تقرير أمريكي يعدّد عوامل فشل غزو العراق
اعتبر تقرير صادر عن أهم جهة تحليلية تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية حول قرار غزو العراق وتداعياته، أن القرار وصل إلى درجة الفشل الذريع. وجاء في هذا التقرير “الصادم”، والذي أعده المعهد القومي للدراسات الاستراتيجية في كلية الدفاع الوطني الأمريكية، أن الحرب في العراق كلفت الولايات المتحدة خسائر باهظة في الأرواح والأموال والسياسات أيضاً.
وتكمن أهمية التقرير في الجهة التي تولت إعداده، وهي جهة لها وزنها وتعد أكبر وأفضل مدرسة عسكرية تعكس رأي المؤسسة العسكرية، وليس الساسة قادة “البنتاجون”. وعلى مدى 42 صفحة هي كل التقرير، الذي حصلت “الخليج” على نسخة منه، قيّم معدّوه بناء على لقاءات أجروها مع كبار موظفي “البنتاجون” والاستخبارات ممن كان لهم دور في الغزو أو التحضير له، الحرب على العراق تحت عنوان “خيار الحرب قرار غزو العراق وتداعياته”، وخلصوا إلى أن الفشل الذريع في الحرب يفرض إعادة النظر في كيفية عمل الوزارات والأجهزة المختلفة في الدولة وتعاونها، بمعنى ضرورة تحسين عملية اتخاذ القرار ووضع آليات لفحص قرارات الساسة وتقوية وزارة الخارجية حيث أظهر غزو العراق وفي مواقف كثيرة كان لدى جهاز الأمن القومي تحت ادارة كوندوليزا رايس وشيف هادلي مواقف امبريالية، حيث وضعوا كافة الضغوط في مواضع كان يمكن للدبلوماسية والتفاوض أن يحققا خلالها نتائج أفضل.
وهاجم التقرير بشكل غير مباشر الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي كان قد أمر دونالد رامسفيلد بالاعداد لخطط مواجهة عسكرية مع العراق في نوفمبر/ تشرين الثاني ،2001 وتفادى رامسفيلد وصديقه نائب الرئيس ديك تشيني رئاسة الأركان الأمريكية، أي انهما في قرار التخطيط للحرب لم يرجعا إلى قيادة الأركان.
وفي التقرير رصد لحجم الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة منذ الغزو وحتى الخريف الماضي موعد الانتهاء من وضع هذا التقرير وهي أكثر من 3800 قتيل و28 ألف جريح، اضافة إلى خسائر العراقيين، حيث حصدت الحرب أرواح ما لايقل عن 85 ألف عراقي وبات 15% من الشعب العراقي لاجئين ووصلت التكلفة المالية في يوليو/ تموز الماضي إلى 450 مليار دولار كلها تمت تغطيتها بالعجز في الموازنة الأمريكية.
وجاء في التقرير أيضاً تحليل لتأثير الغزو في الولايات المتحدة، حيث اهتز مركز وهيبة الولايات المتحدة أمام دول العالم والحلفاء، وانهارت سمعة الولايات المتحدة الأخلاقية وزعامتها بسبب حربها واحتلالها دولة مسلمة وفضائحها في معاملة المعتقلين، في وقت كان للغزو والحرب تأثير سلبي في جميع مجهودات الولايات المتحدة في محاربة الارهاب والتي تراجعت إلى الخلف، حيث أعطيت للحرب في العراق الأولوية وباتت القوات الأمريكية، لا سيما “المارينز” والجيش، تحت ضغوط عظيمة.
يضيف التقرير “وحتى تزداد الصورة قتامة، فإن مجهوداتنا التي استهدفت تحسين الأمن القومي الأمريكي نتج عنها أن أصبح العراق مفرخاً للارهاب، وتم تشجيع ايران لزيادة نفوذها في الشرق الأوسط. وبرغم التقدم الملموس في الحالة الأمنية الناجمة عن عملية التصعيد، فنتيجة هذه الحرب مشكوك فيها، وأصبحت غالبية الأمريكيين، كذلك العراقيين، يريدون نوعاً من الانسحاب الأمريكي، بينما يذكرنا خبراء ومحللو الاستخبارات بأن الشيء الوحيد الأسوأ من عراق فيه قوات أمريكية هو عراق بعد انسحاب سريع للقوات الأمريكية”.
