تدمر من الأعلى... دقيقة توثّق همجيّة «داعش»
عرضت قناة «روسيا 24» تقريراً عن مدينة تدمر صُوِّر بواسطة طائرة من دون طيار، أطلقها المصور الروسي ألكسندر بوشنين، وفق وكالة «سبوتنيك». حلقت الطائرة صباح الجمعة فوق المدينة الأثريّة في قلب البادية السورية، وجالت بشكل سريع على الآثار، موثِّقة ما طالها من عمليَّات تدمير وتخريب من قبل مسلحي تنظيم «داعش».
خلال دقيقة واحدة وبضع ثوانٍ، أعطى التقرير صورة عامّة عن أحوال المدينة الأثرية المصنفة في الـ «يونيسكو» كتراثٍ عالميّ. المشهد من الأعلى يبدو مهولاً، آثار السيارات التي تجول في المكان ما زالت واضحة، كذلك آثار الدمار والتخريب. تظهر في الشريط القصير آثار الدمار واضحة في محيط مدرج المدينة الأثري (00:45)، كذلك تبدو آثار عملّيات الحفر التي طالت المنطقة بحثاً عن الكنوز من قبل مسلحي «داعش» (1:03).
توثّق الكاميرا من الأعلى منهج «داعش» التدميري، إذ اختفى معبدا بل وبعلشمين، وكذلك قوس النصر، في حين ظلّت بعض الأعمدة شامخة. تلتف الكاميرا في محيط المدرج الأثري، الدمار الكبير يبدو واضحاً.
تقارير عدّة تناولت عمليّات التخريب الممنهج التي طالت المدينة الأثريّة في تدمر، من تخريب معابد يعود تاريخها إلى ما قبل نحو ألفي عام، وصولاً إلى عمليات السرقة لكنوز مملكة زنوبيا، حيث أنشأ التنظيم لذلك «وزارة» خاصة تعنى بعمليات التنقيب والنهب. عشرات التماثيل والمعالم الأثرية فُخّخت ودُمّرت بشكل متتابع منذ سيطرة «داعش» على تدمر في أيار من العام الماضي، برغم ذلك يبدو واضحاً أن هذه المملكة رفضت الاستسلام ليد تريد الزوال لتاريخها.
مدير الآثار والمتاحف في سوريا الدكتور مأمون عبد الكريم، أبدى سعادته باقتراب استعادة الجيش السوري السيطرة على تدمر بشكل كامل بعد عملية عسكرية بدأت قبل أقل من ثلاثة أسابيع، مؤكداً أنه فور السيطرة على المدينة سيزورها وفد مختص لتحديد الأضرار التي تعرضت لها للبدء فوراً بترميمها.
خلال حديثه، يبدو مدير الآثار السورية واثقاً من إمكانيّة إعادة ترميم المدينة الأثرية، وإعادة بناء قوس النصر، ومعابدها الأثرية، بالاعتماد على المخطوطات والدراسات والتوثيق الكبير الذي جرى للمدينة خلال السنوات السابقة.
أوَّل ما يخطر في ذهن متابع تقرير «روسيا 24» السؤال عن حارس المدينة وعاشقها العالم خالد الأسعد الذي أعدمه «داعش» بعدما رفض الخروج منها في آب الماضي، كما رفض أن يدلّهم على مكان الكنوز الأثرية، وفق ما تسرب عن الساعات الأخيرة لحياته. ربما قد يحزن للحالة التي آلت إليها «لؤلؤة البادية»، إلا أنّه بالتأكيد سيبتسم لانتصار مملكته على من أراد لها الزوال، فانتصرت ببقائها.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد