انخفاض طفيف في أسعار الأعلاف وارتفاع في اللحوم
المستجدات على صعيد الأزمة العالمية عديدة لكن في مجملها وعود وآمال وأمنيات... فالتنفيذ والإيفاء بالتعهدات والالتزامات أمر آخر.
فقد شكك العديد من المتابعين والمختصين بصدقية البيان الختامي لقمة الثماني الكبار لجهة تخصيص 15 مليار دولار للأمن الغذائي ومكافحة الفقر.. فتداعيات ومفاعيل الأزمة لاتزال مستمرة ولم تتجاوز الذروة لتنتقل إلى السفح الثاني الذي يعني بداية انحسارها..
وفي هذا المجال يمكن التذكير من جديد بالتوقعات الروسية التي ذهبت إلى أن ذروة الأزمة ستكون في العام القادم (2010) لكن في الوقت نفسه يمكن الإشارة إلى ما ذهب إليه خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي العام الماضي عندما ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة وفاق الطلب العرض إذ توقع الخبراء أن انخفاض أسعار المواد الغذائية لن يحدث إلا في العام (2015)... لكن لم تمض إلا أشهر عديدة حتى انفرجت الأزمة. وانهارت أسعار النفط التي كان يتوقع لها أن تصل إلى مئتي دولار وانخفضت كذلك أسعار الأعلاف بنسبة زادت على 50% إلا أن العوامل والأسباب والظروف مختلفة في الحالتين فالمواد الغذائية كان سبب ارتفاع أسعارها عمليات المضاربة التي كانت تجري في الأسواق والبورصات العالمية... أما الأزمة المالية والاقتصادية الحالية فبدأت بإفلاس المصارف وأدت إلى تراجع الإنتاج وتراجع الطلب وانتهت بالكساد والركود وإفلاس الشركات وتسريح العمال.. والخوف من الإقدام على الاستثمار فالعملاق الاقتصادي الأكبر «الصين» تراجعت صادراتها في الشهر الماضي بنسبة 22% كما انخفضت أسعار السلع والمواد المعدة للبيع بالجملة في اليابان بشكل كبير.
وإذا كان للأزمة من محاسن فلها ميزة إيجابية واحدة تتمثل بتضاؤل أو انعدام الفرص والظروف المساعدة على ممارسة المضاربة في السلع والمواد ولاسيما الأعلاف والمواد الغذائية وكذلك الأمر بالنسبة للعقارات فالعرض يفوق الطلب في كل مناحي الحياة والركود سيف مسلط على المنتجين والباعة.
عندما وصلت أسعار برميل النفط إلى 73 دولاراً توقع العديد من المتعطشين لانتهاء الأزمة أن مرحلة التعافي في الاقتصاد العالمي قد بدأت وأن عجلة الاقتصاد دارت بشكل طبيعي, لكن تراجع الأسعار إلى 62 دولاراً أثبت أن الجميع لا يزال بعيداً عن مرحلة بدء الانفراج كما أن أسعار الذهب التي وصلت إلى (990) دولاراً للأونصة في السوق العالمية عادت لتتراجع إلى مستوى (912) دولاراً.. وتبين أيضاً أن سبب ارتفاع أسعار الذهب يعود إلى انعدام الرؤية في أكثر القطاعات جدوى للاستثمار وتوظيف الأموال فهرع أصحاب رؤوس الأموال باتجاه شراء الذهب متوقعين جنوناً في أسعاره فاشتد الطلب على المعدن الثمين.
أدت الرياح القوية التي هبت على البلاد الأسبوع الماضي إلى انخفاض ملحوظ في أسعار الفواكه ولاسيما الكرز- الدراق- التفاح البلدي- المشمش.. فزادت كمية العرض وتراجع الطلب الذي أدى بدوره إلى تراجع الأسعار بنسب وصلت إلى 30% وسطياً.
