الجـزائـر: الشبـاب ينافسـون المـرأة تاجهـا
يولي الشباب الجزائري اهتماما متزايدا بأحدث صيحات الأزياء والموضة، حيث امتد هذا الشغف إلى الاهتمام بالشعر والأساليب المتبعة في تسريحته وتصفيفه. وبينما يرى بعض الجزائريين التقليديين هذا الأمر من باب التحدي والخروج عن عادات وقيم المجتمع، يجد فيه الشباب اهتماما بآخر ابتكارات الموضة والعصرية. وتجاوز إتباع موضة قص الشعر لدى الشباب الجزائري مجرد الظهور بمظهر لائق ومقبول، بل أصبح الاهتمام بالشعر وتسريحه هو محور حياتهم اليومية في السنوات الأخيرة، إذ أثرت التكنولوجيا وتقنيات الاتصال في توسيع نطاق اهتمام الشباب من الجنسين بعالم الموضة الذي امتد إلى قرى الجزائر العميقة.
ويقول محمد وهو صاحب محل للحلاقة في حي بلكور في العاصمة الجزائرية، إن شباب اليوم أصبح مهووسا بتقليد النجوم، حتى إذا كان ذلك غير مألوف في المجتمع الجزائري «يطلب مني زبائني يوميا أنواعا مختلفة من تصفيف الشعر ورسومات غريبة الشكل، وفي أحيان كثيرة يأتون إلي وفي حوزتهم صور لنجوم كرة القدم ويطلبون مني أن أصفف شعرهم بحسب الصورة»، مضيفا أن غالبية الشباب «تطمح إلى التميز بأساليب تصفيف شعرها، وينافس بعضهم المرأة تاجها من شدة اعتنائهم بشعرهم».
ويوضح الطالب سفيان (16 عاما) الذي اختار قصة شعر مشابهة لنجم كرة القدم في الفريق الإسباني ميسي أن «من حق الشباب أن يساير عصره وأن لا يعيش الفرد في جلباب والده، إذ أن لكل جيل ميزته واهتماماته والمظهر الذي يختاره»، مضيفا «أنا أختار في كل مرة تصفيف شعري بطريقة مشابهة لنجوم كرة القدم البارزين في الفريق الاسباني برشلونة، وأقوم بذلك تعبيرا عن درجة عشقي لنجوم الفريق».
ويؤيد الطالب صلاح الدين وهو من مناصري فريق «ريال مدريد» رأي زميله ويقول «أريد أن أؤكد للجميع أني من أنصار ريال مدريد من خلال تسريحة شعري الشبيهة بقصة كريستيانو بالإضافة إلى أن تسريحة شعـري هي موهبتي التي أتفنن في ممارستها، ورسالة إعجابي بالفريق».
ويقر عبد الحكيم وهو صاحب محل للحلاقة أن «موضة تقليد نجوم كرة القدم والموسيقى في الجزائر تستقطب كل يوم الشباب من مختلف الأعمار والطبقات ومن بينهم أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة بالرغم من أن تكاليف قص الشعر والعناية به تعتبر مرتفعة نسبيا»، مضيفا «يتردد علي بعض الزبائن كل خمسة عشر يوما ليطلبوا تصفيف شعرهم بطريقة تشبه أحد الرياضيين أو نجوم موسيقى الراب». ويشير حكيم إلى أن في الجزائر «يوجد حلاق خاص بتصفيف الشعر بطريقة مشابهة لتسريحة شعر ديفيد بيكهام وآخر يتميز بتصفيف الشعر بأسلوب يشبه فرناندو طوريس، فيما يتميز بعضهم بمهارة تصفيف الشعر بأسلوب رينالدو».
ويعتبر أستاذ التربية البدنية في مدرسة «متوسطة العربي تبسي» في العاصمة الجزائرية السعيد مجدوبي أن تقليد تصفيف الشعر بالأساليب التي يتبعها اللاعبون موسمية، إذ ترتبط بالانتصارات التي يحققها فريق أو آخر. ويقول إن «الشباب الجزائري يحتاج إلى رمز يقلده، ولأن الساحرة المستديرة سلبت عقول الجميع فأصبح هؤلاء النجوم قدوة لشباب العالم كله، وليس للشباب الجزائري فقط خصوصاً أننا نعيش اليوم زمن كرة القدم، ولكل زمن رموزه». ويقول الطالب الجامعي سليمان (23 عاما) إن «الوضع أصبح خطيرا، وتجاوز كل الحدود ويجب على مؤسسات الدولة المختلفة أن تدرس بجدية كيف تعيد للشباب هويته وانتماءه للثقافة العربية الإسلامية».
أما الباحث في مادة علم الاجتماع في جامعة «الجزائر» يوسف شبيطة ، فيوضح أن «انتشار ظاهرة تقليد الشباب عادية وتوجد في كل المجتمعات في ظل واقع الانفتاح بين الثقافات المختلفة، حيث تصبح عملية التأثير والتأثر متبادلة بين الجميع»، مضيفاً أن «المشكلة الحقيقية هي في بنية المجتمع الجزائري الهشة، حيث لا يزال الفرد يبحث عن هويته»، مؤكداً أن «حل المشكلة ليس بمحاربة ثقافة الآخر، وإنما بدعم وتحصين ثقافتنا».
(«دويتشيه فيلله»)
التعليقات
ليس إلى ذلك الحد ...
إضافة تعليق جديد