القاضي الشرعي الأول بدمشق: الثقة غائبة بين القضاة والمحامين
قال القاضي الشرعي الأول بدمشق، محمود المعراوي: “إن العلاقة بين القضاة والمحامين في الوقت الراهن سيئة نتيجة فقدان الثقة بينهم، وهذا لا يجوز أبداً وقد يؤدي إلى فقدان العدالة”.
ووفق صحيفة “الوطن” المحلية، لفت المعراوي إلى أن بعض المحامين يتهجمون على القضاة في حال لم يحكم لمصلحتهم، وأن بعض القضاة يعاملون المحامين معاملةً سيئة.
وأفاد المعراوي أثناء محاضرة ألقاها في “نقابة المحامين”، أن سياسة وزراء العدل السابقين لعبت دوراً جوهرياً في فقدان الثقة بين القضاة والمحامين، ضارباً مثلاً أن أحد وزراء العدل السابقين ألقى محاضرةً أمام عددٍ من المحامين الناجحين في مسابقة القضاء، بعنوان أن المحامي هو عدو لدود للقاضي، واحذروا المحامين وإياكم أن تتعاطوا معهم.
وأشار المعراوي إلى أن “المعهد القضائي” كان يلقن القلضاة الجدد بألا يتعاملوا مع المحامين، قائلاً: “إذا كانت هذه السياسة هي سياسة المعهد القضائي أو وزارة العدل فيجب أن تتغير تحقيقاً للعدالة”.
وبيّن المعراوي أهم المظاهر السلبية التي يتمتع بها القاضي تجاه المحامين هي أن بعض القضاة يتكبرون على الناس والمحامين، “وهذا لا يليق بالسلك القضائي”، كما “أن بعض القضاة متعصبون للأحكام التي يطلقونها، وثبت بالدليل القطعي بأن أحكامهم خاطئة، إلا أنهم يصرون عليها”.
وأضاف المعراوي، “إن بعض القضاة يستهترون بالمحامين الجدد، ولا يهتمون لأمرهم ولا لأقوالهم”، معتبراً أن هذه السياسة خاطئة في التعامل مع المحامي، مشدداً على ضرورة التعامل مع المحامين الجديد على أنهم جزء من منظومة تحقق العدالة.
وفيما يخص المظاهر السلبية التي يتمتع بها المحامون، قال المعراوي: “إن بعض المحامين يلفقون الأحداث مقابل تبرئة موكليهم للحصول على جزء من المال، وهذا ما يحدث للأسف حالياً في القضاء”، ضارباً مثلاً أن أحد المحامين اتفق مع سجين في المناظرة على أن يعترف على جريمة السرقة لتبرئة موكله مقابل جزء من المال، وحينما دقق قاضي التحقيق في القضية اكتشف أن القضية ملفقة، ونظم ضبطاً بحق المحامي وأحاله إلى النيابة العامة.
وذكر المعراوي أن بعض المحامين يشهدون شهادات زور مقابل مبلغ ضئيل من المال، متحدثاً عن قصة حدثت معه وهو أن أحد المحامين يقف خارج المحكمة الشرعية بهدف ترصد النساء اللواتي يردن الحصول على إذن سفر لأبنائهن القاصرين للشهادة بسبب أن ولي الطفل مسافر أو مفقود، مقابل ألف ليرة، وبعد تكرر الحادثة اكتشف القاضي الشرعي أمر هذا المحامي لينظم بحقه ضبطاً وترفع دعوى مسلكية بحقه في نقابة المحامين.
ونوه المعراوي بأن بعض المحامين السارقين الذين يسرقون أوراق الدعوى لإخفاء الثبوتيات اللازمة، وهذا ما حدث بالفعل مع أحد المحامين، حيث أقدم المحامي على سرقة إحدى أوراق الدعوى، إلا أن الآذن اكتشف أمره وأعاد الوثيقة إلى مكانها.
وأكد المعراوي “أن عدداً لا بأس به من المحامين يتهجمون على زملائهم، ويصفونهم بالجهل بالقانون، وهذا الأمر غير مقبول أبداً، ويجب على المحامي أن يكون على قدرٍ كافٍ من المسؤولية”.
ودعا القاضي الشرعي إلى تضافر الجهود بين “وزارة العدل” و”نقابة المحامين”، لإعادة الثقة بين القضاة والمحامين باعتبارهما جناحي العدالة ولكي يتم إحداث منظومة قضائية متكاملة.
وقال المعراوي: “لا بد من إيجاد قضاء قوي، وهذا لا يكون إلا في إصلاح القضاة والمحامين”، مشيراً إلى أن العبرة ليس في القانون وإنما في التطبيق، موضحاً أنه لا يمكن إيجاد نص جيد إلا في تطبيق سليم، وأنه “في حال عدم وجود التطبيق الجيد فإن النص لا فائدة منه”.
جدير بالذكر، أن نقيب محامي سورية، نزار علي السكيف، بين سابقاً أن النقابة تلقت عدداً كبيراً من الشكاوى حول محامين اتبعوا سياسة السمسرة في عملهم، وأكد أنه في 2014 ارتفعت نسبة الشكاوى على المحامين بشكل كبير، ما دفع النقابة إلى اتخاذ إجراءات مشددة بحق الكثير منهم، باعتبار أن الذي يقدم على هذا الفعل خان الأمانة الموكلة إليه، لافتاً إلى “أن مهنة المحاماة هي الجناح الثاني لتحقيق العدالة”.
إضافة تعليق جديد