تعلم عن التنمية للبسطاء
الجمل ـ رشاد كامل:
هناك كتاب إنكليزي من سلسلة " للبسطاء – For Dummies " موجود فعلا بالمكاتب تحت عنوان " تعلم عن السياسة للبسطاء- politics for dummies"، وهناك نسخ منه، مثل تعلم كيف تعمل واشنطن للبسطاء، وتعلم عن السياسة الإنكليزية للبسطاء، ويبدو أن كل العالم المتحضر أصدر كتاباً عن سياسته للبسطاء ضمن هذه السلسلة ...
اعرف هذه السلسلة من الكتب جيدا... لأني استخدمتها في بعض العلوم البرمجية حيث لا اريد ان اتعمق كثيراً بالمفاهيم ولا اريد أن احترف، وكل ما اردته عنها هو الثقافة العامة بها، فكانت تلك الكتب فعلاً مفيدة، تبسط، تلخص، تعطيك المفيد، ولكن بالتأكيد لا تجعل منك محترفاً .... انما ملماً بالموضوع الذي تسعى لمعرفته.
اليوم بعد سنوات سبع من الازمة، اشعر بضرورة حقيقية في إطلاق سلسلة خاصة للسوريين من سلسلة " مخصص للبسطاء" تعالج مواضيع مصيرية للسوريين مثل:
الدستور للبسطاء
الهوية الوطنية للبسطاء
العمل السياسي للبسطاء
كيف تعمل المنظمات الدولية للبسطاء
التنمية للبسطاء
السياسة للبسطاء
التفاوض للبسطاء
المعارضة والموالاة للبسطاء
وصولاً الى
العمالة للبسطاء ....
لاتضحكوا على الموضوع، فسلسلة كتب " مخصص للبسطاء" حول العالم تبيع مبيعات خيالية، وتفرد لها مراكز مرموقة في المكتبات حول العالم، لا لأنها أفضل من الكتب الاحترافية، والاختصاصية، بل لأن الكثير القراء مثلي لا يخجلون من اعلان جهلهم عن موضوع معين، والاهم اعلان أن رغبتهم بالقراءة عنه لا تتعدى المعرفة البسيطة بالشيء...
لذلك لابد من طرح النسخة السورية من كتاب مخصص للبسطاء ، ليستفيد منه بعض السوريين الذين مارسوا كل أنواع العمل السياسي، والوطني، وافتوا بالهوية الوطنية، وبالجيوبولتيك (الجغرافية السياسية)، والسوسيوبوليتيك (علم الاجتماع السياسي)، والسوسيواكينومي (الاقتصاد السياسي) ، والناشطين الحقوقيين، وخبراء الفضائيات، ورداحي الفضائيات، وصولاً الى الخبراء التخصصيين في مجالات متعددة لم يعملوا بها طوال عمرهم ما قبل الازمة ... ربما حلموا بها ، ولكنهم لم يعملوا فعلاً بهذا المجال او الاختصاص...
والكارثة أنهم يطرحون أنفسهم خبراء بها هذه الأيام .. يفاوضون بها العالم ويطالبون بالحكم لتنفيذها ضمن مبدأ " لوكنت انا يلي عم احكم " .
فان كانت سلسلة للبسطاء فقط الأجنبية هي لتبسيط المفاهيم والعلوم للراغبين بالطلاع عليها، ستكون سلسلتنا السورية لدرء الكارثة المحتمة، وهي تسليم الخبز لغير الخباز كما يقول المثل.
كنا نتحمل التحليلات السياسية لسائقي التاكسي، وكنا نتحمل اراء بعض القريبات والأقرباء في نوعية التعليم من الابتدائي الى الجامعة، وحتما كنت اتحمل التحليلات السياسية في نهاية المآتم، وطنشنا على رؤية الدعاة الدينيين للمواطن والوطن، واعتبرنا أن غضب المثقفين الدائم سببه اننا لانفهم عليهم .... ولكن ان يجتمع هؤلاء من سائق التكسي الى المثقف الغاضب، ليجلسوا على طاولة التفاوض حول مستقبل سورية ومنذ سبع سنين الى الان .... فهذا حتما يحتاج الى تدخل ما .. وبما اننا لا نستطيع رد القضاء، فربما نستطيع طلب اللطف بنا فيه...
فرد لقضاء يكون عبر تسليمنا بأن في سورية خبراء خرجتهم تجربتهم الكبيرة في إدارة شؤون الدولة، وفي التخطيط، وفي الإنجاز. بعضهم كان ناجحاً في مهامه، وبعضهم فشل، وبعضهم بقي مع الدولة، وبعضهم خرج ... ولكن المهم أنهم أولاد خبرة.. خبرة دفعنا نحن كسوريين ثمنها ... من كلف تدريس وتدريب، وتحمل أخطاء ومراكمة خبرات .. وهؤلاء بنجاحهم وفشلهم ان ما طعمناهم بخبرات عربية وعالمية مساندة، من الممكن أن نخطط بنجاح وبواقعية للمستقبل ... وهذا أمر بالحالات الطبيعية صعب ... ما بالكم في أمواج من الحرب ..
أما ان لم نستطع رد القضاءK فسيكون طلب التلطف بنا عبر مجموعة كتب نطرحها، مخصصة للبسطاء .. لا للاطلاع على مواضيع مصيرية بشكل سحطي، بل من اجل الاطمئنان أن حتى الحد الأدنى والسطحي من الاطلاع على الموضوع قد تم ....
سلسلتنا السورية من كتب " مخصص للبسطاء" لو طبعناها من عشر سنوات ربما كانت لتجنبنا الازمة واليوم ان طبعناها .. ربما ستلعب دوراً في تجنيبنا الكارثة ..
هذا ما إذا قرأوها أساساً ...
إضافة تعليق جديد