أنان في دمشق لإنقاذ خطته والأسد يتهم الخارج بتعطيلها

09-07-2012

أنان في دمشق لإنقاذ خطته والأسد يتهم الخارج بتعطيلها

أكد الرئيس بشار الأسد دعم دمشق لخطة المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان، متهما السعودية وقطر وتركيا وأميركا بعرقلة الخطة عبر دعم من أسماهم «الإرهابيين»، واعتبر أن الخطة «يجب ألا تفشل». جاء ذلك في الوقت الذي وصل فيه أنان بشكل مفاجئ أمس الى دمشق، بعدما تلقى وعودا بتسهيل مهمته وطلبا غربيا بمواصلتها، وذلك إثر تلويحه بإنهائها وإعلانه فشلها في مقابلات صحافية نشرت في اليومين الماضيين.
أما وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون فأدخلت الخطاب الأميركي ازاء الأوضاع السورية في سياق جديد بالتزامن مع بدء القوات العسكرية السورية مناورات بحرية وبرية تخللها إطلاق صواريخ لصد «هجوم مفاجئ» افتراضي، قائلة إنه «بقدر ما يمكن إيجاد نهاية أسرع للعنف وبداية لعملية تحول سياسي يقلل عدد القتلى وتصبح هناك فرصة لانقاذ الدولة السورية من هجوم كارثي سيكون خطيرا للغاية لا على سوريا وحدها لكن على المنطقة». جانب من المناورات السورية كما بثه التلفزيون السوري الرسمي أمس (أ ب أ)
وأدلت كلينتون بهذه التصريحات في طوكيو عقب اجتماعها ونظيرها الياباني كوتشيرو جيمبا على هامش مؤتمر دولي بشأن افغانستان. واضافت «ما من شك في ان المعارضة تزداد فاعلية في الدفاع عن نفسها والتحول الى الهجوم على الجيش السوري وميليشيات الحكومة السورية. لذا يتعين ان يكون المستقبل... واضحا تماما بالنسبة لمن يؤيدون نظام الاسد». واضافت «الوقت ينفد».

وقال الأسد في مقابلة مع القناة الألمانية «ايه ار دي» إن «العقبة الكبرى هي أن كثيرا من الدول لا تريد لهذه الخطة (خطة أنان) أن تنجح ولذلك تقدم الدعم السياسي للإرهابيين في سوريا وتواصل تزويدهم بالمال والسلاح»، وخص بالذكر «السعودية وقطر اللتين ترسلان السلاح، وتركيا التي تساعد في اللوجستيات وتهرب عبر الحدود، وأخيرا أميركا بالدعم السياسي».
واعتبر الاسد أن «خطة (انان) يجب الا تفشل» وأن «كوفي انان يقوم بعمل صعب حتى الان لكنه عمل جيد». واضاف «نعلم أنه اضطر الى مواجهة عوائق عدة لكن خطته يجب الا تفشل. انها خطة جيدة جدا».
وأكد الرئيس السوري أن «الولايات المتحدة في شراكة مع هؤلاء الإرهابيين... بالأسلحة والمال والدعم الرسمي والسياسي في الأمم المتحدة». وأضاف «إنهم يقدمون المظلة والدعم السياسي لهذه العصابات لزعزعة استقرار سوريا».
وردا على سؤال عما إذا كان خائفا من تكرار ما جرى في مصر او ليبيا، قال «ما يجري في مصر مختلف تماما عما يجري في سوريا... لا يمكنك المقارنة». كما رفض أية مقارنة مع ليبيا، ووصف طريقة قتل معمر القذافي بانها «وحشية، إنها جريمة».
ونفى الأسد مسؤولية قواته الامنية عن العنف قائلا إن القتلى من «مناصري النظام، وضحايا الامن والجيش» يتجاوزون بكثير القتلى من المدنيين المعارضين. وأكد أن «مزيجا من مقاتلي تنظيم القاعدة ومتشددين آخرين» مسؤولون عن العنف في سوريا.
وقال الأسد إن مجزرة الحولة تمت على يد «عصابات أتت بالمئات» من خارج البلدة. وأكد ان «غالبية الشعب تطالب بالإصلاح، والإصلاح السياسي، لا بالحرية». وشدد على أنه لا يزال يحظى بالدعم العام من الشعب السوري، مستبعدا بحزم تنحيه. وأوضح «لا يجب على الرئيس أن يهرب من التحدي، ولدينا تحد وطني الآن في سوريا».
وفيما قال إنه مستعد لحوار سياسي مع المعارضة، أكد الأسد أنه «طالما لديك إرهاب، وطالما لم ينجح الحوار، عليك أن تحارب الإرهاب. لا تستطيع أن تواصل الدفع بالحوار فيما هم يقتلون شعبك وجيشك».
وردا على سؤال حول كيفية تعامل سوريا مع أي تدخل عسكري مفترض، تعهد الأسد بمواجهة المهاجمين «إن كنت مستعدا ام لا، عليك أن تدافع عن بلادك. ولكن عليك ان تكون مستعدا».

وقال أحد المقرّبين من أنان، إن انان كان حتى الأربعاء الماضي يعتزم التخلي عن مهمته، وعدم التجديد له شخصيا على الأقل، بانقضاء الأشهر الستة لتكليفه منتهى آب المقبل. وكان من المنتظر أن يتقدم كوفي أنان بتقرير عن مهمته أمام مجلس الأمن بعد غد الأربعاء، يعلن في منتهاه رغبته بالخروج من المشهد الدبلوماسي. وقال المصدر الدبلوماسي إن زيارة أنان إلى دمشق شكلت مفاجأة للجميع في مركز عمله في جنيف، وبرز التغيير في مواقفه من الاستمرار أو التخلي عن المهمة في الساعات الأخيرة، وخصوصا يوم الجمعة الماضي، مع اختتام مؤتمر باريس لـ«أصدقاء سوريا».
وكان المبعوث الدولي العربي قد أخرج إلى العلن رغبته بالعزوف عن مواصلة جهوده الديبلوماسية، في حملة إعلامية منسّقة، ومقابلات صحافية مع «الغارديان» البريطانية، و«اللوموند» الفرنسية، اجراها في اليوم نفسه لمؤتمر باريس، استسلم فيها «لبديهة أننا لم ننجح في سوريا، وأن المهمة التي كلفت بها ليست دون تحديد زمني كدوري الشخصي فيها «.
ورجّح المصدر الديبلوماسي أن يكون تهديد كوفي أنان بوقف مهمته، وضع الغربيين أمام مأزق عدم وجود خيارات ديبلوماسية أخرى، او غياب اي خيارات على الإطلاق. فالخيار العسكري المكشوف، الأبعد من التسليح القطري والسعودي لبعض المعارضة، لا يزال معطلا بانتخابات أميركية وازمات اوروبية، ومقاومة الآلة العسكرية السورية.
ورأى المصدر الديبلوماسي أن كوفي أنان قد يكون تلقى وعودا بتسهيل مهمته، وطلبا غربيا بمواصلتها، بالرغم من أن ما افضى إليه مؤتمر باريس من توصيات بشأن اتفاق جنيف، قد أفرغه من «محتواه روسيا» وأعاد النقاش حول المرحلة الانتقالية إلى نقطة الصفر، بإخراجه الأسد من العملية الانتقالية فور انطلاقها، وتهميش دوره، فيما يرى الروس أن دوره سيكون مركزيا حتى نهاية المرحلة الانتقالية، فضلا عن عدم تحديد أي مهلة زمنية لها او روزنامة واضحة «لأن الحوار سيدور بين السوريين انفسهم، ولم نكن نرغب بروزنامة لأن ذلك لن يكون واقعيا، كما ان الهدف من الاجتماع هو أن تتحرك الدول حول حل ديبلوماسي، لا سيما تلك القادرة منها على التأثير على السوريين ودفعهم نحو نتيجة ما».
ويمكن اعتبار ما قاله الموفد الدولي جزءا من الإحاطة التي يعتزم تقديمها أمام مجلس الأمن، لأنها تشرح بوضوح المبادئ التي تمسك بها لتنفيذ مهمته، وبعض جوانب فشلها، ومنها أن الدول التي تفاوض باسم المعارضة، لم تصارحها بحقيقة المواقف التي اتخذتها في جنيف.
وسبق أنان إلى دمشق دفاعه عن نفسه مقابل اتهام المعارضة السورية له ولـ«جنيف» بتقديم تنازلات كثيرة لروسيا، وقال «إن 80 في المئة ممن حضروا هم من اصدقاء سوريا ، لذا فالزعم أن المعارضة قد تم بيعها او خيانتها أمر مستغرب جدا، وعلى تركيا وقطر والولايات المتحدة والكويت وفرنسا أن تشرح ذلك للمعارضة».
من جهتها، قالت مصادر سورية رفيعة المستوى إن سوريا «ستبلغ أنان بأنها تعاونت بشكل كامل من أجل تنفيذ بنود خطته»، وأن «شعب سوريا هو صاحب الحق في تقرير حاضره ومستقبله».
ويلتقي أنان صباح اليوم بالأسد بحضور وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل مقداد، فيما يضم وفد أنان مستشاريه والناطق باسمه أحمد فوزي كما رئيس بعثة المراقبين في سوريا الجنرال روبرت مود. ورفضت دمشق مجددا وفقا للمصادر نفسها مجيء ممثل الجامعة العربية في البعثة ناصر القدوة، وعلقت المصادر بأنها ترفض بشكل قاطع اي دور للجامعة العربية في هذه العملية.
وسيبحث المسؤول الدولي «العملية السياسية» التي تفضل دمشق أن تكون حصيلة «حوار وطني»، كما سيبحث «سبل إيجاد خطوات عملية لتنفيذ خطته ولا سيما في ما يتعلق بوقف العنف». وقالت المصادر إنه «يريد نتائج ملموسة ونحن مستعدون للتعاون».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...