ويحذر التقرير من عدم قيام أي جهة بإجراء حسابات عن التأثير السياسي والنفسي حين ينظر إلى الولايات المتحدة على أنها فشلت وخسرت الحرب.
ويعترف التقرير بالتقدم الحادث تحت قيادة الجنرال ديفيد بترايوس إلا أنه يلفت إلى رؤية الآخرين بأن هذه الحرب لا يمكن كسبها باعتبارها قصة معتادة وكلاسيكية للفشل في اتخاذ قرار حريص، أو انها الفشل في أن يغير المرء من نفسه لمواجهة الظروف والمستجدات.
ويقرّ التقرير بأن السياسة الأمريكية كانت مفلسة ولم تحقق الطموحات التي كانت تسعى إليها، بينما تتحمل الولايات المتحدة تكلفة الحرب برمتها وينظر الجميع إلى عدم شرعيتها.
وفي التقرير الذي تقول مقدمته ان الهدف منه هو توضيح كيف اختارت الولايات المتحدة الغزو، وكيف سارت عملية اتخاذ القرار وما يمكن عمله لتحسين تلك العملية، فإن الخلاصة ان المجهودات الأمريكية في العراق تمت عرقلتها بفروض خاطئة وأخطاء فادحة في التخطيط للحرب مع استمرارية عدم القدرة (العجز) عن خلق ظروف أمنية مناسبة في العراق يمكن “أن تؤدي إلى إعادة بناء حكم مستقل، وانه يمكن الجدل بأنه حتى إذا كان العراقيون قادرين على تنفيذ وفاق وطني والتوصل إلى حكومة مركزية فاعلة، فإنه من الواضح، لا الولايات المتحدة ولا شركاؤها فعلوا ما يكفي لحدوث هذا، وعلى أفضل الفروض، فإن الولايات المتحدة قد تكون اسقطت نظاماً خاطئاً ورديئاً لكنها كانت غير قادرة على احضار بديل مستقر.
ويشير التقرير إلى أن عملية التصعيد قد تكون حسنت الموقف الأمني، إلا أن ذلك ليس بالدرجة الكافية للتأكد من أن الدولة العراقية ستتحول إلى ديمقراطية مستقلة، أو انه قد ينتج عنها عراق ديمقراطي مستقل.
سقط نحو 29 قتيلاً وأصيب أكثر من 61 عراقياً في موجة تفجيرات وهجمات أمس، شاركت فيها قوات الاحتلال الأمريكي حيث قتلت تسعة أشخاص في مدينة الصدر، وبالتزامن صعدت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي من مواقفها تجاه الزعيم الشاب مقتدى الصدر، حيث طوقت مكتب التيار في مدينة البصرة، ومنعت أتباعه من إقامة صلاة الجمعة، في إجراء يزيد من التوترات بين المالكي وميليشيا جيش المهدي.
وفي تحذير غير معتاد، قال الجيش الامريكي، أمس، إن مجموعة من أفراد تنظيم القاعدة تسللوا إلى بغداد لشن موجة من التفجيرات بسيارات ملغومة وهجمات انتحارية.
واضاف في أعقاب سلسلة التفجيرات الدموية الاخيرة “تشير معلومات إلى أن العديد من مقاتلي تنظيم القاعدة دخلوا منطقة بغداد بغرض تنفيذ هجمات بشحنات ناسفة بدائية موضوعة في سيارات أو هجمات انتحارية بسترات ناسفة في منطقة الكرخ بوسط بغداد”. ودعا جيش الاحتلال إلى توخي الحذر، وحذر بشكل خاص من معلومات عن أن سيارة إسعاف مسروقة يمكن أن تستخدم كسيارة ملغومة.
حنان البدري
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد