الحريري يبدأ جولاته وكرامي يجزم بأن "لا حكومة دون توافق"
عادت الأجواء السياسية في لبنان إلى مرحلة الترقب من جديد، مع انطلاق جهود رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، لتشكيل حكومته وسط ظروف ضاغطة، بدأت مع وصوله إلى مرحلة التكليف مع 86 صوتاً فقط من أصل 128، ووضع المعارضة لشروط ظهرت واضحة من خلال حديث أحد أركانها في الطائفة السنية، عمر كرامي، الذي أعلن صراحة أن "لا حكومة دون توافق."
فقد بدأ الحريري أولى خطوات الاستشارات النيابية بجولة بروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقة الأحد، استباقاً للانطلاقة الفعلية للاستشارات، باجتماعات يعقدها الحريري لاحقاً مع الكتل النيابية.
وأجمع رؤساء الحكومات الذين زارهم الحريري - وأغلبهم حالياً في صفوف المعارضة، على الإعراب عن تمنياتهم لهم بتشكيل الحكومة بصورة سريعة، وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء السابق، عمر كرامي: "التقينا بدولة الرئيس الحريري، وكانت تربطنا صداقة وود رغم أننا كنا في المعارضة أيام والده المرحوم الشهيد الرئيس رفيق الحريري، ونحن نكن له الود والمحبة رغم أننا لا زلنا في المعارضة."
وقال كرامي إن الحريري طلب منه النصيحة، فرد عليه قائلاً: "نظامنا الطائفي لم ينجح ولم نستطع بناء الدولة القادرة، دولة القانون والمؤسسات،" مضيفاً أن القانون الذي جرت بموجبه الانتخابات البرلمانية الأخيرة "متن وجذر الانقسام الطائفي والخطاب الطائفي الذي يستثير المشاعر."
ولدى سؤاله عن نوايا الحريري بالنسبة لتشكيلة الحكومة قال إن الأخير: "منفتح ويريد تشكيل حكومة متجانسة،" غير أنه حذر من أن فقدان التوافق سيعني "عدم وجود حكومة،" ورأى أن الحريري هو "المؤهل الوحيد ليكون رئيسا للحكومة" وعليه عدم الاعتذار في حال واجهته مصاعب بل أن "يحلحل" على حد تعبيره.
يشار إلى أن جولة الحريري شملت كل من أمين الحافظ وسليم الحص ورشيد الصلح ونجيب ميقاتي، وهم جميعاً من الطائفة السنية التي تتولى تقليدياً رئاسة الحكومات.
إلى جانب زيارته العماد ميشال عون، قائد التيار الوطني الحر المسيحي المعارض، والذي كان على رأس حكومة عسكرية شُكلت نهاية العقد الثامن من القرن الماضي، وقد انتهى اللقاء بينهما دون صدور أي تصريحات رسمية.
ويبدو أن التحديات التي تواجه الحريري لا تقتصر على خصومه، بل تمتد لتشمل عدد من حلفائه، أبرزهم الزعيم الدرزي، النائب وليد جنبلاط، الذي هاجم بشدة سياسات الإدارات السابقة في القطاع العام خلال خطاب ألقاه الأحد، أعلن فيخ أنه "لن يشارك في أي وزارة فيها كلمة عن الخصخصة في النقل العام أو الضمان الاجتماعي أو الخليوي أو الكهرباء."
وأضاف جنبلاط: "نعم للإدارة، نعم للقطاع العام، نعم للدولة. يقولون إنهم مع الدولة، نعم للدولة، يريدون التخصيص؟ إذا لن أشارك لا أكثر ولا أقل."
وكان الحريري قد اختير لتأليف أولى الحكومات بعد الانتخابات النيابية الأخيرة بأكثرية 86 صوتاً نالها من قوى الغالبية النيابية "14 آذار" التي تمتلك 71 صوتاً، إلى جانب أصوات من نواب حركة أمل، التي يقودها رئيس البرلمان نبيه بري، والكتلة الأرمنية من القوى المعارضة.
وكان التصويت لبري، الذي لم ينل أكثر من 90 صوتاً من أصل 128 في سعيه للفوز بولاية خامسة في منصب رئاسة البرلمان قد انعكس عدم ثقة بين أطراف العملية السياسية في البلاد، حيث اعتبرت المعارضة أن وعود قوى الغالبية بدعم بري لم يتم الوفاء بها بالكامل.
وسبق لقادة في المعارضة أن أكدوا رغبتهم في المشاركة بالحكومة وفق صيغة ما تسميه تلك القوى بـ"الثلث الضامن" أو ما تسميه الغالبية بـ"الثلث المعطل" وذلك بالحصول على ثلث عدد مقاعد الحكومة زائداً واحداً، بما يسمح لها بتعطيل القرارات التي لا تناسبها، وحتى إسقاط الحكومة عبر الاستقالة.
غير أن قوى الأكثرية أكدت أنها لن تقبل منح المعارضة هذه النسبة من المقاعد باعتبار أن ذلك يؤدي لعرقلة عمل الحكومة، في حين يتم التداول حالياً بمخارج تقتضي بمنح رئيس الجمهورية حصة وازنة تضمن له أن يلعب دور الحكم بين القوى في الحكومة، دون أن يكون لفريق ما حق عرقلة سير أعمال السلطة.
ويرى خبراء إنه إن تمكن اللبنانيون من تجاوز عقبة الأعداد والأرقام في الحكومة، فسيكونون أمام عقبة جديدة تتعلق بما سينص عليه البيان الوزاري لجهة سلاح حزب الله، حيث اعتبر الحزب أن سلاحه "فوق أي اعتبار" في حين تصر قوى في الأغلبية النيابية على وضع صيغة تحول دون منح الحزب حرية الحركة انسجاماً مع القرارات الدولية التي أعقبت معارك يوليو/تموز 2006 بين الحزب وإسرائيل.
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد