الساركوزيون ينقضون على الذئب شيراك
الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، مرة ثانية، في محنة المواطن العادي. عندما تسقط الحصانة، ويحضر الماضي الرئاسي، وتفتح الملفات المتراكمة، والمخالفات.
حفظها في الظل قضاة مكتئبون، ثابروا على إدامة الملاحقات، بكل ما أوتي القانون الفرنسي من حيل واجتهادات، كي لا ينسل من ثقوب شباكه، الثعلب الرئاسي السابق.
شيراك الذي أحبط انتظار وآمال قضاة كثيرين، طوال سنين الحصانة السياسية، التي خلع درعها الواقية، وجد في سنواته السبعين، ومع القاضية كزافيير سيمونيوني، التي أغلق دونها أبواب القصر الرئاسي، وأبعدها
حاكم باريس العسكري مرة أولى، عندما حاولت مداهمة مكاتبه، قبل أن تلتهم، ملفات وشبهات كثيرة، آلة التمزيق التي عملت بكامل طاقتها، قبل أن يغادر الرئيس الإليزيه.
وكانت جلسة التحقيق الأولى، التي جمعت الرئيس السابق بقاضيين في تموز الماضي، قد جرت في قاعة منزوية، وبعيدا عن الأنظار، في مكاتبه في بولفار السان جرمان. وفي ختام أربع ساعات، بدأها شيراك شاهدا، تحول الرئيس إلى مشتبه فيه رسميا، ومتهم بالتورط في اختلاس أموال عائدة لبلدية باريس، ومخالفات مالية وتوظيفية ارتكبها خلال توليه رئاسة بلدية باريس من1977 حتى .1995 وتتهم القاضية «رئيس بلدية باريس السابق جاك شيراك» باستغلال منصبه، لكي تدفع البلدية رواتب لعشرين موظفاً، صدرت من مكتبه تكليفات رسمية لهم، بمهمات لمصلحة البلدية، فيما كانوا يعملون في الحقيقة، موظفين لدى حزبه «الاتحاد من أجل الجمهورية» الديغولي، أو كسائق لدى القائد النقابي المتقاعد مارك بلونديل.
وقال جان فيل، محامي الرئيس إن «التحقيق نبش أربعين ألف ملف في خزائن البلدية، ووجد 400 منها تثير الارتياب، ليقرَّر ملاحقة الرئيس في عشرين منها، اعتبرت جديرة بالملاحقة».
ويجزم شيراك ومحاميه، بأنه لم يرتكب أي مخالفة من هذا النوع بعد صدور قانون ينظم تمويل الأحزاب من أموال عامة، مطلع التسعينيات.
وكان لافتاً، أن يقع على عاتق أعدائه بالأمس مهمة الدفاع عن الرئيس، وعلى من كرس جزءا كبيرا من نيابته لإرسال الرئيس إلى السجن. ووجد النائب الاشتراكي ارنو مونتبورغ أن «القضاء يصل متأخرا لملاحقة رجل مريض، هجر الحياة السياسية». ودهش النائب الأخضر اليساري نويل مامير لأن العدالة «تستعيد شجاعتها المفقودة فجأة لتلاحق رجلاً مجرداً من كل سلطة».
أما أصدقاء الرئيس السابق، واللوبي المقرب من الرئيس نيكولا ساركوزي، فوجد بلسان النائبة نادين مورينو «طبيعياً، أن تستدعي العدالة، المواطن جاك شيراك لمحاسبته على أخطاء ارتكبها».
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد