السينما في قفص الاتهام
مرةً جديدة، السينما في قفص الاتهام! مجدداً يُفتح الملف الساخن الذي دار في شأنه الكثير من الكلام العقيم: هل الواقع يغذّي الشاشة أم العكس؟ مرةً أخرى بعد "قتلة بالولادة" لأوليفر ستون، تتعرض الافلام التي تصوّر نزعة العنف عند الانسان الى حملة، على خلفية المجزرة التي ارتكبها شاب كوري في فرجينيا. الشريط المستهدف هذه المرة ليس أقلّ من "أولد بوي" للكوري بارك شان - ووك. ما من مسوّغ لهذا الاعتراض سوى الحجة التي يتمسك بها المحتجون ومفادها ان احدى الصور التي أرسلها "الجزار" الى شبكة تلفزيون "سي بي أس" الاميركية، حيث يظهر حاملاً مطرقة، تشبه الى حدّ كبير ملصق هذا الشريط العنيف الذي صدر عام 2004. المخرج الاميركي المتخصص في أفلام الرعب وس كرايفن كان أول من تولى الدفاع عن العنف في السينما، قائلاً انه ينبغي التفتيش عن جذور الشرّ لدى الانسان في طفولته ومنشأه، لا في الافلام التي شاهدها. وأفادت "وكالة فرانس برس" أن صاحب "صرخة" أصرّ على رفضه جعل العنف السينمائي مادة للابهار والجلب. وحسناً فعل كرايفن حين ابدى استياءه من المنطق القائل ان هوليوود مسؤولة، كما لو أن صور السيارات المفخخة الآتية من العراق، على سبيل المثال، بريئة تماماً ولا يد لها في تعزيز غريزة القتل لدى المتلقي. الانكى، أن الذين يُقتَلون على التلفزيون في منحى بات استعراضياً، هم أشخاص من لحم ودم، خلافاَ للضحايا في الافلام، وهم من الممثلين، في طبيعة الحال.
قضية العثور على المذنب ومعاقبته، جد معقدة، ولا توصل المناقشة فيها الى نتيجة، لكن الكثيرين يرمون التهم العشوائية من دون أن ينتبهوا الى ان أفلاماً عدة حذّرت من أخطار عدة، كما فعل مايكل مور في فيلمه "بولينغ من أجل كولومباين"، حيث دعا الى منع ترخيص الاسلحة، منطلقاً من مجزرة مشابهة لتلك التي حصلت في فرجينيا أخيراً. وهذا ما فعله أيضاً غاس فان سانت لاحقاً في فيلمه "فيل" الذي صوّر، بدم بارد، جريمة جماعية في احدى المدارس. هذه أفلام عن العنف، لكنها لا تدعو الى العنف. فهل من سبيل للمشاهد العادي الى التفريق بينهما؟ وهل السياسة اليوم، وبالطريقة التي تُمارَس فيها، أقل تحريضاً على العنف من السينما؟ آن الاوان ربما لتصحيح الواقع العنيف بدلاً من محاسبة الطرف الذي ينقله، قبل أن يصبح هناك "جانر" سينمائي جديد اسمه "مجزرة المدارس".
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد