او بابا / او ماما !
البارحة، فقط، انتهت تلك الحرب التي خاضها أبراهام لنكولن قبل قرن ونصف القرن من الزمن واحتاج لكسبها لكل هذه السنين.
البارحة شاهدنا الرجل الأسود والمرأة السوداء يبكيان انتصارهما في حرب تحرير العبيد. شاهدنا، أيضا وخصوصا، كيف شاركهما العالم أجمع الاحتفال بالحدث.
وحده، أبراهام لنكولن، محرر العبيد والمؤسس الحقيقي للديموقراطية الأميركية، كان غائبا عن هذا المشهد التاريخي .. وعن ذاكرة أوباما و"شركاه".
--------------------
باراك حسين أوباما، هو ذلك السيناتور "المغمور" الذي لم يسمع به أحد قبل بدء الحملة الانتخابية.
أما "شركاه"، صانعوه، فهم كتاب القصة والسيناريو، وهم مخرجو هذا المشهد "الخرافي" الذي سيبقى محفورا في ذاكرة البيض والسود إلى يوم يبعثون.
لا دور للون الرئيس في أميركا "ديموقراطية"، والفرق بين هيلاري كلينتون البيضاء وباراك أوباما الأسود صنعته ملايين الدولارات التي انهالت على هذا الأخير من قبل صناع السياسات والرؤساء.
أما "الامبراطورية" الأميركية فهي تحتاج إلى قيصر من نوع جديد يخدمها بلونه وجذوره الدينية.
الشرق المسلم، مهد النفط والخرافة، يبحث في كل حدث خارج عن المعتاد، عن "بشارة" بالمهدي المنتظر؛ فلماذا لا يكون المبشر بهذا المهدي هو "العبد" الحر، الديموقراطي والمؤمن "أبو حسين"، باراك أوباما !؟
وإفريقيا، مهد الكنوز الهائلة من نفط وماس واورانيوم وفضة ونحاس.. تشهد تزاحم الخطاب، من الصين إلى اليابان إلى الروسيا إلى أوروبا ... فلماذا لا يكون عريسها المفضل، وغازيها، كيني من أهلها !؟
--------------------
بين انتصار لنكولن في حربه "الأخلاقية" لتحرير العبيد، وانتصار صناع السياسات والرؤساء في أميركا في حروبهم "لا الأخلاقية" لغزو الشعوب المستضعفة، مساحة لا تملؤها النوايا الحسنة لتلك الشعوب.
ويا له من مشهد ساخر حين يحتفل الأميركي الأسود والأميركية السوداء بالانتصار النهائي في حربهما ضد التمييز العنصري، في الوقت الذي تحتفل شعوبنا بتتويج القيصر الذي صنع "خصيصا" لتوسيع رقعة الامبراطورية على حسابها!!
في هذا الجو الصاخب من الاحتفالات يبقى سؤال:
هل سيحتفل "العبيد"، يوما، بالنصر في بلادنا البعيدة التي تحكم غالبيتها "السوداء" مافيات الاستبداد الديني والسياسي "البيضاء"!؟
أم ستبقى تلك الشعوب تثغو، منتظرة أوباما من لون آخر: أو.. بابا / أو.. ماما !؟
أنور يونان
إضافة تعليق جديد