الإعلام الإلكتروني العربي تحت وطأة الرقابة
يمكن لأي مواطن عربي يملك موقعاً أو مدونة أو صفحة خاصة أن يتحدث بما شاء، باستثناء أمر واحد: السياسة ومن خلفها. فهو «حرٌ» في الكتابة والتدوين والنشر شرط ألاّ ينتقد رئيساً أو ملكاً أو حاكم بلده، وإذا فعل فالعقاب ينتظره، حتى باتت درجة الرقابة على الإنترنت في الوطن العربي في أقصاها، بينما أصبحت الحرية الإعلامية في مهب الريح.
لم يبلغ هذا التطور الخطير مبلغه الآن. ففي السعودية، صدر قانون جديد يضم لائحة تنفيذية جديدة لتنظيم أنشطة النشر الإلكتروني، تشترط الحصول على ترخيص مزاولة هذه الأنشطة من وزارة الإعلام السعودية. كما تلزم المتقدم بطلب الحصول على الترخيص بتوافر عنوان بريدي محدد له، حتى يَسْهُل الوصول إليه عند «مخالفته» الأنظمة الجديدة، وذلك بحسب «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان».
وفي سوريا، ما زال موقع «فايسبوك» محظوراً .
أما في مصر، فقد ذكرت الشبكة أن المدوِّن المصري محمد مرعي، صاحب مدونة «إيغي تايمز»، فقد وظيفته في شركة أدوية في مدينة طنطا بسبب نشاطه السياسي وما يكتبه على مدونته على الإنترنت.
وما يحصل في تونس من احتجاجات من قبل الصحافيين ضد القيود التي تفرضها السلطات على تغطيتهم لتظاهرات المواطنين ضد سياسة الرئيس زين العابدين بن علي، دليل على الرقابة القاتلة ضد الإعلام.
توجد في البلدان الغربية رقابة ومحاسبة وتنظيم للنشر على الإنترنت، لكنها لا تصل إلى حد القمع والعنف الدائرين في بلداننا العربية. والمشكلة عندنا ليست عابرة بل هي بنيوية ويكاد يصح تسميتها بالتخلف في مواجهة التقدم. كأنه يتحتم علينا، إعلامياً، أن نتقبل كل ما تؤدي إليه السياسة الرسمية في أي بلد عربي من دون اعتراض أو نقد.
وصحيح أن ثمة وقائع جرت في الولايات المتحدة تبرز انحيازاً للإعلام اليميني، مثل فصل الإعلامية أوكتافيا نصر من قناة «سي أن أن» بسبب إعلان أسفها لوفاة المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله في صفحتها عبر «تويتر»، واستقالة عميدة الصحافيين الأميركيين هيلين توماس كمراسلة معتمدة في البيت الأبيض بعد انتقادها السياسة الإسرائيلية، بيد أن موقع «ميديا ماترز»، مثلاً، لا يزال يخوض معركة شرسة ضد قناة «فوكس» ولم يجرِِ التضييق عليه أو التهديد بإغلاقه.
في هذه الحال، قد يصبح الإعلام الإلكتروني في بلداننا معسكراً بالكامل، ربما باستثناء لبنان الذي يتمتع بحرية نسبية يمارسها الكتاب والمدونون على الإنترنت. ولن يكون غريباً، بعد الآن، أن ننعى الحرية ـ الفسحة على الإنترنت، والتي كانت موجودة في البلدان العربية، حتى أمس قريب...
حسن زراقط
المصدر: السفير
التعليقات
عقل صغير و حرب كبيرة
إضافة تعليق جديد