الداخلية المصرية تحذر من اتخاذ اجراءات حازمة ضد الاضراب
تترقب دوائر سياسية ودولية باهتمام شديد ما قد يسفر عنه إعلان تيارات وقوى سياسية وعمالية في مصر اليوم الأحد، يوما للإضراب العام في البلاد احتجاجا على ارتفاع الأسعار وتدني مستوى المعيشة بالنسبة للغالبية العظمى من المصريين، وحذرت وزارة الداخلية المصرية من انها “ستتخذ الاجراءات الفورية والحازمة” ضد كل من يحاول التظاهر او الاضراب تلبية لدعوة انتشرت على نطاق واسع في مصر من خلال شبكة الانترنت ورسائل الهواتف المحمولة.
واكدت الوزارة في بيان ان “البعض من محترفي الاثارة والتيارات غير الشرعية اخذ في الفترة الاخيرة في الترويج لشعارات مضللة، وعمد الى الدعوة الى وقفات احتجاجية والتظاهر والتوقف عن العمل وتعطيل الاعمال الاحد، ما اوجد انطباعا خاطئا لدى المواطنين”. اضافت الوزارة في بيانها انها تريد التاكيد ان “كافة مؤسسات الدولة وقطاعاتها الخدمية والانتاجية والدراسية ستظل على انتظامها يوم الاحد السادس من ابريل/ نيسان”. وتابع البيان ان “تلك الفئة الهامشية الداعية لهذا التحرك المؤثر قانونا عمدت من خلال البيانات ووسائل الاتصال الى خلق انطباع زائف بتأثيرها وبأن هناك استجابة لها واشاعت روح التخوف بين المواطنين”.
وحذرت الوزارة من ان “نصوص القانون جازمة ازاء اي فعل يرمي او يترتب عليه عرقلة سير مرفق عام او يهدد مصالح المواطنين الحيوية او من شأنه الإضرار بمصلحة عامة”. وأكدت ان “الوزارة تحذر من ان اجهزتها ستقوم باتخاذ ما يلزم من اجراءات فورية وحازمة ازاء اي محاولة للتظاهر او تعطيل حركة المرور او اعاقة العمل في المرافق العامة او التحريض على اي من هذه الافعال وذلك انطلاقا من احكام القانون وحماية للمصلحة العامة وامن المواطنين”.
ورفعت أجهزة الأمن المصرية منذ الليل قبل الماضي استعداداتها للدرجة القصوى، للسيطرة على الأوضاع في العاصمة والمدن الكبرى، في وقت كثف فيه نشطاء على شبكة الإنترنت دعوتهم جموع المصريين للانخراط في الإضراب العام، “سواء بالامتناع عن النزول إلى العمل، أو ارتداء الملابس السوداء، أو وضع العلم المصري في شرفات البيوت، أو التظاهر في الميادين العامة، مع ضرورة أن يحمل كل مُضرب وردة في يده لجنود وضباط الشرطة”.
ومنذ بدأت الحركات الاحتجاجية في الظهور في مصر قبل سنوات قليلة، لم تشهد البلاد تفاعلا مع دعوة للاعتصام والإضراب مثلما حدث مع تلك الدعوة التي انطلقت قبل شهور من عمال غزل المحلة، وأعلنت قوى سياسية تاليا تضامنها معها، إلى جانب عدد كبير من المدونين على موقع “فيس بوك” الشهير.
وتلاقي دعوة الإضراب العام صدى واسعا في الشارع المصري في ضوء موجة الغلاء المتصاعدة التي تضرب الأسواق في البلاد منذ شهور، فضلا عن تدني الأجور وسوء الأحوال المعيشية للغالبية العظمى من المصريين بشكل عام.
ولعبت المجموعات البريدية على شبكة الإنترنت الدولية دورا بارزا في الدعوة للإضراب العام في مصر، قبل أن تنتقل منها بسرعة إلى الجامعات المختلفة، وتتلقفها قوى سياسية أعلنت مشاركتها عمليا في الإضراب مثل حزب العمل المجمد، والكرامة تحت التأسيس، إلى جانب حركات كفاية وموظفي الضرائب العقارية وإداريي وعمال القطاع التعليمي ونقابة المحامين وحركة أساتذة الجامعات المصرية، في وقت راوحت فيه جماعة الإخوان المسلمين مكانها ما بين تأييد الإضراب والانخراط فيه والتحفظ على طريقته وآلياته.
ويتزامن إعلان الإضراب العام اليوم في مصر مع بدء الاستعدادات لإجراء الانتخابات المحلية المقرر لها بعد غدٍ الثلاثاء في مختلف المحافظات المصرية، وهي الانتخابات التي انتهت في عدد كبير من المحافظات بالتزكية بعد حصول الأحزاب الثلاثة الرئيسية الكبرى “التجمع والوفد والناصري” على عدد من المقاعد بالتنسيق مع الحزب الوطني الحاكم.
كما تتزامن هذه الدعوة مع اعلان قرابة 25 الف عامل في مدينة المحلة (دلتا النيل)، احد المراكز الرئيسية لصناعة النسيج في مصر، بدء اضراب في السادس من ابريل/ نيسان للمطالبة بزيادة الاجور.
من جانبها صدرت الصحف الحكومية أمس السبت وقد تصدرت صفحاتها تحذيرات واضحة من خطورة الانخراط في الإضراب، باعتبار ذلك الإضراب مجرم قانونيا، وذكرت نقلا عن مصدر قضائي قوله: “إن الحبس سوف يواجه المحرضين على المشاركة في الإضراب وكل من يمتنع عن أداء عمله”.
وفي مواجهة تلك التحذيرات التي صاحبتها مخاوف من قمع أمني للتظاهرات المرتقبة واستخدام أجهزة الأمن للعنف والاعتقالات العشوائية في مواجهتها، أعلنت سبع منظمات حقوقية عن تشكيل جبهة قانونية للدفاع عن المتظاهرين حال القبض عليهم، وضمت اللجنة حتى يوم أمس 120 محاميا من المحلة الكبرى وحدها، موجهة نداء لكل المواطنين بالاتصال بالجبهة في حالة القبض عليهم أو على أصدقائهم أو معارفهم حتى يمكن اتخاذ الإجراءات القانونية لهم.
وتنص المادة 124 من قانون العقوبات المصري على أنه إذا ترك ثلاثة على الأقل من الموظفين أو المستخدمين العموميين عملهم ولو في صورة الاستقالة أو امتنعوا عمدا عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم متفقين على ذلك أو مبتغين منه غرضا مشتركا، يعاقب كل منهم بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة حبسا، فيما ينص القانون على عقاب كل من اشترك بطريقة التحريض على الإضراب بضعف الحد الأقصى للعقوبة السابقة.
وينظر كثير من المراقبين إلى إضراب اليوم باعتباره، إحدى أبرز آليات الضغط الشعبية التي مورست ضد الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة، مشيرين إلى الدور الكبير الذي لعبته تلك الدعوة في دفع الرئيس حسني مبارك مؤخرا إلى اتخاذ سلسلة من القرارات، من شأنها أن توقف جموح الأسعار الكبير في البلاد، وبخاصة قراراته المتعلقة بإلغاء الجمارك على عدد من السلع ومن بينها الحديد والأسمنت فضلا عن السلع الغذائية، إلى جانب ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء احمد نظيف مؤخرا أن الحكومة تدرس زيادة العلاوة الاجتماعية بما يتجاوز 15% لتحقيق زيادة معقولة في دخول موظفي الحكومة وأصحاب المعاشات.
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد