الخلافات تنفجر داخل «الجبهة الإسلامية»
بدأت الخلافات بين الفصائل المشكِّلة لـ«الجبهة الإسلامية» تطفو على السطح. وبرغم أن ما ظهر من هذه الخلافات حتى الآن لا يعكس حجم التناقضات الموجودة بين هذه الفصائل، عقائدياً وسياسياً، إلا أن إعلان الاندماج بين «جيش الإسلام» و«صقور الشام» يوحي بأن «الجبهة الإسلامية» تخطو خطواتها الأولى نحو التفكك، أو إعادة بناء تحالف جديد على أسس مختلفة.
وفي خطوة مفاجئة أعلن أمس عن الاندماج الكامل بين اثنين من أهم الفصائل التي تتشكل منها «الجبهة الإسلامية»، هما «جيش الإسلام»، بقيادة زهران علوش، و«ألوية صقور الشام»، بقيادة أبو عيسى الشيخ. والغريب أن التشكيل الجديد أطلق عليه اسم «الجبهة الإسلامية» أيضاً، وعُيِّن علوش قائداً عاماً له. والجدير بالذكر أن زهران علوش يشغل منصب رئيس «الهيئة العسكرية في الجبهة الإسلامية» التي تشكلت أواخر العام الماضي، بينما يشغل فيها أبو عيسى الشيخ منصب «رئيس مجلس الشورى».
وأكد بيان الاندماج أن هذه الخطوة تأتي «استكمالاً لما بدأنا به بإعلان الجبهة الإسلامية قبل ثمانية أشهر»، مشيراً إلى أن الاندماج هو «اندماج كامل في كافة الوحدات والكتائب والمكاتب والعمل السياسي والعسكري والإعلامي»، وأن هذا العمل جاء «بناءً على ما تقتضيه ضرورات المرحلة الراهنة، التي تستوجب علينا إعادة ترتيب صفوفنا وفق استراتجيات جديدة». ودعا إلى «إعادة إنشاء هيئة أركان جديدة تمثل القوى الحقيقية على الأرض، بعيداً عن التجاذبات والأجندات السياسية».
وحول مصير الفصائل الأخرى التي تشكلت منها «الجبهة الإسلامية» (القديمة)، مثل «أحرار الشام» و«لواء الحق» و«لواء التوحيد»، اكتفى البيان بعبارة غامضة، عندما نوّه إلى أن «باقي إخواننا من الجبهة الإسلامية يسير بخطى حثيثة نحو الاندماج».
وتأتي خطوة الاندماج الثنائية هذه، بعد أيام فقط من إعلان كافة فصائل «الجبهة الإسلامية» في حلب وريفها الاندماج مع بعضها، وتعيين عبد العزيز سلامة قائداً عاماً لـ«الجبهة الإسلامية في حلب وريفها»، مع التأكيد على وجود خطط مستقبلية لإدماج باقي مكونات «الجبهة الإسلامية» في المناطق السورية. ورغم أن الاندماج الثنائي (علوش والشيخ) يوحي أنه يأتي في سياق هذه الخطط المستقبلية المشار إليها، إلا أن المعطيات والأدلة تشير إلى ما يخالف ذلك، وخصوصاً تعميم داخلي ضمن «جيش الاسلام» صادر عن زهران علوش شخصياً، يتضمن طعناً بكل من «أحرار الشام» وزعيمها من جهة وجماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى.
ويصف التعميم، الصادر في 12 حزيران الماضي، تعيين «أمير حركة أحرار الشام» حسان عبود في منصب رئيس الهيئة السياسية لـ«الجبهة الإسلامية» بأنه خطأ جسيم وقع به «جيش الإسلام»، لأن «أحرار الشام» يجهلون باب السياسة «الشرعية» والمرء عدو ما يجهل، ومن جهة ثانية لأن علاقتهم بالسياسة تتلخص بالخوف من الانحراف، وأن السياسة عندهم تعني التنازل عن الثوابت وحسب.
وكان لافتاً أن يضع التعميم حركة «أحرار الشام» في مقابل من وصفهم بمنحرفي جماعة «الإخوان المسلمين»، فالأولى «أسست قاعدتها الفقهية المثالية ـ في السياسة الشرعية ـ التي تعتمد على الخوف من المجهول، وهي سد الذرائع، كما أن منحرفي الإخوان أسسوا فقههم على تمييع المصالح المرسلة».
وبحسب التعميم فإن ذروة السياسة الشرعية هي «تحصيل أعلى المكاسب بأقل الخسائر، فإن كانت وفق الشرع كانت سياسة شرعية». وأضاف إن «الحصول على الغاية العظمى يستلزم التركيز على أهداف مرحلية» في انتقاد واضح للفصائل التي بدأت تعلن عن رغبتها في إنشاء «إمارات» خاصة بها، أو تطبيق «الشريعة الإسلامية» في مناطق سيطرتها. وأشار إلى أن «الانطلاق من فقه عصر التمكين في زماننا هو انفصال عن الواقع، بينما الاكتفاء بفقه الاستضعاف هو مراوحة في المكان»، مؤكداً أن «جيش الإسلام» يختار طريقاً وسطاً بين هذين الفقهين، لأن مشروعه هو مشروع تمكين وليس مشروع نكاية بالعدو.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد