إصلاحات عبد المهدي هل تنهي الغضب في العراق؟
ربما يكون لإعلان رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، ورئيس مجلس النوّاب محمد الحلبوسي، خطواتٍ إصلاحية «سريعة»، أثره في «تنفيس» الشارع الغاضب والمستمر في حراكه المطلبي لليوم السابع على التوالي. عدد الضحايا بلغ أكثر من مئة قتيل (من المتظاهرين والعسكريين) إلى جانب أكثر من 4000 جريح من الجانبين. وحتى ساعات متأخرة من مساء أمس، شهدت العاصمة والمحافظات الجنوبية نوعاً من «الهدوء الحذر»، كُسر بتظاهرات محدودة في شارع فلسطين في بغداد، وساحة «ثورة العشرين» في النجف. هدوءٌ من المتوقّع أن «يُثبّت» في الساعات الـ48 المقبلة، وسط ترجيح بعودة خدمات الإنترنت المحجوبة منذ الأسبوع الماضي، وإفساح المجال أمام اتصالات تُجريها قنواتٌ خاصّة لإيجاد حلول تضبط الشارع. بالتوازي، ثمة من يقول إن «التظاهرات قد تعود مجدّداً يومي الخميس والجمعة»، وإن المتظاهرين في صدد الإعداد لتحرّك «كبير»، في رسالة حرص هؤلاء على إيصالها إلى الحكومة الاتحادية للضغط عليها، واختبار جديتها في تنفيذ «وعودها الإصلاحية».
وترافق الحذر الرسمي مع تغيّر في التغطيات الإعلامية لعدد من القنوات العراقية والعربية، وخلوّ بغداد من أي مراسل لأي وكالة أنباء عالمية. فبعض القنوات تحوّلت تغطيتها «المفتوحة» إلى إخبارية وعادية رغم تبنيها خطاب «الانتفاضة» وإسقاط النظام القائم والعملية السياسية بادئ الأمر، متسلّحةً بمواقف المتظاهرين المتراوحة بين المطلب المحقّ جراء واقع معيشيّ صعب، والدعوة إلى إسقاط النظام والحكومة. والأخيرة سارعت إلى إطلاق حزم من الإصلاحات السريعة طاولت مختلف الفئات، لناحية تأمين الدرجات الوظيفية، ومنح القروض الميسّرة لإطلاق المشاريع الخاصّة، وتأمين الأراضي والمنازل لأصحاب الدخل المحدود، إضافة إلى الدعوة الفوريّة إلى وقف إطلاق النار ومعالجة الجرحى واحتساب من سقطوا «شهداء» تتكفّلهم الدولة. ووفق المتحدث باسم الداخلية، سعد معن، فإنه اعتباراً من 1 كانون الأول/ديسمبر المقبل، سيتم تعيين 46 ألف عنصر في الوزارة بعد توفير الاعتماد المالي، مؤكّداً وجود «أيادٍ خبيثة تقف وراء استهداف المتظاهرين... فُتح تحقيقٌ لمعرفة الجهة التي تقف وراء» الاستهداف.
رؤية الحكومة «الإنقاذية»، كما تصف مصادر، مبنيّةٌ إلى جانب برنامج عبد المهدي الوزاري على مطالب المتظاهرين التي سُمعت خلال لقائهم بالحلبوسي، أو خلال لقاءات ثنائية جمعتهم مع «قنوات محدّدة» منذ اليوم الأوّل. وهذه المطالب، وفق مصادر عديدة، أقرب إلى أن تكون «فرديّة، متناقضة... لا تحمل بُعداً سياسياً»، ما سهّل على الحكومة تحديد توجهات «الحزم الإصلاحية» التي راعت بصورة كبيرة الفئات العمرية المشاركة (18 ــــ 30 عاماً). وإن صبّت معظم المطالب على تحسين الواقع المعيشي ـــــ الخدمي، كان بارزاً تحديد مجموعات ناشطة على خطّ الحراك مطالب سياسية رفعتها إلى الحكومة والبرلمان، داعية إياها إلى تطبيقها. لكن الإجابة كانت رفضاً قاطعاً، فسارع هؤلاء إلى إعلان أن اجتماع السبت الماضي لم يصل إلى نتيجة.
وبعد التواصل مع المجموعة التي رفعت سقف مطالبها، داعيةً إلى «تعطيل العمل بالدستور، وكتابة دستور جديد، وتشكيل مجلس وطنيّ انتقالي، وتحويل النظام إلى رئاسي». هذه الفئة من المتظاهرين تسعى إلى «هدم العملية السياسية الحالية» في تعبيرها، و«بناء نظام جديد». وهو طرحٌ يعاكس توجيهات «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، رغم التبنّي الواسع لها من مختلف القوى. أما هؤلاء، فوصفوها بـ«التوجيهات الغامضة التي تحتاج إلى تبيان أكثر للعمل وفق سياقاتها»، كما يرون أنهم جزء أساسي من «الفئة المظلومة الرازحة تحت فساد وسلطة النظام المحاصصاتي الطائفي القائم»، ويرفضون أن يُحسبوا على الفئة المدعومة أميركيّاً، وتحديداً «منظمات المجتمع المدني»، رغم تشابه الخطاب، ويرفضون أيضاً أن يصنفوا في الفئة الثالثة التي توصف بـ«المندسة»، والتي تعمل على ضرب «سلمية» التظاهرات.
إلى ذلك، وطبقاً للمعلومات المستقاة من أجهزة أمنية بشأن التحقيقات مع المعتقلين والمتهمين بالتخريب، تكشف مصادر تقاضي عدد كبير منهم مرتبات يوميّة، من أشخاصٍ على صلة مباشرةٍ بالسفارة الأميركية، وبمبلغ 20 دولاراً أميركياً يوميّاً، وقد طُلب منهم «استخدام العنف، والاعتداء على الأجهزة الأمنية».
الأخبار
إضافة تعليق جديد