاول من خلاله تكثيف تطلعاته المبدئية التي ترتكز على عدم السعي الى الانتصار بالحرب في العراق بكل مضامين الكلمة، لكن العمل لاجل طويل لاثارة الحرب الاهلية الطويلة الامد والضغط لترويج النزاعات بين المسلمين وغيرهم من الاجناس في اطار الحتمية التاريخية الاسلامية المستمدة من الايمان بالبعث واليوم الاخر».
وأكد أن «الضغط الموجه من قبل العرب الشيعة والاكراد على العرب السنة، في بعض الاوقات، كان له اثره في تقوية التمرد، لكنه ادى في احيان اخرى الى دفع السنة الى التعامل مع قوات التحالف والحكومة لتطوير قوتها, وادت هذه الجهود بدورها الى احداث انقسامات كبيرة بين السنة الضالعين في التمرد واولئك الذين يتميزون بالمواقف الوسطية التي لا تجد حرجا في التعامل لاخراج العراق من محنته».
وأعتبر التقرير ان نجاح المسؤولين الاميركيين في دفع الشيعة والاكراد، الذين يسيطرون على الحكومة، لضم السنة ومنحهم حوافز جديرة في الحكومة المقبلة «سيكون من شأنه ان يقود معظم المتمردين السنة الى الانضمام الى العملية السياسية», غير انه نبه الى ان مثل هذا التحول «يمكن ان يتحقق في شكل بطيء وغير مؤكد»، مشيرا الى «ان بعض السنة مستعدون للقيام بكل شيء من اجل اخراج قوات التحالف من دون السعي لاي شيء اخر، حتى لو ادى ذلك الى تقويض العملية السياسية وتعرض مناطق السنة الى الخطر».
واورد «ان مشكلة هذا النوع من المتمردين، افتقادهم لاية اهداف سياسية واقعية، وبالتالي مثل هؤلاء المتمردين العراقيين يتخوفون من عرض اي شيء، سوى الارهاب, واولئك هم فعلا مصدر الخطر الحقيقي».
وأوضح: «في الوقت الذي يخترق المقاتلون الاجانب صفوف المتمردين السنة والميلشيات الشيعية، فان اولئك المتمردين الفاقدين للاهداف السياسية يمكن ان يتسببوا في اشتعال الحرب الاهلية الفادحة الثمن عبر استهدافهم للشيعة ومقدساتهم، الامر الذي قد لا يستبعد معه قيام الشيعة بعمليات انتقامية وقتل للسنة».
ورغم ان التقرير يقر بان امكانية تجنب الحرب الاهلية «لا تزال ممكنة»، لكنه في الوقت ذاته يؤكد ان مخاطرها كبيرة ويمكن «ان تدفع العرب الشيعة الى الامتعاض من استمرار الوجود الاميركي».
وأوضح «ان النسبة الكبيرة للشيعة البالغة 60 في المئة، لن تسمح لهم بالسيطرة على السلطة من دون حلول السلام والامن في العراق، في اطار نظام سياسي يقوم على توزيع السلطة يسمح للشيعة بالاستفادة من اكثريتهم العددية ومن خلال تناسي السيطرة السابقة للسنة على السلطة وتفردهم بالمناصب الحكومية وبالتالي اشراك السنة في هذه المناصب بصورة عادلة», ويشير الى انه «في حالة استمرار عمليات الاستهداف الواسع للشيعة قد يجدون انفسهم مضطرين الى اعلان فيديراليتهم في مناطق الجنوب والوسط ومن جانب واحد وبشكل انفرادي الامر الذي سيضاعف من مخاطر نشوب الحرب الاهلية».
وأكد التقرير «ان التمرد ليس وطنيا، فالاكراد لا يؤيدونه، كما ان نسبة صغيرة من الشيعة تشترك فيه بصورة فعالة، حيث يتركز التمرد في مناطق محدودة, وتشير الارقام المدققة في سبتمبر2005 بأن عدد المتمردين يتوقف عند حدود ثلاثة الاف متمرد ينشطون في وقت كامل».
واضاف أن «هناك لحد الان 35 مجموعة سنية اعلنت في شكل او بآخر عن وجودها، او اعلنت مسؤوليتها عن عمليات عسكرية او ارهابية، وبعض هذه الخلايا صغيرة وبعضها الاخر لا وجود له، الا ان بعض التنظيمات المعروفة تطلق على نفسها مسميات اخرى بهدف اخفاء هويتها او لتحقيق الزيادة الظاهرية لعدد مجموعات التمرد».
الرأي العام الكويتية
إضافة تعليق جديد