اختتام «ملتقى الجولان» شهادات حية ولجنة متابعة

تفترش منازل مجدل شمس، الوادي الواقع بين جبل وتلة يحتل قمتها موقع عسكري. أمتار تفصلها عن شريط شائك يحاول سلخها عن هويتها، من دون ان يبدلها. اعلام سورية ترفرف في ايدي الجولانيين بين جنباتها، متجاهلة اعين الاسرائيليين فوقها. ومئات السوريين والعرب والاجانب، في الجهة المقابلة، يردون التحية، رافعين قبضاتهم، هاتفين «الجولان عائد».
طلاب وسكان طرنجة، بيت جن، حضر، وغيرها من القرى المأهولة في المنطقة المعزولة السلاح، يلوحون لاقربائهم وجيرانهم في الارض المحتلة. ينادون بعضهم بالأسم. يرفعون لهم شارة النصر. منهم من يبكي. ومنهم من يتأمل في لقاء قريب. وخلف هؤلاء تصدح مكبرات الصوت بحماسـة الهتافات، فيما يتوعد بعض المتحدثين، الاسرائيليين المتفرجين على التظاهرة، بمقاومة آتية.
بين المتحمسين في موقع عين التينة، وأمام أعين الرابضين بأعلامهم الحمراء والسوداء والبيضاء في الجهة المواجهة، توج «ملتقى الجولان العربي الدولي»، اعماله التي تواصلت على مدى اليومين الماضيين. تلا اعلانه الختامي الذي حمل اسم «اعلان الجولان العربي الدولي»، بينما توجه الاسير اللبناني المحرر سمير القنطار الى الحاضرين على الضفتين، مبشرا اياهم بتحرير قريب.
واكد اعلان الملتقى الذي انعقد برعاية الرئيس السوري بشار الاسد، ومبادرة من «المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن» و«الهيئة الشعبية لتحرير الجولان»، على «حق سوريا في تحرير ارضها بكل اشكال المقاومة»، رابطا بين تحرير الهضبة السورية، وانهاء احتلال بقية الاراضي العربية.
وطالب الملتقى الذي شارك فيه أكثر من 2000 مدعو عربي واسلامي واجنبي، بـ «تكريس الجهود لدعم سوريا في سعيها لانحاء احتلال الجولان». واعلن التجمع الموسع في هذا السياق، عن «تشكيل لجنة متابعة مركزية، عربية ودولية، تنبثق عنها لجان في مختلف أقطار العالم».
وسبق تلاوة الاعلان في عين التينة، عرض لشهادات حية في مكان انعقاد الملتقى في قدسيا قرب دمشق، تناولت الممارسات الإسرائيلية بحق الأسـرى والنازحين، والاستيطان، وسرقة الميـاه والآثار. واستعرض اسرى محررون تجربتهم في سجون الاحتلال، فيما تحدث اهل معتقلين عن اوضاع ابنائهم، مؤكدين تمسكهم «بالارض والقومية».
وكان الملتقى افتتح اعماله امس الاول في القنيطرة، على بعد امتار من الخط الفاصل بين المنطقة المحررة وجارتها المحتلة. وحضر الحفل الذي رافقه معرض صور، اكثر من 5 آلاف شخص، بحسب المنظمين. وتقدم هؤلاء الامين القطري المساعد لحزب البعث محمد سعيد بخيتان، ممثلا الاسد، والأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان المصري محمد فائق، ووزير العدل الاميركي السابق رمزي كلارك، و«رئيس المركز العربي والدولي للتواصل والتضامن» معن بشور، و«ممثل المقاومة الفلسطينية» الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، طلال ناجي.
وفيما ركز المتحدثون على اهمية انعقاد الملتقى، وعلى حق سوريا في التحرير، ألهب فائق حماسة الحضور، مذكرا بالوحدة، ومرددا عبارة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر «ما اخذ بالقوة، لا يسترد الا بالقوة». وقال على هامش مشاركته في الملتقى، انه سيعمل من خلال منصبه، على الترويج لقضية الجولان.
وتطرق فائق، وزير الاعلام في عهد عبد الناصر، الى قضية السلام في المنطقة، قائلا ان عملية التفاوض «لن تقود الى اي شيء». ورأى ان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما «لا تعطي هذه المسألة الاهمية اللازمة، وكل ما يجري من تفاوض هو سراب.. الاسرائيليون يريدون تنازلا فلسطينيا وراء تنازل».
من جهته، قال رمزي كلارك، الذي تحدث في افتتاح الملتقى عن ضرورة «منع توجيه ضربة» الى ايران، ان «ادارة اوباما تتعرض لضغوط كبيرة في هذا السياق». واوضح انه يعتقد «ان اوباما لا يريد مهاجمة ايران، لكن قوى كبرى تؤيد ذلك، وايضا اسرائيل». وتعليقا على منح الرئيس الاميركي جائزة نوبل للسلام، قال «لقد ارتكب اخطاء عديدة.. هو شخص صادق ويريد ان يفعل ما يعتقد انه صحيح، لكن هناك ضغوطا هائلة تمارس عليه، وانا لم ار مثلها في واشنطن من قبل».
وقد نوقشت عملية السلام والوضع في المنطقة، خلال ندوات اليوم الاول من الملتقى وورشات عمله، التي ركزت على أبعاد احتلال الجولان ثقافيا واجتماعيا واستراتيجيا، وعلى دور والفن والمرأة والشباب في التحرير. وشهدت ندوة «دور الاعلام» أسخن النقاشات بين المتحدثين، الذين تقدمتهم المستشارة الإعلامية والسياسية للرئيس الأسد، بثينة شعبان، وشارك فيها الاعلامي غسان بن جدو والاعلامية كوثر البشراوي، ودارت حول «الانقسام» في الاعلام العربي.

محمد علي حريصي

المصدر: السفير