بروتينات مسببة لمرض «جنون البقر»

01-10-2013

بروتينات مسببة لمرض «جنون البقر»

حصل باحثان سويسريان على جائزة تقدير على أبحاثهما حول مسببات مرض «جنون البقر». وتوصل الباحثان إلى أن الإصابة بهذا المرض، الذي يصيب الأعصاب، يعود إلى بروتينات معدية لا تنفع معها حتى وسائل التعقيم.
عدوى الأمراض لا تسببها الفيروسات والبكتريا فقط وإنما تنطلق أحيانا من بروتينات، فتشكل خطراً على الناس، برغم أنها لا تشكل إلا جزيئات هامدة ليس بها معلومات جينية خاصة بها.
كل إنسان يحمل في حد ذاته تلك البروتينات المسببة لمرض «جنون البقر» لدى الماشية، أو لمرض «كروتزفيلد جاكوب» لدى الإنسان. وهذه البروتينات غير مؤذية في الحقيقة، لكن بإمكانها تغيير شكلها بحيث تصبح مسببة للمرض أعلاه من خلال تراكمها ككتل في الخلايا العصبية.
والخطر الداهم هو أن تلك البروتينات التي تغيّر شكلها، والمسماة «بريونات» تنتقل من خلية إلى أخرى، فتدفع ببروتينات أخرى من نفس نوعها إلى قبول الشكل المتحول الذي يسبب المرض، وبذلك تنتشر هذه البريونات، مسببة في إحداث تلف في خلايا الدماغ، ما يؤدي إلى وفاتها.
وقد عثر العلماء على البريونات للمرة الأولى في ثمانينيات القرن الماضي في إطار أبحاث مرض «الشكل الإسفنجي لاعتلال المخ لدى البقر» المعروف عامة بـ «جنون البقر». حيث افترض لأول مرة ستانلي بروزنير، وهو الحائز على جائزة نوبل لاحقاً، أن سبب المرض يعود إلى بروتين.
وفي وقت لاحق أكد العالم السويسري تشارلز فايسمان، الذي يعمل اليوم في «معهد سكريبس للأبحاث» في ولاية فلوريدا الأميركية، أن هذه الفرضية صحيحة بشكل تطبيقي. وقال «قدمنا دليلا على أنه بروتين موجود عادة في مخ الإنسان»، مضيفاً أن «مسبب المرض من إنتاج الجسم نفسه، وكان ذلك شيئاً جديداً تماماً».
من هنا فإن إمكانية الإصابة بمرض «كروتزفيلد جاكوب» موجودة لدى كل إنسان، غير أن تحول البروتينات بشكل عفوي إلى الشكل المسبب للمرض هي حالة لا تحدث إلا نادراً. وعموماً، فلا بد من وجود مسبب «قادم من خارج الجسم لكي ينشط هذه العدوى». ومن هنا يأتي المسبب من لحم أبقار كانت مصابة بجنون البقر.
واكتشف أدريانو أغوزي، من «جامعة زيوريخ» السويسرية، أن البروتينات المتحولة في اللحم المصاب تصل إلى الجهاز العصبي للإنسان عن طريق الأمعاء والجهاز الليمفاوي.
وبحسب شكل البروتين فإن أعراض المرض تظهر إما في صورة اكتئاب أو خرف أو فقدان للسيطرة على الجسم.
ومن أجل ذلك تم تتويج كل من تشارلز فايسمان وأدريانو أغوزي يوم الثلاثاء الماضي بجائزة «هارتفيغ بيبنبروك - دي زد إن إي». وتبلغ قيمة هذه الجائزة أكثر من مئة ألف يورو وتمنح كل عامين من قبل «المركز الألماني لأمراض الأعصاب».
وقرأ يوهانس ديشغانز، رئيس لجنة الاختيار قرار منحهما الجائزة، حيث قال إنه «من خلال بحثهما للبريونات قاما بفك شيفرة آليات لم تكن معروفة من قبل، وتلعب دوراً حاسماً في عدد كبير من هذه الأمراض».
وضع البريونات في منتهى القوة. فهي تبقى عالقة بالأدوات الجراحية والمواد الطبية الأخرى مسببة العدوى حتى عندما يقوم الأطباء بمسح سطح تلك الأدوات بالمطهر شديد الأثر «الفورمالديهايد».
ويقول فايسمان إنّ «هناك حوالي مئة حالة انتقلت فيها عدوى البريونات للمرضى بعد تدخلات طبية، لأن الأطباء لم يعرفوا آنذاك ما هو المسبب وكيف يمكن تعطيل انتقاله».
وأكد تشارلز فايسمان في إطار بحثه، أن التطهير بالـ«فورمالديهايد» وحده ليس كافياً للقضاء على مسبب المرض.
ويعترف تشارلز فايسمان بضرورة العمل والبحث عن دواء لهذا المرض القاتل. ويقول إنّ «ما يجب القيام به هو اكتشاف دواء يمكن من خلاله وقف تطور المرض، فحالياً يكون دائماً الموت هو نهاية المصابين به، والأطباء عاجزون».


(عن «دويتشه فيلله»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...