العالم الذكي لحياة أكثر استقلالاً لمرضى الألزهايمر
لا تعلم ماري لُو أبداً أنها ملاحقة.
السيدة الأميركية تبلغ من العمر 77 عاماً، وبالرغم من أنها مصابة بالألزهايمر، وأصبحت في منتصف مراحل المرض، إلا أنها لا تزال تعيش بمفردها، ولكن أعين أفراد عائلتها تراقبها عن كثب. فإذا غادرت ماري لُو منزلها في أوقات محددة من النهار، حين تكون تحديداً بمفردها، يرسل جهاز استشعار لا يصدر أصواتاً، تم تثبيته على مدخل بيتها، رسالة تنبيه نصية إلى ابنتها.
وفي كل مكان من المنزل، زرع أولاد السيدة العجوز أجهزة استشعار لمراقبة والدتهم: اثنان على كل من مفتاحيها للتنبه إلى خروجها من المنزل، وآخر لرصد حركتها في المطبخ، ورصد عادات أكلها، وجهاز في غرفة نومها، يشير إلى أوقات استيقاظها في الصباح، كما يلاحظ أي خلل أو مشاكل تعاني منها خلال نومها.. حتى أن هناك جهازا في غرفة الغسيل للتنبيه إلى فيضان الماء!
وصنعت شركة «سمارت ثينغز» (الأشياء الذكية) أجهزة الاستشعار هذه، والتي ترسل المعلومات إلى جهاز مركزي لاسلكي صغير، ما مكن ابنتي لُو الاثنتين اللتين تتوكلان رعايتها مراقبة والدتهما من خلال تطبيقات على هواتفهما الذكية، وبرمجة إنذارات لرصد حركتها.
وبدورها، قالت ابنة لو كاثي جونسون إن «هذا الجهاز تمكن من مراقبة والدتنا، لدرجة أنه لم نكن بحاجة إلى توظيف أحد للاهتمام بها داخل المنزل.. حتى الآن. هدفنا هو إبقاؤها في منزلها لأطول فترة ممكنة، وعدم أخذها إلى دار عناية للمسنين».
ويلجأ الأفراد الذين يهتمون بالمرضى في عائلاتهم، كجونسون، اليوم، أكثر فأكثر إلى تكنولوجيا المنازل الذكية والأجهزة القابلة للارتداء، لمراقبة ذويهم المصابين بمرض الألزهايمر وفقدان الذاكرة، وذلك بهدف منحهم استقلالية لأطول فترة ممكنة. وأول عوارض مرض الألزهايمر هو فقدان القدرة على تعلم أشياء جديدة، ما يصعب عليهم التأقلم على العيش في أمكنة جديدة. في الوقت ذاته، يشكل العيش بمفردهم خطراً كبيراً عليهم، لا سيما عندما ينسون مثلاً إطفاء الفرن، أو أخذ الدواء، أو يغادرون المنزل ولا يعرفون طريق العودة. وفي هذا السياق، قالت نائبة رئيس «جمعية الألزهايمر» الأميركية بيث كالمير إنه «غالباً ما تتخذ القرارات في ما يخص العناية بالمصابين بهذا المرض في وقت متأخر، أي حين يصبح المريض في خطر»، معتبرة أن «أجهزة الاستشعار تساعد الأشخاص على الشعور براحة اكبر، وتسهل عملية انتقالهم وعائلتهم إلى مرحلة جديدة من حياتهم».
وتعتبر شركة «سمارت ثينغز» من الشركات الحديثة التي تعمل على تكريس مفهوم «انترنت الأشياء» وربطها بالأجهزة اللاسلكية، ما يساهم في استقلالية أغراض وآلات المنزل، وتحررها من السلطة البشرية عليها.
أما الصناعة التكنولوجية المختصة بالعناية بكبار السن، فهي صناعة واعدة بالرغم من أنها لا تزال في بداية طريقها. وفي هذا الصدد، تتوقع الخبيرة في هذه الصناعة لوري اورلوف أن تصل الأرباح الناجمة عنها «إلى 20 مليار دولار في العام 2020».
إلى ذلك، تستطيع الأجهزة القابلة للارتداء أيضاً مراقبة صحة المريض وسلوكه، والإشارة إلى أي تغيير جسدي يطرأ عليه، أو إلى سقوطه.
«الفتحات في الأبواب المخصصة للحيوانات الأليفة، مسخن المياه الكهربائي، كل شيء أصبح موصولاً اليوم إلى الإنترنت، أو نحن بصدد توصيله»، يقول نائب رئيس برنامج «أيريس» الاستشعاري في شركة «لووي» كيفن ميغر.
بالمقابل، تشكل الأجهزة التي تجمع البيانات حول تحركات المرضى تهديداً بشكل من الأشكال لخصوصية هؤلاء الأشخاص. وفي هذا السياق ، تؤكد كالمير أن «مسألة احترام الخصوصية ضرورية، كما يجب احترام رغبتهم في الطريقة التي يريدوننا أن نستخدمها للاعتناء بهم. لذلك، نحن ننصح بالتشخيص المبكر للمرض، ما يسمح للمصاب بالمشاركة في اختيار كيفية الاهتمام به».
باختصار، لا تحل المنازل المجهزة بأجهزة الاستشعار، أو الأجهزة القابلة للارتداء، مكان العناية البشرية المختصة، لكنها قد تكون كفيلة في نهاية المطاف بإعطاء المريض حياة مستقلة أطول.
السفير نقلاً (عن «سي أن أن وورلد»)
إضافة تعليق جديد