الحكومة اللبنانية مؤجّلة حتى إشعار آخر
لم يحمل الأفق اللبناني خلال الساعات الماضية أي تباشير بإمكانية حصول نقلة نوعية وشيكة فوق رقعة المشاورات الجارية لتأليف الحكومة، بعدما وصل الأخذ والرد بين الرئيس المكلف والأطراف المعنية على ضفتي الأكثرية الجديدة وفريق 14 آذار الى زاوية مقفلة، بات الخروج منها يتطلب جهوداً، تتجاوز حدود ما يبذله الرئيس المكلف، لتساهم فيها قوى مؤثرة تستطيع مساعدته على تخطي الحواجز والكمائن المنصوبة على طريق تشكيل الحكومة.
ويبدو أن هناك وجهتي نظر تتجاذبان عملية تأليف الحكومة، الأولى تقول بوجوب الإسراع في تشكيلها لان تحديات المرحلة على المستويات السياسية والمعيشية لا تحتمل بقاء البلد من دون حكومة، وبالتالي فإن كل يوم يمر في ظل الفراغ القائم يشكل استنزافا لصورة الرئيس المكلف ودينامية تكليفه التي تكاد تستهلك تحت وطأة المراوحة.
أما وجهة النظر الاخرى فتميل الى استبعاد تأليف الحكومة في المدى المنظور، أقله ليس قبل 14 آذار المقبل، لان معظم الاطراف المعنية قد تكون صاحبة مصلحة في التأجيل، بدءا من الرئيس المكلف الذي قد يجد أنه من
غير المفيد أن يجعل من حكومته وهي ما زالت طرية العود «حقل رماية» بتصرف مهرجان 14 آذار القريب، وصولا الى حزب الله الذي ربما كان يفضل إرجاء التأليف الى ما بعد صدور القرار الاتهامي المتوقع في آذار، وذلك لإعـــفاء حكومـــة ميقاتي من إحراج مواجهته وتبعات تلك المواجهــة، مروراً بسوريا التي لا توحي حتى الآن بأنهــا راغبة في التدخل لدى حلفائها وأصدقائها للمساعدة في تشكيل الحـكومة.
ولعل قوى 14 آذار تفضل أيضا التأجيل، مفترضة أن «استــعراض القوة» الشعبي الذي ستنفذه يوم 14 آذار المقبل يتـــيح لها تحسين شروطها التفاوضية مع ميقاتي، للدخول الى حكومته، على قاعـــدة أنه لن يكون بإمكانه، بعد ذلك اليوم، تجاهل حجمها التمثيلي الذي سيعكسه الحشد المفترض في ساحة الشهداء.
في هذه الأثنــاء، زار الرئيس ميقاتي أمس الرئيس نبيه بري في مقــر الرئاسة الثانية في عين التينة، وبحث معه في الصعوبات التي ما زالت تعيق تشكيل الحكومة.
وقالت مصادر الرئيس بري إن رئيس المجلس شدد أمام الرئيس المكلف على وجوب الإسراع قدر الإمكان في تشكيل الحكومة، مع ما يتطلبه ذلك من تكثيف في وتيرة الاتصالات لتحقيق اختراق في جدار العقد القائمة، بأسرع وقت ممكن، معتبرا أن لا استحالة في تحقيق هذا الخرق.
أما أوساط الرئيس المكلف، فقالت أن أي أفكار جديدة لم تطرح خلال اليومين الماضيين لتجاوز حالة الجمود السائدة، مستغربة أن تستمر المشاورات بالدوران في حلقة مفرغة، برغم أن الرئيس ميقاتي يفعل كل ما بوسعه لكسرها، ويده كانت وما زالت ممدودة للحوار مع الجميع. وإذ لفتت الأوساط الانتباه الى أن العقد موجودة في أكثر من مكان، اعتبرت ان النجاح في معالجة إحداها يمــكن أن ينعــكس تلقائيا حلحلة على باقي العقد، لان الامور مترابطة.
في هذا الوقت، أكدت أوساط العماد ميشال عون أن الأخير لم يتراجع عن إصراره على نيل حقيبة الداخلية لقناعته بأن تكتل التغيير والإصلاح هو صاحب الحق في الحصول عليها، باعتباره الأكثر تمثيلا للمسيحيين، فيما قالت مصادر مواكبة للمشاورات إن مطلب العماد عون هو جزء من أزمة تأخير ولادة التشكيلة الحكومية، لكنه ليس العنصر الوحيد، خصوصا أن التمثيل السني ما زال غير محسوم وكذلك تمثيل طرابلس وزحلة، لافتة الانتباه الى ان الانتظار هو جزء من لعبة تشكيل الحكومة، وهو لم يطل بعد أكثر من المهل المعتادة، متوقعة أن يحصل التدخل السوري في الوقت المناسب.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد