«طالبان» تسحب فلولها من بونير
لم تمض ساعات على إعلان حركة «طالبان» الباكستانية بأنها لن تتزحزح عن أراضٍ بسطت سيطرتها عليها على مشارف العاصمة «النووية» إسلام أباد، إلا وانسحب مقاتلو الحركة إلى معقلهم في وادي سوات أمس، في تطور ظلّ غامضاً رغم تعدد التفسيرات. تزامن ذلك مع مقتل العشرات من المشتبه في انتمائهم إلى «طالبان» في حملات مكثفة ضدهم في باكستان وأفغانستان.
وجاء انسحاب «طالبان» من بونير بناء على أمر أصدره قائدها في وادي سوات، فضل الله، حيث أبرمت الحركة اتفاق سلام مع الحكومة قبل أسبوعين لقاء فرض الشريعة الإسلامية رسميا فيها. ونقلت «رويترز» عن المتحدث باسم الفرع الباكستاني لـ«طالبان» مسلم خان، قوله إن «زعيمنا أمر بضرورة انسحاب طالبان من بونير فوراً»، حيث لا ينتشر سوى نحو 100 مقاتل طالباني فقط، على حد قوله. ومع تكتم الطالبانيين عن تفاصيل إضافية، لم يتضح إن كان الانسحاب جاء استجابة لجهود دبلوماسية، أم تحت إنذار باتخاذ إجراءات أكثر حسما.
لكن القرار أعقب اجتماعا ثلاثيا عقد في منطقة ماتاخيلا في وادي سوات صباح أمس، وشارك فيه المعتمد السياسي الحكومي لقطاع مالاكاند سيد محمد جاويد، ورجل الدين الملا صوفي محمد الذي توسط لإبرام اتفاق سلام سوات، والمتحدثان باسم «طالبان» حاجي مسلم رشيد خان وأمير عزت خان. ونقل وفد حكومي إلى الملا صوفي خطورة الأوضاع في بونير، فتوجه الاخير مع الوفد إلى بونير حيث طلب من المسلحين الانسحاب فورا.
وأعقب الانسحاب أيضاً اجتماع بين كبار قادة الجيش الباكستاني، أعلن قائد الجيش الباكستاني الجنرال أشفق كياني في إثره، أن الجيش «لن يسمح للمتشددين بإملاء شروطهم على الحكومة أو فرض نمط حياة على المجتمع المدني الباكستاني». وقال محللون إن تصريحات كياني عززت التكهنات بهجوم وشيك على وادي سوات.
في هذا الوقت، شوهد مسلحون من «طالبان» في منطقة شانغلا في شمال غرب البلاد، يقومون بحراسة نقاط تفتيش أقاموها قرب قريتين، بحسب الاستخبارات الباكستانية. وتقع شانغلا في شرق سوات وتتصل باقليم بونير بممر جبلي، وكانت قد شهدت قتالا شرسا بين الطالبانيين وقوات الحكومة في أواخر العام 2007.
وتحجم الحكومة حتى الآن على ما يبدو عن استخدام القوة في سوات، حيث يوضح قائد الجيش ان «وقف العمليات يهدف الى اعطاء قوى التصالح فرصة»، وانه لا يجب تفسيره على انه تنازل للمتشددين. ويواجه الجيش في انحاء الشمال الغربي وجودا متسعا لحركة «طالبان» يهدد بالانتشار الى اقليم البنجاب وقلب البلاد.
وكان متحدث باسم «طالبان» قال في الأسبوع الماضي إن الحركة ستمنح الملاذ لتنظيم «القاعدة» في الأراضي الخاضعة لسيطرتها. وهو ما دفع بواشنطن إلى رفع مستوى إنذارها بعد التطورات الأخيرة في بونير، وجعل وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تصف باكستان بأنها باتت تمثل «خطرا مميتا» على العالم، وتؤنب إسلام أباد على سياساتها «التنازلية».
كلام كلينتون رد عليه أكثر من مسؤول باكستاني، سواء لجهة وصفه بالمبالغ فيه، ولجهة التنصل من اتفاق السلام والتأكيد على انه مجرد اختبار نوايا جاء بناء على توجيهات من الإدارة المحلية لوادي سوات. وطلب رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني من البرلمان امس إظهار «الشجاعة الأخلاقية» لوقف «طالبان»، فيما رفض مخاوف دولية تقول إن أسلحة باكستان النووية في خطر. وقال جيلاني «الدفاع عن البلاد في أيد قوية وبرنامجنا النووي في أيد أمينة».
في هذه الأثناء، لقي نحو 38 مسلحا من «طالبان» مصرعهم خلال ثلاثة أيام من عملية تشنها القوات الباكستانية في مقاطعة أوراكزاي في منطقة القبائل الشمالية الغربية القريبة من بونير ووادي سوات.
وعلى الجبهة الافغانية، اعلن الجيش الاميركي مقتل 14 مسلحا في غارات جوية، بعدما اشتبكت قوات خاضعة لقيادته لمدة ست ساعات مع مسلحين في منطقة تعد معقلا لـ»طالبان» في جنوب افغانستان. وكشفت صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية أن قادة الجيش البريطاني أبلغوا الحكومة البريطانية بعجز الجيش عن إرسال جنود اضافيين إلى أفغانستان، بسبب الركود الإقتصادي.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد