انخفاض نسبة الأدوية المفقودة من 20% في عام 2013 إلى أقل من 2%
يتوزع استهلاك الدواء في القطاع الصحي، وحسب الأهمية والكمية، إلى وزارة الصحة بما في ذلك المشافي والمراكز الصحية والمستوصفات والعيادات الشاملة، والقطاع الخاص: المشافي الخاصة والعيادات والصيدليات. إضافة إلى الخدمات الطبية العسكرية التي تخدم عناصر القوات المسلحة وعائلاتهم، ومشافي التعليم العالي التعليمية المتمركزة في المدن الرئيسية مع كليات الطب، والخدمات الطبية لقوى الأمن الداخلي.
وتتراوح نسبة الاستهلاك الدوائي بين هذه القطاعات وذلك حسب نسبة الشريحة المخدمة إلى التعداد العام، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه في خلال الأزمة لا حدود فاصلة حدية بين الشرائح المجتمعية وتابعيتها التخديمية الصحية. ويتم تأمين الدواء لهذه القطاعات من المصادر التالية:
1- الصناعات الدوائية الوطنية (الإنتاج المحلي) وتشكل نسبة إمدادها ما يفوق 80% من الحجم الكلي للسوق.
2- الاستيراد عبر مؤسسة التجارة الخارجية.
3- الاستيراد عبر المستودعات المرخصة أصولاً.
إضافة إلى انتشار ظاهرة الدواء غير النظامي المهرب في الوقت الراهن.
وتسمح القواعد الناظمة حالياً باستيراد كافة الأدوية غير المصنعة محلياً ومشمولة في لائحة الأدوية السورية المعتمدة، إضافة إلى السماح باستيراد الدواء إذا كان مصنعاً من معمل واحد فقط لضمان الإمداد الدوائي أو متوقفاً إنتاجه أو مفقوداً.
العلاقة بين تصدير واستيراد الأدوية
تقتضي القواعد الناظمة والصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء «بأنه يمنع استيراد أي دواء مصنع محلياً» إلا إذا كان مصنعاً من معمل واحد أو مفقوداً من السوق، وهذا يقودنا مباشرة للتعريف بمعنى فقدان الدواء من السوق. أي أنه لا يمكن اعتبار الدواء مفقوداً إلا إذا كان غير متوفر بتركيبه الدوائي ولو بأسماء تجارية أخرى. حيث كان هناك دائماً البديل الدوائي بأسماء أخرى وبنفس التركيب الدوائي يتم إنتاجه من قبل معامل أخرى. حيث إن القرارات الناظمة تسمح بإنتاج 7 مماثلات لكل دواء نوعي و10 مماثلات لكل دواء غير نوعي لتأمين السوق ومنع الاحتكار ولم يسجل في أي وقت من الأوقات خلال الحرب على سورية حدوث أزمة دوائية حقيقية، وإنما كانت تسجل حالات لفقدان أصناف دوائية بأسماء تجارية معينة، نتيجة توقف معمل معين عن إنتاجها إما بسبب خسارتها أو لظروف المعمل الأمنية أو لصعوبة استيراد المادة الأولية… وبهذا المفهوم انخفضت نسبة الأدوية المفقودة من 20% في عام 2013 لتصبح أقل من 200 اسم تجاري دوائي ويتم حالياً استدراك إنتاجها بعد إنجاز التعديلات السعرية التي تؤمن عدم خسارتها وللتوضيح فإن نسبة الأسماء التجارية المفقودة إلى الأدوية المنتجة والمرخصة بسورية هي أقل من 2%.
ولذلك فإن الحديث عن أزمة فقدان الأدوية هو حديث يجانب الحقيقة، ففي الوقت الذي كان فيه عدد المعامل المنتجة أقل من العدد الحالي بنسبة 40% وطاقة إنتاجية منخفضة وتوقف نسبة من الأدوية عن الإنتاج، لم يشعر المواطن بوجود أزمة فقدان للأدوية بسبب وجود البدائل من معامل أخرى بنفس التركيب، وكل هذه المسببات تغيرت الآن وتحسنت ظروف الإنتاج فكيف يمكن أن تكون هناك أزمة فقدان أدوية؟
والحديث عن هكذا أزمة أو إشاعتها هدفه بصورة واضحة أحد الأسباب التالية أو كلها مجتمعة:
* إعلام معادٍ للصناعة المحلية.
* ضرب الأمن الدوائي الراسخ في سورية الذي اثبت وجوده خلال خمس سنوات من الأزمة.
* تشجيع الاستيراد والتهريب.
ولذلك نجد أن السماح باستيراد أدوية منتجة في سورية يعتبر محاربة للإنتاج المحلي لأن المفاهيم المطبقة في فقدان الأدوية غير صحيحة وتعتمد معايير غير علمية. هذه المعايير نفسها هي التي تحد من قدرة التصدير للدواء السوري، حيث إذا خلصت نتائج الاستقصاء في وزارة الصحة أن الدواء قليل أو غير موجود تمنع تصديره، مع العلم بأن التصدير تحكمه قواعد مختلفة عن قواعد التسويق المحلي. فربما يكون الدواء مطلوباً في الخارج لمعمل معين وغير مطلوب لنفس المعمل محلياً، وتبعا لذلك لا يمكن أن نفرض على المعمل أن يغرق السوق بمنتجاته إذا كانت غير مطلوبة ويتم تغطيتها من معامل أخرى.
وفي هذه الظروف، وخارجها، نجد أن التصدير مهمة وطنية يجب دعمها وتحفيزها وتذليل العقبات أمامها.
مع أخذ العلم بأن المعامل السورية تنتج حالياً ما يزيد على 30 مجموعة علاجية، وتبقى المجموعات غير المنتجة هي الأدوية السرطانية والمناعية بصورة رئيسية، وحالياً توجد خطط مبرمجة للبدء في توطين التقنيات اللازمة لذلك.
عقبات تواجه الدواء المحلي:
• متابعة تطبيق آلية التسعير المعتمدة لتشمل الأدوية المسعرة منذ سنوات طويلة بهدف ضمان استمرار إنتاجها.
• تسوية أوضاع الأدوية التي تم تسعير جزء منها ولم تسعر مشابهاتها مما سبب خللاً بالسوق الدوائية.
• عدم وجود أو ضعف أنشطة البحث العلمي الدوائي.
• ضعف التشجيع الحكومي للاستثمار في مجال البحث العلمي.
• عدم وجود تفاعل منتج بين الجامعات والصناعة وخاصة في مجال البحث العلمي التطبيقي Problem Solving research
– منح حوافز خاصة للمنتجات النوعية وللتقنيات الحديثة.
الإعلام العلمي
لابد من إيجاد برامج مشتركة بين الصناعة ونقابتي الأطباء والصيادلة للترويج للدواء المحلي والتعريف به والمساهمة بتطويره. فالكثيرون يجهلون المستوى الفعلي لهذه الصناعة مع العلم بأن بعض مصانعنا تعتبر الآن الأحدث والأكبر في الشرق الأوسط وتمتلك من خطوط الإنتاج والتقانة ما يؤهلها بجدارة لأخذ موقع الريادة بين الصناعات الدوائية في الدول النامية.
لابد من الإدراك أن الفاعلين في منظومة الدواء ليس المعامل المنتجة فقط، وإنما هي منظومة متكاملة تتداخل فيها الفعاليات الحكومية مع فعاليات القطاع الخاص، وتتكون هذه المنظومة من معامل الدواء كقطاع منتج ووزارة الصحة كجهة فنية مشرفة ونقابة الصيادلة والأطباء والإعلام.
يجب أن يكون هناك تكامل وتناغم بين نشاط كافة هذه الفعاليات لحماية دوائنا الوطني، وحماية دوائنا الوطني هو حماية للمواطن والوطن.
المصدر: الوطن - د. زهير فضلون- رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية في سورية
إضافة تعليق جديد