أيمن زيدان على حافة الاعتزال
لا يمكن لأحد أن يكوّن فكرة وافية عن الدراما السورية من دون التوقّف ملياً عند تجربة أيمن زيدان (1956). مثّلت مسيرة الفنان السوري نقطة تحوّل في صناعة اكتسحت الشاشات العربيّة. اتكأ زيدان سنة 1993 على رواية حنّا مينه «نهاية رجل شجاع»، وغامر بموهبة نجدت أنزور الإخراجية، وقدّمه للجمهور السوري للمرّة الأولى. أدّى زيدان يومها بطولة مطلقة، متقمصاً شخصية «مفيد الوحش»، إلى جانب فارس الحلو وسوزان نجم الدين.
حقق العمل نجاحاً مدوّياً، وصار يشار إليه كمفصل في تاريخ الدراما السوريّة. هكذا، كرّت سبحة النجاحات المتتالية، على رأسها «إخوة التراب» بجزءيه، إضافة إلى العديد من الأعمال الكوميدية على رأسها «يوميات مدير عام1» الذي حقق ما يشبه حظر تجوّل في سوريا لدى عرضه، من دون أن ننسى «يوميات جميل وهناء».
بعد رحلته الطويلة، يشعر زيدان كأنّ سنوات الألق قد ولّت. منذ زمن وهو ينذر بالخطر، إذ أخلّت بعض الشركات الكبرى بالساحة الفنية السوريّة. وقد صرح سابقاً بأنّ الدراما التلفزيونيّة في بلاده تحتاج إلى قرار سياسي يتبنّاها.
مع اندلاع الحرب في سوريا، والتفاف دائرة الخطر حول حياة نجوم الدراما، وضّب «أبو حازم» حقيبته ورحل إلى مصر. عاش هناك انتكاسة حقيقية على أكثر من صعيد، قبل أن يعود أدراجه إلى شامه، ويفرد عدّته من جديد، ويبدأ بإعادة هيكلة مساحته الخاصة التي لا يمكن أن ينافسه عليها أحد. هذا الموسم، اختار نجم «الطويبي» صناعة مسلسل بمزاج خاص وعلى مهل. أخرج نص «أيام لا تنسى» (تأليف فايزة علي عن رواية «ألف شمس مشرقة» للروائي خالد الحسيني ــ «سوريا دراما»، و«تلاقي»). جيّر سحر الطبيعة، والمواقع البكر في الساحل السوري لصالح الهوية البصرية لعمله، إضافة إلى صوت ميادة بسليس على الشارة والفواصل والموسيقى التصويرية، والرغبة الواضحة في إنجاز مادة فنية راقية. لكن شرط العرض وصعوبة تسويق المسلسلات السورية الخالصة التي ينتجها القطاع الحكومي، والايقاع الميلودرامي للعمل، لم تساعده في قطف الجماهيرية التي ربّما يستحقها.
أخيراً، ومن خلال ما عُرف عنه من فضفة على صفحته الشخصية على فايسبوك، لوّح النجم السوري المخضرم بالاعتزال لما باتت تعيشه المهنة من خلل، إذ كتب: «شعور كبير بالوحشة كأنني خارج كل معادلات المحيط. أحس أنّني في هذه السنوات أسير على أرض لزجة لا أدري كيف تدفعني إلى زوايا لا أشتهيها. رغبة عارمة تعتريني بأن ألوّح بيدي لهذه المهنة. أهجرها فما عادت تفاصيلها تشبه أحلامي. الفكرة تراودني بشدة، ترهقني، لا أدري أين أقف الآن لكنني ألمح بجواري تخوم العزلة».
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد