أسعار الخضار والفواكه معتدلة ولكن منها ماهو دون طعم أو رائحة
بحكم اتفاقية السوق العربية المشتركة، وعلاقاتنا الاقتصادية الجيدة مع دول الجوار، حال تركيا، بدأت المنتجات الزراعية، وخاصة الخضار والفواكه، وبـ«الألوان»، تتدفَّق بانسياب إلى السوق السورية، حيث لم نعد نشعر بموسمية هذه المنتجات من عدمها.. المهم أنَّ هذه المنتجات موسمية في بلدان منشئها؛ الأمر الذي أدَّى إلى انخفاض الأسعار، بنسب وفروقات تصل إلى 50 % عن الفترة الزمنية ذاتها من الأعوام السابقة، ومع ذلك بقي المستهلك يشتكي ارتفاع الأسعار والغلاء، فكيف يصحُّ الحال؟، هل هناك غلاء فعلاً.. أم تصح مقولة إنَّ مستهلكنا «نقّاق.. لايعجبه العجب ولا الصيام برجب»؟!!.
- حقيقة، ووفقاً لحركة الأسعار في الأسواق، فهي ضمن المنطق، وتعدُّ منخفضة قياساً إلى الأعوام السابقة، ففي ما يتعلَّق بالخضار نجد سعر كيلو الخيار 25 ليرة، وهو نوعان: أردني مستورد، ومحلي من المحميات البلاستيكية، والأسعار متقاربة وبفارق بسيط، على أنَّ الفارق كبير بين النوعين من جانب أن المستورد دون طعم أو رائحة، والمحلي طعمه رديء يشبه مادة البلاستيك، ومع ذلك يعدُّ سعر البيع منخفضاً قياساً إلى العام السابق؛ حيث وصل سعره إلى الخمسين ليرة سورية. أما البندورة، فسعرها متذبذب في الأسواق، وتتراوح بين 20 و30 ل.س، بفارق عشر ليرات سورية بين محل وآخر، وسوق وآخر، وهذا فارق كبير في سعر الكيلو الواحد، لجهة أنَّ السلة الغذائية غير محرَّرة، والمفروض أنَّ الأسعار مراقبة ومضبوطة، مع الإشارة إلى أنَّ البندورة منها المستورد ومنها المحلي، حال الخيار.
تشابه البندورة في الفارق السعري، مادة الفاصولياء، التي تتباين أسعارها من مكان إلى آخر بين 75 و90، وهي مستوردة، ولكن هذا الفارق يعدُّ غير منطقي!.
ومروراً على بعض المنتجات الزراعية، نجد سعر كيلو الفليفلة 40 ليرة والذي كان يصل في هذه الفترة إلى 70 ليرة، والباذنجان بسعر 30 وهو سعر منطقي، والزهرة بين 10 و15، والبطاطا 25 ليرة وهي اليوم أرخص من الأيام السابقة، والكوسا تتراوح بين 40 و50 وهي مستوردة وكان يصل سعرها إلى 80 ليرة سورية.
وفي سلة الحشائش الخضراء، يبلغ سعر الخسّة 15 ليرة والكيلو أيضاً بسعر 15 ليرة، في حين وصل سعر الخسّة الواحدة العام الفائت إلى 30 ليرة سورية. والبقدونس سعر «الجرزة» الواحدة خمس ليرات، وسابقاً وصل سعرها إلى 10 ليرات. والسبانخ يتراوح سعر «الجرزة» الواحدة بين 3 و5 ليرات، وهي دون أسعار الأعوام السابقة.
أما في سلة الفواكه، فيتراوح سعر البرتقال بين 25 و30 ليرة للكيلو الواحد، في حين كان يصل سعره إلى 45 ليرة سورية، والليمون الحامض يباع بـ25 ليرة وكان يصل إلى 50 ليرة، في حين يستقرُّ سعر الموز بين 45 و50 ليرة، ولم يشهد قفزات حال العام الفائت؛ حيث وصل إلى 75 ليرة، والتفاح لم يتجاوز 60 ليرة، في حين وصل العام الفائت إلى 85 ليرة سورية.
إذاً، بعد ما تقدَّم، نجد أنَّ الأسعار منطقية ومعقولة، وتتناسب مع دخل المواطن، فلماذا يشتكي المستهلك؟!.
- تقول السيدة سها: «تبدو الأسعار منخفضة إذا أخذنا كلّ مادة على حدة، ولكن، إذا ما جمعنا حجم الحاجات اليومية وحجم الإنفاق، لوجدنا أنَّ كلَّ أسرة تحتاج يومياً إلى 400 -800 ليرة ثمن خضار وفواكه وخبز ولحم وألبان وحليب وما شابه، وإذا كان حظّنا عاثراً لهذا اليوم، ونفذت جرة الغاز أو احتجنا إلى الدواء وغيرها من السلع، سيتجاوز الرقم 1000 ليرة، وبعملية حسابية بسيطة وعلى أساس إنفاق يومي وسطي بحدود 800 ليرة، نحتاج إلى 24 ألف ليرة شهرياً، في حين راتب زوجي 16 ألف ليرة فقط؟!».
ويضيف مأمون: «مهما انخفضت الأسعار ستبقى بالنسبة إلى ذوي الدخل المحدود ممن يعتمدون على راتبهم المعيشي في الإنفاق، مرتفعة؛ لجهة عدم قدرة الراتب على تغطية النفقات، وهذا حال معظمنا.. حاولنا الاقتصاد قدر المستطاع، ومع ذلك بقينا عاجزين ونشعر بالغلاء».
محمود يجد أنَّ: «المشكلة ليست في موضوع ارتفاع الأسعار وانخفاضها، إنما في موضوع كثرة الأقساط والقروض التي تثقل كاهل الراتب، حيث لايكاد يوجد منزل أو أسرة من ذوي الدخل المحدود لا يترتَّب عليها استحقاق أو اثنين لمصلحة مصرف ما أو صالة بيع، والسبب عجز الأسرة عن تأمين احتياجاتها بطريقة الشراء المباشر؛ ما يدفعها أما إلى الشراء بالتقسيط، أو إلى سحب القروض والتسديد على دفعات؛ ما يرهق دخل الراتب الشهري للأسرة، ويشعر بثقل الحياة ومستلزماتها طوال الشهر».
- خلاف غيرة، يجد أبو كرم، وهو تاجر خضار وفواكه، وبناء على احتكاكه اليومي بالزبائن، أنَّ المشكلة تكمن في السيارات والشركات التي تستنزف شهرياً 50 % من دخل الأسر التي تهافتت على شراء السيارات تحت دعاية ووهم أنَّ السيارة أصبحت أرخص من التراب، ومن أسف اليوم هذه الأسر تشهد ضيقة مادية لجهة ارتفاع الأقساط الشهرية، ويقول: «ترتبط شكوى الزبون من غلاء الأسعار ارتباطاً مباشراً بحجم القروض المترتّبة عليه والمقتطعة من راتبه شهرياً، ومعظم هذه القروض كانت لمصلحة شراء السيارات، ومن النادر سماعي شخصاً ذكر قسطاً أقل من 10 آلاف ليرة ولمدة خمس سنوات. وعليه، مهما بلغ دخله الشهري فلن يستطيع تغطية القسط مع مصروف السيارة ومع باقي نفقات ومستلزمات الحياة، والواجب الاجتماعي وغيرها؛ الأمر الذي يشعره بغلاء كلّ شيء وثقل حمل كلّ نفقة مهما صغرت أو كبرت».
قد تكون وجهة نظر «أبو كرم» منطقية، فهناك العديد ممن اشتروا أدواتهم الكهربائية بالتقسيط، ويعيشون في منزل مستأجر، ويدفعون أقساط المدرسة، ومع ارتفاع أسعار المحروقات وعدد من السلع الأخرى، يبدو الراتب عاجزاً عن تغطية باقي النفقات؛ ما يشعر المستهلك بغلاء الأسعار مهما كان ثمنها.
رياض إبراهيم أحمد
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد