الإصلاح السياسي في الأردن مؤجل حتى إشعار آخر
تظهر تشكيلة الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة نادر الذهبي التي طغى عليها التكنوقراط مع غياب شبه كامل لذوي الخلفيات السياسية، أن المملكة تتجه نحو تأجيل الإصلاح السياسي لحساب الملف الاقتصادي الاجتماعي.
وبات الملف الاقتصادي ضاغطا نتيجة عدد من المتغيرات، أبرزها توجه الأردن لتحرير أسعار المحروقات مع استمرار موجات الغلاء لمختلف السلع والخدمات.
ويعزز تصدر ذلك الملف أولويات الحكومة الجديدة، تركيز الملك عبد الله الثاني في خطاب افتتاح البرلمان الـ15 على القضايا الاقتصادية والاجتماعية على حساب ملفات الإصلاح السياسي.
يتفق النائب الأول لرئيس مجلس النواب الأردني ممدوح العبادي على أن الإصلاح السياسي هو أساس كل الإصلاحات.
غير أنه اعتبر في حديث أن الأردن يواجه ظروفا ومستجدات ضاغطة في الملف الاقتصادي الاجتماعي، دفعت بصاحب القرار لوضع هذا الملف على رأس أولويات المرحلة المقبلة.
وبين أن التركيز على مواجهة الآثار السلبية لارتفاع أسعارالنفط العالمية والحد من موجات الغلاء المتكررة بات أولوية حاسمة لا خيار أمام التركيز عليها.
وينفي العبادي تأجيل ملف الإصلاح السياسي في الأردن، قائلا "ما دام صندوق الاقتراع موجودا في انتخابات البرلمان والبلديات والنقابات وغيرها فإن ذلك يعني أننا لا زلنا على الطريق الصحيح".
رغم ذلك أقر بوجود ما وصفها "ثغرات وعثرات وبطء في الإصلاح وتشكيك من قبل البعض بنزاهة الانتخابات".
وأضاف كل ذلك لا يلغي أننا نسير بخطى ثابتة نحو الإصلاح الشامل، وأكبر دليل هو تحكيم صندوق الاقتراع في اختيار ممثلي الشعب.
بدورها عبرت المعارضة الإسلامية عن اليأس من إمكانية حصول أي تقدم في ملف الإصلاح السياسي في الأردن.
ولم يخف جميل أبو بكر نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين أن تيار المقاطعة للمشاركة السياسية داخل الحركة الإسلامية يتزايد.
وقال أبو بكر "منذ عام 1993 هناك قرار بالتراجع عن نهج الإصلاح السياسي بدء بقانون الصوت الواحد، ووصلا إلى حد تزوير إرادة الناس في الانتخابات البلدية والبرلمانية.
ولا يقف الإسلاميون وحدهم في ميدان المتشائمين من جدوى الإصلاح السياسي، حيث تشترك معهم قوى قومية ويسارية حزبية ومستقلة.
واعتبر الوزير وعضو البرلمان السابق الدكتور عبد الرحيم ملحس أن ملف الإصلاح السياسي "لم يكن يوما ضمن أولويات أصحاب القرار في الأردن".
وأضاف "ظهر الحديث عن الإصلاح السياسي في فترة دعوات الإصلاح الأميركية قبل سنوات، وتراجع هذا الحديث الذي لم يتجاوز حدود الجدل الكلامي بتوقف واشنطن عن حديثها عن الإصلاح".
واعتبر ملحس أن أولويات الحكومات الأردنية تتلخص في تعزيز قوة السطوة الأمنية المترافقة مع تراجع الحريات العامة، والاهتمام بالملف الاقتصادي خوفا من النقمة الشعبية، على حد قوله.
وذهب ملحس إلى حد اعتبار أن آلية الحكم في الأردن باتت تقترب من آلية "الحكم الرئاسي الذي يضع الإستراتيجيات والتخطيط، ويترك أمر التنفيذ فقط للحكومات" ووصف الوزراء في الحكومات بأنهم مجرد "موظفين كبار".غير أن ملحس حذر من انفجار اجتماعي بسبب الفقر وموجات الغلاء وغياب الحريات العامة، والتي تقابلها الحكومات بالمزيد من "القبضة الأمنية وتعزيز الشكل البوليسي للدولة في الأردن" على حد وصفه.
وانتخب الأردنيون نهاية الشهر الماضي مجلس نوابهم الخامس عشر، بعد أن انتخبوا مجالسهم البلدية أواخر تموز/يوليو الماضي. وقد اتهم الإسلاميون الحكومة بتزويرالانتخابات في مرحلتيها.
الحكومة الحالية التي يرأسها نادر الذهبي هي الثامنة في عهد الملك عبد الله الثاني الذي جاء خلفا لأبيه عام 1998، بينما تحمل هذه الحكومة الرقم 66 منذ تأسيس إمارة شرقي الأردن عام 1921.
محمد النجار
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد