أول دقة قلب
قبلها لم يكن هناك شيء مهم... بضع اختلاسات نظر متبادلة مع بنات الجيران «الفصاعين» وكلمات على الكتب المستعارة مثل.. أحبك إلى الأبد، أنت الحب الأول والأخير.. الخ إلى أن أتت هي يقول المخرج نبيل المالح، عينان كبيرتان سوداوان، شعر أسود طويل، خصر رشيق.. كانت راقصة هرب بها أحد أقاربنا، إلينا ملتجئاً ريثما يستطيع تدبير أموره، وهو المتزوج والمغرم بها حد الجنون.. هذه المرأة بدت لي وكأنها كينونة استثنائية اجتمعت فيها كل نساء الحلم من أفروديت إلى فينوس وأنا ابن الحادية عشرة، تقول لي تقبرني وتمطرني بعدها بالقبلات.. وكثيراً ما كنت أتساءل هل كانت قبلتها لي قبلة امرأة لطفل أم أنها أحبتني فعلاً.. لقد جعلتني أشعر أنني شاب بين ليلة وضحاها.. كنت مغرماً بها حد الجنون ولم أكن أتحدث لأحد عن حبي الرائع هذا كما لم أكن أستطع التعبير لها عما يختلج في داخلي سوى جملة عادية أشحنها بالكثير من الحب «أحبك كثيراً يا خالة» وكانت تجيبني ضاحكة «تقبرني» وتبدأ بعدها بتقبيلي.. شكل خصرها لا يكاد يغادر ذاكرتي لقد غدت لسنوات طويلة المقياس لأي امرأة أقع في حبها.. رسمتها أكثر من مرة لكي ألفت انتباهها رغم كوني غير بارع في الرسم، ولكي أبرز تميزي عن قريبي الذي كنت أغار منه كثيراً، مرة وأنا أبحث عنها فتحت باب غرفتها وكانت تستبدل ثيابها نظرت إليّ بدون إحراج وقالت ادخل ماذا تريد حبيبي؟! تملكني الرعب والخجل أغلقت الباب وهرعت هارباًَ.. بعد هذه الحادثة رسمت عريها أكثر من ألف مرة كما كتبت لها الكثير من القصائد أحتفظ بها للآن في مكتبتي كذكريات جميلة... كنت أجمع النقود لكي أشتري لها أشرطة عبد الوهاب التي تحبها وأطلب منها أن ترقص لنا عليها، كما كنت أسرق قرنفلة حمراء من باقة الورد المنزلية التي كانت أمي تبعثني لشرائها يومياً من أجل تزيين المنزل وأقدمها لها لكي أحصل على قبلة!! مرة وكنت أهجس بقبلاتها دخلت المطبخ وأذكر كم تحايلت على أمي لكي تبعثني مرة أخرى لشراء باقة ورد جديدة بحجة أن الأولى قد ذبلت من شدة الحر، وهكذا كان.. تسوقت أجمل باقة زهور مع قرنفلة حمراء حملتها عائداً، قافزاً عدة أدراج مع بعض ولكن ما أن دخلت المنزل حتى وقعت عيناي على حقائب موضبة وإلى جانبها تقف هي مع قريبي، تحطمت بين أصابعي ورود حبي وعلى خديّ تدحرج خبر انكسار قلبي الأول؟!.
روزالين الجندي
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد