الدراما التركية بـ«السوري»: فن إدارة «الفن».. ولكن
لم يدرج مشروع دبلجة المسلسلات التركية, رغم انتشاره الواسع, بوصفه لعبة درامية فنية, وإنما بقي مجرد لعبة تجارية تديرها شركات الإنتاج الفنية السورية وخلفها عدد من الفضائيات العربية كفضائيتي «أم بي سي» و«أبو ظبي», فاكتفى معظم نجوم الدراما السورية بموقف المتفرج على المشروع, وأكد معظمهم عدم استعدادهم لمنح أصواتهم لأحد, في إشارة لرفضهم المشاركة في عملية دبلجة المسلسلات التركية.
تحول حضور الدراما التركية المدبلجة باللهجة المحكية السورية من مجرد موضة إلى حمى أصابت معظم الفضائيات العربية, بعد أن تسابق عدد من شركات الإنتاج السورية لتبني دبلجة المزيد من المسلسلات التركية.
مشروع الدبلجة بدأته شركة «سامة» للإنتاج الفني بإنتاج مسلسل «سنوات الضياع» تحت إشراف الفنانة لورا أبو أسعد, وهذه الأخيرة سرعان ما خرجت عن طوق شركة «سامة» لتؤسس شركتها الخاصة «العراب» وتبدأ بدبلجة الكم الأكبر من المسلسلات التركية التي نشاهدها اليوم على شاشات الفضائية.
بعد «العراب» قامت شركة «الشرق» للإنتاج الفني بالانضمام إلى مشروع الدبلجة التركية, بينما اختارت شركة «عرب للإنتاج الفني» دبلجة مسلسل اسباني من دون أن تستطيع تكريس الدراما الاسبانية كنمط درامي مشرّع للدبلجة إلى السورية.
ألمح المنتج أديب خير صاحب شركة «سامة», في معرض رده على الرأي القائل بأن دبلجة الأعمال التركية للهجة السورية كانت لها آثار سلبية على الدراما السورية, إلى الجانب الاقتصادي للمشروع السابق, فقد قال في اجتماع ضمه ومنتجين سوريين للدراما التلفزيونية منذ عدة أيام: «لو لم نقم نحن بهذه العملية (أي دبلجة التركي) لقام بها المصريون واللبنانيون». وكان بذلك يشير إلى أن السوريين تفهموا سلوك سوق العرض فسارعوا لاستثماره بدفع هذا العدد الكبير من المسلسلات التركية المدبلجة, وهو ما أدركه المصريون على ما يبدو, لكن متأخرين, فسارعوا بعد النجاح الذي حققه مسلسل «نور», للإعلان عن طريق فاطمة فؤاد رئيسة القناة الثانية المصرية, عن شراء خمسة مسلسلات تركية جديدة سيتم عرضها خلال الأشهر القادمة.
المسألة باختصار رهينة عرض وطلب, زاد في بعدها التجاري عزوف نجوم الدراما السورية عن المشاركة فيها. ومع عزوف هؤلاء وجد ممثلو المسرح والعاملون في مسرح العرائس أو دبلجة برامج الأطفال فرصة عمل طيبة وكثيفة تدق بابهم وتستوعب حتى أقلهم موهبة, حتى بلغ عددهم «أكثر من 230 ممثلاً يعملون في هذا الحقل» بحسب المنتج أديب خير.
إلا أن هذا العدد من الممثلين لم يكن كافياً, على ما يبدو, لدبلجة ذلك الكم الكبير من المسلسلات التركية التي تم شراؤها, الأمر الذي أدى, أحياناً, إلى تكرار صوت معين لأحد الممثلين, بطبقاته الصوتية نفسها في أكثر من مسلسل. ترك التكرار إشارة استفهام كبيرة حول فنية عملية الدبلجة ذاتها, إذ ان ألف باء الدبلجة يقوم على اللعب على طبقات الصوت عندما يقوم الممثل بدبلجة أكثر من شخصية.
بالعموم, حتى الساعة ما زالت الدراما التركية تلقى متابعة ولها حضورها الواسع, إلا أنه يبقى أضعف من أن يغري أيا من نجوم الدراما السوريين بالمشاركة فيها, بل ومتابعة دقيقة لما يعرض, ما بات يؤشر إلى مشاكل فنية ستدفع بالمشروع كله إلى خانة الملل.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد