«العربية» و«الجزيرة»: تحجيم «يوم النكسة»
كان الواحد منا ينتظر أن تحمل أخبار التاسعة صباح أمس ما هو مختلف، في ما يتعلق بموضوع الصراع العربي الإسرائيلي. فالأحداث التي ترافقت وإحياء الذكرى الرابعة والأربعين لنكسة حزيران، كانت تقتضي ترتيباً إخبارياً مختلفاً من قبل أبرز القنوات الإخبارية العربية، أي «العربية» و»الجزيرة».
وفيما كانت الأحداث تتطلب الإضاءة على المواجهات التي شهدتها الحدود عند الجولان المحتل بين المئات من الشباب الفلسطيني والسوري العزل ورصاص الاحتلال الإسرائيلي، اكتفت قناتا «الجزيرة» و»العربية» في نشرتيهما الصباحيتين بصياغة محايدة أو شبه محايدة تجاه الحدث، الذي سقط جراءه أربعة وعشرون شهيداً، ونحو أربعمئة جريح بينهم حالات خطرة!
وفي حين تمكن المراقبون في الفترة القليلة الفائتة من التقاط عدد كبير من التجاوزات المهنية في أداء القناتين، في تعاملها مع حركة الاحتجاجات الشعبية في الشارع العربي، فإن القناتين هذه المرة صدمتا المشاهد العربي أكثر، لامتناعهما على سبيل المثال عن توصيف ما يحدث بالجريمة أو الاعتداء الإسرائيلي. وتناولتاه كما لو أنه حدث عابر لا يتعلق بقضية العرب المركزية، أي القضية الفلسطينية...
أوردت «الجزيرة» الخبر في الترتيب الثالث في نشرتها الصباحية، من دون ذكره في عناوينها. ونسبت عدد الشهداء الى التلفزيون السوري، وأبرزت الموقف الأميركي والإسرائيلي تجاه ما يحدث. في حين جاء تقرير الزميلة جيفارا البديري موجزاً - شاملاً لكل التحركات الفلسطينية التي جاءت في ذكرى النكسة. ولكن البديري أغفلت كما أغفل معدو نشرة الأخبار الصباحية أنباء الاعتصام المفتوح الذي قرر الشباب الفلسطيني والسوري إقامته عند الشريط المحتل في الجولان. وإذا كانت أعدت تقريرها قبيل الإعلان عن إقامة الاعتصام المفتوح. فلماذا تم تجاهله من قبل معدي النشرة الصباحية؟!
أما «العربية» فبدأت، خلال موجز سريع، خبرها المقتضب بإبراز القلق الأميركي مما يحدث على جبهة الجولان، ونسبت عدد الشهداء الى التلفزيون السوري قبل أن تنقل خبر تحميل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية للقيادة في سوريا.
هي نشرات أخبار صباحية، تأتي كما لا يشتهي المرء أن يسمع. لا نريدها أن تسقط عنها القواعد المهنية المسلم بها، ولا سيما لجهة إيراد الخبر من دون إبداء رأي. ولكننا نتجاوز هذا التفصيل لنسأل عن الصياغات وإسقاط معلومات في قنوات عرفت بعطشها للأخبار، حتى لو كان مصدرها أشرطة «يوتيوب» التي لا ظــهر منها إلا أرجـل الناس؟!
تجنبت القناتان في نشرة التاسعة صباحاً ذكر أن الشباب الفلسطيني والسوري كان «أعزل» في مواجهة الاحتلال، وأن القتل جاء معظمه بطريقة القنص، وأن كثيرا من الإصابات جاءت في الرأس أو الصدر.. كما تجنبتا توصيف الخبر بـ»المذبحة» مع سقوط شهداء وجرحى بما يتجاوز أربعمئة شخص.
لا نعرف إذا كان ذكر مثل هذه الوقائع، تخدش «مهنية» القنوات الإخبارية الفضائية العربية. وجميعنا يعرف أن لا حيادية في الإعلام، ولا حيادية في صراعنا مع العدو الإسرائيلي تحديداً. فإلى أي جهة تحيدون... يا قنوات «المهنية» القاتلة؟
ماهر منصور
المصدر: السفير
التعليقات
عوجى
إضافة تعليق جديد