«الزعتري»: نشاط علني للمسلحين في التجنيد
في مخيم الزعتري للاجئين السوريين على الحدود الأردنية السورية، وداخل مقطورة حولها سكان المخيم إلى مسجد، يدعو رجل دين المصلين للانضمام إلى «إخوتهم» في سوريا للقتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وفي مكان مجاور في المخيم ذاته، ينادي رجلان يلفان «علم الثورة السورية» حول كتفيهما من خلال مكبرات للصوت للتسجيل للتدريب العسكري.
يعترف «الثوار» السوريون صراحة بتجنيد المسلحين داخل المخيم، في وتيرة ازدادت حدتها في الأشهر الماضية، في محاولة لدعم صفوف «رفاقهم» في وجه هجمات الجيش السوري المتصاعدة في جنوب البلاد.
التجنيد في مخيم الزعتري محظور رسمياً، وهو نشاط يحرج المسؤولين الأردنيين وموظفي الأمم المتحدة الذين يشرفون على المخيم. وتحسباً لزيادة حدة التوتر مع الحكومة السورية، يسعى الأردن إلى الإبقاء على دعم المعارضة السورية «تحت الطاولة»، في وقت تنفي فيه الحكومة الأردنية رسمياً أي تدريب لمسلحي المعارضة على أراضيها، بالرغم من اعتراف مسؤولين أميركيين وأردنيين بحصوله.
وتعتبر الأمم المتحدة أن التجنيد يضر بمهمتها الإنسانية البحتة، التي تهدف إلى مساعدة السوريين الذين يتدفقون إلى المخيم، هرباً من الحرب. والجدير بالذكر أن مخيم الزعتري، الذي يبعد 16 كيلومتراً عن الحدود السورية، يؤوي أكثر من مئة ألف لاجئ سوري.
وفي هذا السياق، يقول رئيس بعثة «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» في الأردن أندرو هاربر إنه اطلع على تقارير تحدثت عن عمليات التجنيد التي تتم داخل المخيم، ولكنه «لا يملك أدلة» حول ذلك.
ويضيف هاربر أنه «إذا ثبتت أي عملية تجنيد فسنبلغ الحكومة الأردنية بذلك»، مؤكداً أن «المخيم هو للاجئين السوريين فقط، وعلينا أن نحافظ على وضعه المحايد في الصراع».
ولدى سؤاله عن تجنيد مفضوح شهد عليه أحد المراسلين الصحافيين في المخيم، أبدى هاربر صدمته، قائلاً «لا نحتمل وجود أي أحد في المخيم سوى المدنيين، ولكن ما أسمعه مثير للخوف».
مسؤول في الحكومة الأردنية أبدى خوفاً ودهشة من الموضوع أيضاً، مشيراً إلى أن «الحكومة ستتخذ التدابير اللازمة، في حال ثبت ذلك، لأنه خرق للقانون».
ينشط «الجيش الحر» في التجنيد داخل مخيم الزعتري، كما يقوم مسلحوه بزيارة أهلهم فيه، وأخذ «استراحة المحارب». إلا أن أي معلومات صحافية، لا تفيد عن نشاط للتنظيمات الإسلامية المتشددة هناك، كتنظيم «القاعدة» و«جبهة النصرة».
أما بالنسبة إلى التدريب، فهو يحصل خارج المخيم. هذا ما يؤكده أبو سليم، وهو الاسم الحربي لقائد «المجلس العسكري للجيش الحر» جنوبي سوريا.
ويضيف أبو سليم أنه «يتم تدريب المقاتلين لمدة أربعين يوماً في معسكرات في مواقع سورية وأردنية»، رافضاً تقديم مزيد من التفاصيل.
«مخيم الزعتري يصدر المقاتلين»، يقول أبو سليم، مبرراً ذلك بالقول «إننا نرى المدنيين السوريين مشوهين ومنازلنا مدمرة وأقاربنا في السجون ونرد على ذلك بتجنيد وتدريب الناس لقتال النظام في سوريا».
وأفاد بعض اللاجئين في المخيم أن التدريب يحصل في ثلاثة مقار للجيش الأردني على الحدود مع سوريا، وهو ما رفضت مصادر القوات الأردنية التعليق عليه.
بدوره، يقول أبو عبدالله حوراني، وهو أحد القناصين في «الجيش الحر»، إن «التجنيد ازداد منذ شهر آب الماضي بسبب حاجة المعارضة السورية إلى المزيد من المقاتلين لمحاربة النظام الذي كثف هجماته على المنطقة الجنوبية مؤخراً».
أما رجل الدين الذي يفضل مناداته بـ«أبو مصطفى»، فدعا في خطبته الأخيرة أثناء صلاة الجمعة في المخيم، حوالي 20 مصلياً إلى القيام بواجبهم و«تحرير الأرض من الطاغية». يصرخ أبو مصطفى «عليكم أن تتكاتفوا للقتال من أجل الحرية والديموقراطية»، فيما يردد المصلون حوله هتاف «الله أكبر».
وعند الانتهاء من خطبته، يمرر إمام المصلين ورقة يسجل عليها الراغبون بالالتحاق بالمسلحين أسماءهم. وهو يقول إنه يقوم بتجنيد عشرة أشخاص على الأقل أسبوعياَ، مضيفاً أنه «أقل ما يمكن أن أقوم به تجاه وطني».
وللحث على التحاق أكبر عدد ممكن من السوريين بـ«إخوتهم»، يقوم رجلان عرّفا عن نفسيهما بأنهما «عضوان في الجيش الحر»، بالدعوة إلى تسجيل الأسماء في دورات تدريبية، عبر مكبرات للصوت.
«النساء اللواتي يتطوعن، يحصلن على التدريب في الإسعافات الأولية لمعالجة المقاتلين الجرحى، أما الرجال فيتدربون على تكتيكات الحرب بما فيها حرب الشوارع»، يقول أحد الرجلين، معرفاً عن نفسه باسم أحمد.
ويضيف أحمد أنه يتم تكثيف التجنيد «كلما نحتاج إلى مقاتلين في سوريا». ويشرح «مثلاً عندما نحتاج شخصاً يعرف كيفية إسقاط طائرة حربية ولا نجد من يمتلك هذه الخبرة، نقوم بتدريب الوافدين إلى المخيم ومن ثم نرسلهم إلى سوريا».
لأبو جمال جيدوري (31 عاماً) قصة أخرى، فهو أستاذ لغة عربية سابق، تحولت مهنته اليوم إلى تدريب المسلحين على كيفية استعمال الصواريخ المضادة للطائرات في مخيم للتدريب يديره «الجيش الحر» في جنوب سوريا.
ويضيف جيدوري أنه درب 125 مقاتلاً من الزعتري في الأشهر الأربعة الماضية، و800 مقاتل على الأقل في العامين الماضيين، بعضهم من المخيم في الأردن، وهو «فخور جداً بأدائهم على أرض المعركة».
أما محمد العمار (28 عاماً) فقد تم تجنيده من داخل المخيم منذ ثلاثة أشهر. وإذ يمتلك العمار خبرة في استعمال الأسلحة النارية، بعدما التحق بالخدمة الإجبارية في الجيش السوري منذ تسعة أعوام، فإنه أخذ دورة «لإنعاش الذاكرة» الشهر الماضي، وتدرب أيضاً على استعمال «الأسلحة المضادة للدروع والطائرات».
ويرفض سكان المخيم الإفصاح عما إذا كان للقوات الأميركية أو أي جهة عسكرية غربية دور في التدريب.
المصدر: (أب)
إضافة تعليق جديد