تشرين تحذر من العواقب الاقتصادية للاقبال على شراء السيارات

14-06-2007

تشرين تحذر من العواقب الاقتصادية للاقبال على شراء السيارات

نظراً لتوفر السيولة النقدية لدى شريحة معينة من السكان وتوفر التسهيلات لشرائح اخرى يلاحظ تسارع كبير في الاقبال على اقتناء السيارة الخاصة وكأنه اصبح موضة.

فمحلات بيع السيارات تتزايد، وعددها في اغلب المحافظات يفوق عدد محلات بيع الفلافل، لدرجة انه ربما قد تنتشر قريبا ظاهرة المحلات المتنقلة لبيع السيارات، وتجوب شوارع المدن والقرى على غرار بيع العديد من السلع. 
 من المؤكد ان نسبة معينة من المقتنين يمكنهم الاستغناء عن السيارة الخاصة وخاصة من شريحة المشتركين تقسيطاً لعدم امكانهم الدفع نقداً، وسيجد هؤلاء انفسهم في مأزق جراء النفقات الباهظة من المحروقات والاصلاح والصيانة والضرائب و.. وقد يؤدي ذلك الى تنامي ظاهرة تأمين بعض هذه النفقات بطرق غير مشروعة.. وسيؤدي ذلك الى تنامي الفروق الطبقية والاجتماعية بين السكان، واضعاف كمية الادخار الاستثماري والذي بدوره يؤدي الى اضعاف الاستثمار الانتاجي، والطامة الكبرى تتجلى بما سيترتب على الاقتصاد الوطني من تبعات كبيرة، جراء تنامي الحاجة الماسة لمزيد من الطرقات، وتحديث وتوسيع القائم منها وتعديل واحداث العديد من الجسور والأنفاق والساحات وتزايد استهلاك الوقود، والانفاق العام من اموال جميع المواطنين، عدا عن مزيد من الازدحام الطرقي والحوادث الطرقية والتلوث البيئي. ‏

المشكلة الاكبر تتبدى في شوارع العديد من المدن التي اصبحت شبه مغلقة لتحول السير فيها الى اتجاه واحد فقط، وبرتل واحد على الاغلب مع فقدان امكانية تحقيق التجاوز، نظرا لوقوف رتل او اكثر على كل جانب من الطريق، ما يدعو للتساؤل ما الذي سيحدث في حالات الحوادث او الطوارئ، والمشكلة المترافقة معها هي ايضا مشكلة الوقوف، فكثير من الابنية تملك واجهة على الشارع العام بما يتناسب وابعاد الطابق السفلي، بحيث يسمح ذلك بوقوف عدد محدود من السيارات لا يتجاوز اصابع اليد، ولكن في كثير من الابنية اصبح عدد مالكي السيارات من اصحاب الشقق السكنية والمحلات التجارية يفوق عدد اماكن الوقوف بكثير، ولكل منهم الحق في ايقاف سيارته بالقرب من مسكنه او محله، فلمن ستكون افضلية الوقوف في هذه الحالة، وكيف سيتم ترتيب هذه الافضليات؟. ‏

قد يرى البعض ان من حق كل مواطن اقتناء سيارة، ولكن على هؤلاء ان يروا ان امكانات الوطن الحالية غير قادرة على تأمين متطلبات ذلك، بالتوازي مع تسهيل الاقتناء وسرعة الاقبال عليه، ولكن يجب الا يغرب عن البال، مدى ما تعانيه الشريحة الاكبر التي لا تملك السيارة من التبعات التي تترتب على تفاقم هذه الظاهرة، وليس من المنطقية في شيء ان يتحمل القسم الاكبر من السكان المزيد من المعاناة لقاء تبعات توفير الرفاهية لقلة قليلة. ‏

نعم ان المزيد من الطرق والجسور والانفاق يخدم ويدعم البنية التحتية، ولكن المصلحة الوطنية العليا تقتضي ان يصب ذلك بالدرجة الأولى في خدمة الاستثمار الانتاجي الذي يؤسس لتحقيق رفع في معدلات النمو الاقتصادي وتحسين المستوى المعاشي للشريحة الاكبر من السكان لا ان يصب في خدمة الانفاق الاستهلاكي الذي يؤدي الى مزيد من الانفاق، وما يصب في اتجاه المزيد من الرفاهية، يجب ان يأتي من يسر ا من عسر ومن التوفير الفائض لا من التعفير اللازم. ‏

اننا احوج ما نكون لتنمية من نوع آخر، غير تنمية ازدحام اغلب الشوارع بالسيارات المتحركة والمتوقفة، المسألة التي لم تعد محمولة حالياً، والقادم اسوأ، وما يفرح القليلين اليوم قد يبكي الكثيرين بنفس اليوم ان لم يكن غدا او بعد غد، فمن سيخطط لهذه المعضلة، وقديما قيل: من لا يرى من الغربال فالأعمى خير منه. ‏

عبد اللطيف عباس شعبان

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...