الانترنت وسّعت آفاق الصحف الورقية وأثارت مخاوفها أيضاً

17-08-2008

الانترنت وسّعت آفاق الصحف الورقية وأثارت مخاوفها أيضاً

أظهر بحث بعنوان «تغيير غرفة الاخبار» The changing Newsroom، نشرته مؤسسة «بي ريسرتش» Pew Research  الأميركية أخيراً، وشاركت فيه  250 صحيفة ورقية اميركية، أن حوالي خمسين في المئة من الذين شاركوا في الدراسة لا يستطيعون أن يقرّروا إذا كانت شبكة الانترنت ذات تأثيرات إيجابية أو سلبية بالنسبة الى الصحف الورقية. وتبدو مفهومة هذه «الحيرة» أمام منجز الانترنت، فتأثيرات الشبكة العنكبوتية على الصحافة الورقية ما زالت مستمرة، ومن الصعب تحديد نتائج قاطعة عن هذا التأثير.
وتضمن البحث نتائج أخرى كثيرة، بعضها مفاجئ تماماً. فمثلاً، أكد عدد من مسؤولي الصحف الأميركية أن الانترنت ساعدت الصحف الورقية في منافستها لوسائل إعلام عام كبيرة مثل الراديو والتلفزيون. فبفضلها، صارت خدمة التعليقات متوافرة في مواقع معظم الصحف الورقية على الانترنت. ويعطي ذلك نموذجاً صغيراً عن الخدمات الرقمية التفاعلية التي تشبة خدمات الاتصالات التي يجريها المستمعون والمشاهدون مع محطات الراديو والتلفزيون.
ساعدت هذه الخدمات «التفاعلية» للصحف الورقية في ربط القراء بصحفهم اكثر، وزادت مبيعات الصحف الورقية.  
 وتضمن تفاعل القرّاء مع مواقع الصحف الورقية على الانترنت أيضاً ملاحظاتهم على تصميم هذه المواقع، وعلى طرق الوصول الى المواضيع المتنوعة فيها. كما يؤكد البحث أن هذه الملاحظات أفادت في تطوير الصحف الورقية من جوانب شتى، بما فيها التصميم والألوان.
وبفضل الشبكة العنكبوتية، سهّلت رسائل البريد الالكتروني ايضاً الاتصالات. وحلّت بديلاً لأجهزة الفاكس، وجعلت إرسال الصور والوثائق عملية سهلة تستغرق دقائق، بعدما كانت تحتاج أياماً وأسابيع.
وفي المقابل، أظهر البحث أثاراً سلبية للانترنت، مثل مضاعفة مهمات العاملين في الصحف الورقية، وبخاصة الجهد الاضافي لتحرير مواقع الصحف على الشبكة العنكبوتية، والتي يتضمن بعضها خدمات إخبارية على مدار الساعة. ومع وجود كل هذه المعلومات على الانترنت، أصبحت مهمات الصحافي كبيرة جداً في تدقيق المعلومة والبحث عنها. وفي بعض الأحيان، تؤدي وفرة المعلومات الى تخفيض جدية التعامل معها، خصوصاً مع التنافس الشرس بين الصحف ومواقعها على الانترنت، ما لا يترك الكثير من الوقت للصحافيين لتدقيق معلوماتهم بالصورة الكاملة.
وللبقاء في دائرة التنافس، أقدمت معظم الصحف على الاستعانة بفرق متخصصة من الصحافيين والمحررين، لمتابعة ما يجري في عالم المعلومات المنقولة من طريق الانترنت. وعوّضت هذه المجموعة الجديدة من الموظفين عن التسريحات الكبيرة التي قررتها الصحف الورقية للكثير من موظفيها بعد انتشار الانترنت.
وكخلاصة، لا يحمل البحث الاميركي تطمينات كافية لاصحاب الصحف الورقية، على رغم أن دراسات سابقة بيّنت أن المعلن التجاري ما زال يفضل صفحات المجلات والصحف الورقية على مواقع هذه الصحف على الانترنت. وبفعل تقدم الانترنت، تتطوّر طرق عرض الصحف والمجلات على شاشات الكومبيوتر، الأمر الذي يبقي التحدي مرفوعاً امام مسؤولي الصحف الورقية، لابقاء هذا الشكل من الاعلام فاعلاً وقادراً على التجدّد.