تحركت أسعار لحوم العواس الحية خلال الأسبوع الماضي وكذلك الفروج الذي وصل سعر الكغ الواحد منه في الأسواق الشعبية إلى 135 ل. س وبيع في بعض الأسواق بـ 140- 145 ل. س ... ويعود السبب في ذلك إلى بدء الموسم السياحي وزيادة أعداد المصطافين والسياح وبالتالي ازدياد الطلب على المادتين.. أما مربو الدواجن فيؤكدون أن زيادة الأسعار أحد أسبابها ما أصاب القطيع من أمراض ولجوء المربين إلى خفض حجم القطيع في كل فوج تربية وبعضهم فعل ذلك خوفاً مما كان يتوقعه في استمرار ارتفاع أسعار الأعلاف الذي حدث في الشهر الماضي.. كما تؤكد أخبار السوق احتمال تحرك أسعار البيض إلى الأعلى بسبب الطلب على المادة في السوق العراقية رغم أن ما يتم تصديره يومياً أقل من الكميات التي سمحت بها وحددتها وزارة الاقتصاد, لكن في كل الأموال يبقى رواد الكثير من المطاعم والنوادي واهمين في أن ما يقدم لهم من وجبات على أنها تتضمن لحوم العواس البلدية.. لكن واقع الأمور يؤكد أن كل ما يقدم أو أغلبه هو عبارة عن لحوم الأبقار والجاموس الهندي ويتم تقاضي ثمنها على أنها لحوم بلدية.
لم يحدث كامل ما كان متوقعاً من أن انتهاء موسم الامتحانات وبدء الموسم السياحي سيؤدي إلى انتعاش كبير في سوق العقارات, فالعاملون في المكاتب العقارية في دمشق وريفها قالوا: إن السوق تحرك وهناك حركة بيع وشراء وطلبات للإيجار.. لكن في مجمل الأحوال فإن العرض لا يزال أكبر من الطلب بأضعاف.
الجميع ينتظر إجراءاً حكومياً يقضي بزيادة الرواتب والأجور وفقاً لما ذكره السيد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء والنائب الاقتصادي السيد عبد الله الدردري خلال الفترة الماضية. إذ أكدا أن هناك 35% زيادة على الأجور والرواتب سيتم تنفيذها حتى غاية (2010) وبذلك تكون الحكومة قد نفذت كامل ما ورد في الخطة الخمسية العاشرة لجهة تحسين الأجور والرواتب.
وإذا تم تنفيذ نسبة 10- 15% وفقاً لما هو مأمول ومتوقع فإن ذلك سيسهم في الحد من الركود والكساد وسيمكن الجميع من إشباع رغباتهم في ابتياع كل ما هو أساسي وسيزيد دوران عجلة الاقتصاد.
أسعار السيارات المستوردة بقيت على حالها رغم الأزمة المالية العالمية ورغم تخفيض إنتاج معامل السيارات علماً أن أسعار السيارات في العديد من الدول تراجعت بشكل كبير بسبب الركود الناجم عن الأزمة.. أما في السوق السورية فإن الأسعار بقيت على حالها رغم المعارض العديدة التي يشترك فيها الوكلاء.. ويوهمون الزبائن الراغبين بالشراء بخفض 10- 15 ألف ليرة من ثمن السيارة. لكن من يمكن أن يذكر في هذا المجال المواصفات الجيدة والمزايا العديدة التي طرحتها الجهات المعنية لاقتناء السيارة السورية شام وخفض الدفعة الأولى وتنزيل سعرها..
ختاماً لابد من الإشارة إلى أن قطيع الأغنام تأثر كثيراً بتداعيات ونتائج وآثار الجفاف فاضطر المربون إلى بيع جزء كبير من القطيع حتى أن البعض خرجوا من إطار التربية نهائياً وقد أكدت ذلك المنظمات الدولية وقدرت أن عدد المربين الذين خسروا قطعانهم بلغ تسعين ألفاً.
ويمكن أن نتوقع أن قطيع الأغنام الذي كان يقدر عدده بـ 16 مليون رأس وفقاً لما قاله وزير الزراعة:إنه أصبح بحدود عشرة آلاف رأس.
ونتيجة لذلك وبسبب ارتفاع أسعار اللحوم الحية عاد البعض إلى تكوين قطيع صغير من جديد.
ختاماً صرف الدولار يوم أمس في السوق السورية بـ 46.70 واليورو بـ 65.5 وبيع غرام الذهب بـ 1210.
محمد الرفاعي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد