«الإخوان المسلمون»: البدايات
في العام 1927 قدم إلى مدينة الإسماعيلية الصغيرة التي تبعد عن القاهرة مسافة 180 كلم، رجل دين في العشرين من عمره، للالتحاق كمدرس لمادة الدين في إحدى المدارس الرسمية. كان اسمه حسن البنا.
هكذا بدأ في الإسماعيلية حدث كان له تأثير قوي جداً، في تاريخ مصر والوطن العربي، إذ شهدت تلك المدينة ولادة وصعود قوة كبرى للإسلام السياسي، كان اسمها: جماعة «الإخوان المسلمين».
بدأ كل شيء في الإسماعيلية، التي تقع على الشاطئ الجنوبي لقناة السويس. ولم يمض عام، حتى قرر حسن البنا، إنشاء الجماعة التي ستعيد المسلمين إلى جذورهم التاريخية والدينية، وتمنعهم من الانجراف في تيار التغريب وتقليد وتبني التقاليد والعادات الغربية. هنا في الإسماعيلية، حيث كان الوجود الغربي مستفزاً جداً. من جنود محتل انكليزي. وموظفين أجانب. هنا كان المستعمرون يتصرفون وكأن البلاد ملك خاص لهم. كانوا يشربون الخمر، ويبنون الكنائس، ويستقدمون بعثات المبشرين.
أسس حسن البنا الجماعة بالاشتراك مع ستة من عمال القنال. ضد الهيمنة الغربية، والاستبداد الداخلي، ومن أجل المثل الإسلامية، والرفاه، والعدالة. وقد نمت جماعته بسرعة هائلة حتى وصل أعداد المنتسبين إليها أكثر من نصف مليون، عند اغتيال حسن البنا، في عام 1949.
هكذا بدأ «الإخوان» وبأموالهم الخاصة بناء الجوامع والمستشفيات والمصانع. كان أنصار الجماعة يقولون إنهم يودون إعادة الإسلام إلى تاريخه من خلال الجماعات التي تؤلف المجتمع المصري. أي العمل من خلال الأفراد والكتل الشعبية، والعائلات. العمل من «تحت» وليس العمل من «فوق» كي تبدو الموجة الإسلامية طبيعية، وليست مفروضة.
عانت الجماعة ولعقود طويلة من الزمن من القمع والاضطهاد العنيف، منذ عام 1952، وحتى ثورة 25 يناير 2011. وخاصة خلال عهدي أنور السادات وحسني مبارك، وقد دخل معظم القادة الفاعلين فيها السجون. وقلما تعثر على عضو بارز فيها لم يدخل إلى سجون أنظمة الاستبداد.
أصبح تأثير الإسلام السياسي، الذي تمثله الجماعة قوياً في الشرق الأوسط. وبعد الثورات العربية تنامى ذلك التأثير أكثر فأكثر. وفي مصر زاد عدد المنتسبين إلى الجماعة إلى 600 ألف عضو. والجماعة هي حزب سياسي يقوم على الكوادر المنظمة، التي لم تتغير منذ زمن حسن البنا. ويرأس التنظيم المرشد العام، الذي يشرف على النشاطات العادية. أما القرارات المهمة فيقررها مجلس شورى الجماعة.
قام باحث في مجلة «فورين افيرز» بدراسة طويلة حول جماعة الإخوان المسلمين. وانتهى إلى خلاصات ان ذلك الحزب، هو حزب طائفي مغلق وأفراده خاضعون لمراقبة شديدة. أما وزارة الخارجية الألمانية فقد قارنت الجماعة بالحزب المسيحي الاجتماعي CSU في مقاطعة بافاريا الجنوبية (كاثوليك). وتصفه بأنه متشدد لفظياً، وبرغماتي في الواقع. وتصف الدراستين الحزب «بالطائفي».
في عام 1947 كتب حسن البنا بيان الجماعة. ويطالب ذلك البيان بتطبيق العقوبات الإسلامية، ومراقبة الدولة وموظفيها، ومنع الدعارة، والقمار، والملابس الإباحية النسائية، وإغلاق البارات وصالات الرقص. ومراقبة المسرح والأفلام. وفصل الجنسين في المدارس، وتحفيظ القرآن للشبان والشابات. وأخيراً إنشاء اتحاد إسلامي تمهيداً لإعادة الخلافة الإسلامية.
سمير التنير
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد