الخرطوم تواصل تكميم الأفواه: لمزيد من قمع الصحافة
سجلٌّ طويل من انتهاكات حرية الصحافة والتعبير عُرفت به الحكومة السودانية خلال ما يزيد على عقد من الزمن. ورغم أن ملف حقوق الإنسان ككل هو واحد من حزمة اشتراطات أميركية ودولية لرفع العقوبات كافة عن الخرطوم، فإن ما يحدث على صعيد عمليات التضييق والمصادرة للصحف وملاحقة الصحافيين يدل على أن الحكومة تمضي عكس ذلك، وتغلق كل ما لا يوالي سياساتها.
وكان الرئيس عمر البشير قد دعا أكثر من مرة في العام الماضي إدارات الصحف إلى ما سماه «سياسة الاندماج»، وهي دعوة رامية إلى دمج كل مجموعة من الصحف في شركة واحدة، في حين أن الهدف من ذلك هو بقاء ثلاث صحف في البلاد فقط.
يقول الصحافي خالد أحمد، وهو عضو سكرتارية «شبكة الصحافيين السودانيين» (تنظيم تطوعي يعمل على الدفاع عن حرية الصحافة)، إن الحكومة تتحدث عن تخليها عن سياساتها القديمة، لكنها تواصل «سياسة تكميم الأفواه»، مشيراً إلى حجم الانتهاكات في الأشهر الثلاثة الأخيرة.
وكشف أحدث تقرير عن أوضاع حرية الصحافة في السودان، وهو صادر عن «شبكة الصحافيين السودانيين»، أن الربع الاخير من ٢٠١٦ شهد تمدد الانتهاكات بعدما سجل ٥٨ حالة انتهاك، مقارنة بـ42 حالة رصدت في الربع الثالث من السنة نفسها. وتمثلت تلك الانتهاكات في «اعتقال الصحافيين وتوقيفهم، بالإضافة إلى حالات الاستدعاء الأمني والمحاكمة والمصادرة».
يضيف التقرير إن المدة نفسها شهدت استمرار السلطات الأمنية في الضغط على الصحف وإنهاكها اقتصادياً بعمليات المصادرة بعد عملية الطباعة. وقد سجلت ٣٨ حالة مصادرة لصحف مختلفة من دون إبداء الأسباب. وطاولت المصادرات نحو 12 صحيفة بصورة متكررة، نالت غالبيتها من صحيفة «الجريدة»، تلتها «التيار» ثم «الوطن». كما انتهجت السلطات في هذه المدة سياسة فرض عقوبات تتمثل في توقيف الصحف لمدة ثلاثة أيام عن النشر بدلاً من يوم واحد.
وبجانب عمليات المصادرة عقب الطباعة، تُزاد أسعار ورق الطباعة ويُمنع نشر الإعلانات الحكومية في الصحف غير الموالية، فضلاً عن ازدياد فصل وتوقيف الصحافيين ومنع إصدار تراخيص جديدة.
وكان وزير الإعلام السوداني، أحمد بلال عثمان، قد لمّح إلى «ضوابط جديدة لعمل الصحافة الإلكترونية وضرورة حصول العاملين فيها على ترخيص لممارسة المهنة»، مبرراً ذلك بما سماه «تنظيم العمل».
في هذه الأيام، يشهد البلد الزيارة الثالثة للخبير المستقل المعني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان، اريستيد نونسي، بهدف «تقويم جهود الحكومة السودانية للإيفاء بالتزاماتها الدولية الخاصة بحقوق الإنسان».
أنور عوض
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد