تراث العالم : «فن 6 تحت الصفر»
كان الكثيرون يخرجون ليلاقوا الثلوج المتراكمة، أمام محطة قطارات بروج، لكنهم يقولون «الجو دافئ هنا». هؤلاء خارجون للتو من خيمة كبيرة تحتضن مهرجاناً للمنحوتات الجليدية. درجة الحرارة في الخارج صفر. لكن، حفاظاً على قوام المنحوتات، يبردون الجو صناعياً، لتصير الحرارة 6 درجات مئوية تحت الصفر.
الجميع كانوا يشدون معاطفهم، ليدخولوا عالماً أشبه بحديقة كائنات زجاجية. لولا الاضاءة الملونة، لكانت التماثيل ستبدو مجرد رسوم شفيفة. من المهم لهذا الفن أن يكون الجليد صافياً كالبلور. لذلك، كانوا يستوردون قطع الجليد من بلدان كالسويد والنروج وكندا. الآن ينتج المنظمون الكتل الجليدية صناعياً في بروج.
800 طن من الجليد، حوّلها 30 فناناً الى ما يزيد على 70 منحوتة. ركزوا على قائمة اليونسكو للتراث العالمي: مدينة البتراء، رسومات هيروغليفية. بالقرب من باب الخروج، يقف ابو الهول بجسد أسد ورأس فرعون. المهرجان لا يخلو من المشاغبين. هناك مارلين مونرو، تلوّح بتنورتها القصيرة. الى جانبها ألفس برسلي.
كل ذلك يجتذب سنوياً نحو 150 الف شخص. إنها الدورة العاشرة للمهرجان، وهو مناسبة تشجع سياحاً كثيرين على زيارة بروج. «انه جميل ومميز. لكن كيف بإمكانهم عمل كل هذا من الجليد»، تسأل الطفلة الهولندية مونيكا وافرين، ابنة الثماني سنوات، وهي تلحق بأخيها كريستيان الذي خلبته منحوتة لجنود متلاصقين.
هناك ادوات نحت غريبة استخدمها الفنانون. لا غنى عن المنشار الكهربائي، ثم انوع الازاميل لإبراز التفاصيل. لكن، ولمعالجة البروزات الحادة، وصنع الانحناءات، يداوون الجليد بضده. النحاتون استخدموا مكاوي الثياب، وسيشوارات الشعر.
هيرون وكلودين، زوجان في الخمسينيات. جاءا من قرية قرب بروج: «لم نندم على قدومنا». كان ذلك واضحاً. كولدين تهبط من المزحلقة التي نصبت في الزاوية. تحمل قطعة البلاستيك التي جلست عليها، وتعيد الكرة. هيرون، التقط حتى الآن 190 صورة، ويقول «لا أعرف أين أثبت نظري، كل المنحوتات جميلة». عليه الانتباه لحماسته، فجولة نصف ساعة تجمّد الرِجْلين. مخاطرة بجولة طويلة، ويزيد عدد التماثيل الجليدية واحداً.
وسيم إبراهيم
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد