الجزائر | أحزاب الموالاة تغازل الحراك: معارض إسلامي رئيساً للبرلمان
بات النائب عن كتلة «الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء»، سليمان شنين، أول من أمس، أول رئيس إسلامي للبرلمان الجزائري، بعدما زكّته بالإجماع أحزاب الأغلبية، التي كانت حتى وقت قريب تدعم مشروع الولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وفي مقدمتها حزبا «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديموقراطي». ولم يكن قرار تزكية شنين، الذي اشتغل في مجال الإعلام والدراسات قبل أن يصير نائباً في عام 2017، منتظراً، ولم تتسرب أي معطيات في شأنه، ما أوحى بتلقي الأحزاب المسيطرة على المجلس، في الدقائق الأخيرة التي سبقت عملية انتخاب الرئيس، قراراً بسحب كل مرشحيها وتزكية شنين، وهو ما لم ينفه رفاق رئيس المجلس الجديد، الذين أكدوا خضوع أحزاب الأغلبية لتعليمات عليا.
ويَخلُف شنين، معاذ بوشارب، القيادي في حزب «جبهة التحرير الوطني» (المسيطر على البرلمان)، الذي واجه في الأشهر الأخيرة ضغوطاً كبيرة عليه للاستقالة؛ لكونه أحد «الباءات» التي طالب الحراك الشعبي برحيلها، ما اضطر حزبه في النهاية إلى التخلي عنه. وظهرت في الأيام الماضية عدة أسماء لخلافة بوشارب، وعلى رأسها الأمين العام الجديد لـ«جبهة التحرير الوطني»، محمد جميعي، إلا أن جميعي لم يبدُ أنه مقبول شعبياً، فيما كان من شأن ترشيحه أن يفاقم حالة الرفض للبرلمان الحالي الذي يطالب الكثيرون بحله. هذه المخاطر دفعت في آخر لحظة إلى التخلي عن فكرة ترشيح شخصية من داخل أحزاب موالاة الرئيس السابق، وفرضت خياراً آخر يُحاول من خلاله نواب الأغلبية إظهار نوع من التنازل وفق بعض القراءات، في محاولة لمغازلة الحراك الشعبي والتخفيف من حدة هجومه على نواب البرلمان، الذين اشتهروا في عهد بوتفليقة بدعم كل سياساته، وتمرير القوانين التي كانت تحفظ امتيازات رجال الأعمال المسجونين حالياً، في مقابل تطبيق سياسة تقشف على بقية الجزائريين، خصوصاً في السنوات الأخيرة التي تدهورت فيها القدرة الشرائية كثيراً.
وذهبت بعض التحليلات إلى أن ما جرى عبارة عن مناورة سياسية، يسعى حزب الأغلبية الأول من خلالها إلى التراجع عن صدارة المشهد، بينما يبقى في الواقع مسيطراً على المجلس، لأن دور الرئيس شرفي وإداري أكثر منه تشريعياً. ويعتقد من يتبنّى هذا التحليل أن السلطة لا يزال يهمّها البرلمان في جانبين، هما: تعديل قانون الانتخابات، وتمرير مشروع «الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات». وهي بجلبها رئيساً من المعارضة، تُحاول فقط تجميل وجه البرلمان وجعله أكثر قابلية، خشية أن تلقى هذه القوانين المنتظرة معارضة قوية من الشارع.
كذلك وُجّهت سهام النقد إلى الرئيس الجديد للبرلمان، الذي ربط البعض اختياره لهذا المنصب بانخراط تكتله (التيار الإسلامي) في مسعى تقارب مع السلطة، ودفاعه عن المؤسسة العسكرية وخياراتها في وجه من ينتقدونها من التيار العلماني تحديداً. وفي هذا الإطار، ذهب البعض إلى تشبيه شنين بأنه «دربال» جديد نسبة إلى رئيس «هيئة مراقبة الانتخابات»، الإسلامي عبد الوهاب دربال، الذي استعان به نظام الرئيس السابق لإعطاء صدقية للانتخابات، في عملية انتهت بفشل ذريع، إذ كانت الانتخابات التي أشرف عليها الأكثر طعناً فيها من قِبَل المعارضة. والجدير ذكره، هنا، أن شنين حضر الندوة الأخيرة لتيار من المعارضة يوم 6 تموز/ يوليو الماضي، التي دعت إلى إطلاق حوار وطني تقوده شخصيات مستقلة، والذهاب إلى انتخابات رئاسية في فترة قصيرة، وهو ما رافع من أجله رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، ومن ورائه قيادة المؤسسة العسكرية.
ولتفادي هذه التأويلات، سارعت حركة «مجتمع السلم»، صاحبة أكبر عدد من النواب الإسلاميين في البرلمان، إلى نفيها أيّ تزكية للرئيس الجديد، الذي كان في السنوات السابقة عضواً فيها قبل أن ينشق عنها. وأصدرت الكتلة بياناً وصفت فيه شنين بأنه «رئيس أمر واقع مثل من سبقه، ولا تمثل تزكيته حالة ديموقراطية، إذ هو نتاج أغلبية برلمانية مزورة ومرفوضة من الشعب الجزائري». وفسرت «مجتمع السلم» ما جرى بأنه «عملية تزيينية فاشلة للالتفاف على مطالب الحراك الشعبي، والضغط على القوى الوطنية الصادقة في كفاحها من أجل الديمقراطية». هذه الاتهامات رفضها لخضر بن خلاف، الذي ينتمي إلى كتلة الرئيس الجديد، قائلاً إن وجود رئيس للبرلمان من المعارضة أكبر ضمانة للحراك الشعبي ومطالبه، بما ينذر بانقسام محتمل داخل التيار الإسلامي، الذي يشكل أحد أركان المعارضة.
الأخبار
إضافة تعليق جديد