محمد موسى

المصدر: الحياة

التعليقات

من المفيد التفريق بين الإنترنيت كوسيط و بين الحاسوب كتقنية, لأن الربط بينهما سيعيق القدرة على الإبتكار. ففي حين استهل الكمبيوتر عالم الإنترنيت إلا أن الجهاز نفسه قد خضع لتحولات بنيوية عدة مما قد يؤدي لاحقاً الى ذوبان الحدود بين التقنيات و الوسائط حتى: و أبسط مثال هو دمج أجهزة الموسيقا مع اجهزة الحاسوب حيث يمكن للحاسوب تشغيل الملفات الصوتية, و في خطوة معكسة لاحقاً تم تحوير الأجهزة الصوتية لتصبح قادرة على تخزين و لعب ملفات رقمية غير الأقراص و غير الكاسيتات. ما تزال الأبحاث واعدة فيما يخص الشاشات الورقية و التي يعتقد انها ستحل محل الجريدة و هنا يمكننا ان تخيل كمية الغابات التي سيتم توفيرها و حجم التلوث الذي ستم تقليصه و الناتج عادة عن الصناعات الورقية. من جهة أخرى سينتج عن الوسيلة الجديدة بعد ان تتماهى بالقديمة تطوير لمحتوى و استراتيجيات القديمة. فعندما تكون الشاشة الورقية متاحة للجميع سيكون من غير المجدي الحفاظ على بنية الجريدة القديمة و آليات تحريرها. لآن آليات التحرير ناتجة في الأساس عن إرث قديم من ايام المطبعة اليدوية و يمكن في هذا السياق ملاحظة فروق كبرى في صناعة الخبر و الصحافة تعتمد على النقلات الصناعية فالصحافة تغيرت مع اختراع الهاتف الذي ساهم بنقل الخبر بسرعة, فأصبحت الصحافة العالمية مادة في الجريدة اليومية, بعد أن كانت الجريدة اليومية شديدة المحلية, من ناحية ثانية اختلفت الصحافة بنيوياً مع ظهور الصورة الصحفية و إدراك مدى تأثير الصورة , و هنا التغيير بنيوي و ليس هندسي فقط, لاحقاً و مع تطور التقنيات ظهر ما يعرف بالخمية اللحظية و التي تعتمد على على امكانية تبادل الصورة من خلال الهاتف او البث مما دفع الصحافة باتجاه اللحظية, اليوم و مع كميرات الدجتا يتم بث الصور من الكاميرا مباشرة الى الصحيفة عبر موديمات وسيطة . أي أن الفروق الشاعية التي كانت تحدد الخط الحمر في مواعيد تبادل المواد الصحفية قد تغيرت لصالح الصحفيين عموماً حيث بات حيز اوفر من الوقت يعود لصالح المادة الصحفية بدل أن يتم تكريسه لتوصيلها. الإنترنيت لن تكون كلية فقط كما هي اليوم بل ستم إعادة توزيعها أو إعادة فبركتها ضمن أدوات الحياة المستقبلية من شاشات تلفزيون الى مسطحات مكتبية تفاعلية الى واجهات أبنية ... ستتغير آليات السلوك الإنساني فمع توفر مصادر المعلومات سيصبح الإنسلن أقل ميلاً الى التذكر و أكثر ميلاً للتركيب, و لا ندري إن كانت أفلام مثل ماتركس تحمل في طياتها تسريبات من مختبرات العلوم المعاصرة, فمن يشاهد أفلام جيمس بوند القديمة لا يشعر بغربة مع أدوات البطل التي كان ينظر اليها في حينها على أنها ضرب من الخيال. أي اننا لا ندري إن كانت أبحاث البيوتكنيك قادرة على انتاج وسائل مزاوجة بين جسم الإنسان و الآلة: فاليوم تكاد تصل الأبحاث الى حد انتاج عين صناعية قادرة على مساعدة العميان و لا ندري غن كان هذا قد يصل بالعلم الى حد القدرة على تصدير المعلومات و الإشارات الى عقل الإنسان و منه بدون الحاجة الى وسائط خارجية : تماماً مثل آليات التذكر و التخيل. العلم مفتوح على كل الإحتمالات و قد يشهد مفاجآت قد تغير أنساق تقنية و سلوكية بالكامل: مثلما حدث عندما ألغى الحاسوب الآلة الكاتبة نهائياً, و قد تتجاور الوسائط و تتفاعل مثلما حدث بين اسينما و التلفاز و الإنترنيت لاحقاً. لهذا من الجيد دائماً التفريق بين المادة, المحتوى, الموضوع, الوسيلة, الشكل... بالمناسبة هل عدمت وزارة التعليم في سوريا الحياء؟ أم ان ما نسمعه عن جامعة تمنح شهادة الدكتوراة في علوم الحاسوب هو إشاعة؟

ما فعلته الإنترنت بالنسبة لعالم الإعلام -بأنواعه- لا يتعلق فقط بطبيعتها اللحظية بل إن هذه الطبيعة فتحت الباب على الميزتين الأخريين لهذا الوسيط و هما : التفاعلية من جهة و التخزين و فصل الزمن عن السياق من جهة أخرى. و هذا اثر على خيارات كبرى الصحف و كبرى شركات التلفزة منذ بدايات الإنترنيت بل حتى قبلها , فبينما الأشكل الكلاسيكية للإعلام خطية و ذات اتجاه يكاد يكون واحد, فإن هيكلية الإنترنيت تفرض تخزين المعلومات و جعلها جاهزة تحت طلب المتلقي و عرضة لخياراته. فالتلفاز الذي يعرض برامجه بشكل تتابعي , أصبح أمام آلية جديدة تمكن المشاهد من الدخول في أي وقت و طلب برنامج ما و متابعته, و هذا لا يعني فقط تصفح الأرشيف بل يتعداه الى مستوى أعقد من علاقات الحقوق و الملكية, فالجميع يعلم أن مسلسل تلفزيوني يكون عادة مادة للعرض في أكثر من قناة على التتابع و يمكن لأكثر من محطة أن تعرضه مع فروق زمنية او بالتتالي, و و مع حرية التصفح و المشاهدة خارج أوقات البث, نكون امام حالة تخترق المحطة و تحيلنا الى المنتج نفسه. لهذا يمكن لنا ان نفسر ظهور مؤسسات مثل دريم و روتانا و غيرها من المؤسسات الإحتكارية و التي عملت على شراء الأصول التلفزيونية بشكل كامل و نهائي, غنها مرحلة مبدئية قبل الدخول في عالم الإقتصاد التكاملي للإنترنيت, نفس الشيء بالنسبة للموسيقا. و اليوم تعد قضايا حقوق المكية من أخطر القضايا التي يعمل على تجييرها لصالح الشركات الكبرى بما يقضي على المنتجين الأفراد و على المؤسسات الصاعدة, و هذا ما حاولنا التنبيه اليه في الندوة التبشيرية الحمقاء التي تبنتها مؤسسة دمشق عاصمة للثقافة حيث حاولت تكريس مفهوم حباب- بالمعنى الالطفولي- عن ضرورة حماية الفنان و الكاتب, في الوقت الذي كان أصحاب المشروع و كلهم محامون متأثرون بالمدرسة الأمريكية يتربصون بالكاتب و المثقفو المستهلك لتحويله الى فريسة لمؤسساتهم و ليتحولوا بالتالي هم الى وكلاء للمحتكرين. من المؤسف أن يتم تمرير مثل هذه المسائل تحت غطاء غنساني. و من المؤسف ان الموديل الأمريكي هو مصدر إلهام الجميع في الوقت الذي يجعلنا الموديل الأمريكي نشعر بالغثيان , لا يزال كبار المتحاذقين يكرسون له في قداساتهم الحكومية, كأنه لا يجود موديل اسكندنافي او ياباني او حتى ليبيري. اليوم في صحيفة الإنترنيت- غن جاز التعبير- يمكنك ان تعود مراراً و تكراراً الى المقال, و في أي وقت, و ما لا يتوقعه العالم بعد سيحدث آجلاً أم عاجلاً و هو أن كل ضغطة زر ستكون مقابل نقود و قد يكون العكس و الرهن ليس بقدرة المستخدمين على التدخل و لكن يحسمه التوازن الداخلي للشبكة, فلا احد يدري الى متى سيبقى استعمال الشبكة متاحاً بالمجان, و هو كذلك الآن لن الإنترنيت لم يتحول بعد الى بيئة واقعية بشكل نهائي, و لكن ما ان تتاكد الشركات من احكام سيطرتها على المستخدم حتى سيكون علينا دفع قيمة مالية مقابل كل قراءة لمقال و بالتالي بالنسبة للصحفي أو الصحيفة فغن هذا اهم بكثير من بيع عدد من الجريدة. غذ يتحول أي شيء الى بقرة حلوب الى ما لا نهاية. و بالتالي سيكون أي مقال هو بمثابة استثمار, و سندخل عالم الأرقام الصغيرة و الإقتصاد التكاملي. في مؤسسة السينما و فقط للتاريخ: يوقع الفنانون عقود غذعانية تجردهم من كامل حقوقهم لصالح المؤسسة مقابل أعمالهم الفنية. و بحكم ان أجور المؤسسة حكومية و متواضعة مقارنة بالسوق فقد اقترحت على الفنانين إضافة بند واضح و مفاده ان هذا يسري مادامت ملكية المؤسسة تعود للدولة السورية و أنه في حال أريد تخصيص المؤسسة او بيع أصولها أن يتم التعويض بنسب للفنانين. لأنهم في الأساس ارتضوا بالعمل بأجور قليلة لصالح الدولة السورية و ليس لصالح احد آخر.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...