وزير الثقافة يدافع عن نفسه بهجوم "بين حسن النوايا وسوئها"
لا أشك على الإطلاق بحسن نوايا ودوافع الكاتبة ناديا خوست حين تستوطي )حيط( وزارة الثقافة، فوزارتنا أقل من سواها تحصيناً، ودريئتها واسعة، بحيث يستطيع كل من يريد أن يفش خلقه المحتقن بسبب عقم إبداعي مزمن أن يجد في الدريئة الفضفاضة هدفاً يصيبه، وأوسع ما فيها اليوم موضوع دمشق القديمة، فبوسع الكاتب أن يقضي عشرين عاماً وهو ينهل منها موضوعات تسد فقر الإبداع، متنقلاً بين حي الحمراوي وسوق ساروجه، والسوق العتيق، وكل ما كان فيه من بهائم ودواب ومجرمين وجدوا في خرابات السوق مأوى وسط العاصمة، وأحسب أن بعض الباكين على أطلاله افتقدوا تلك الروائح الكريهة التي كانت تنبعث منه، وأغمضوا أعينهم عن الحديقة الغناء التي بدأت تنشأ مكانه، كما أغمضوا أعينهم عن حقيقة كون السوق مزبلة، لم يتردد أحد من علماء الآثار والعمران الذين استشرناهم لحظة في الثناء على قرارنا المشترك مع محافظ دمشق بضرورة إزالتها.
أعود للقول بأنني لا أشك بدوافع ناديا خوست، ولكنني أعلن شكي على الملأ بمن كتبوا لليونسكو وببعض من كتبوا في مواقع الانترنت يحرضون لجنة التراث العالمي على إدراج موضوع دمشق القديمة في جدول أعمال اجتماعها القادم في نيوزلندة في 23 / 6/ 2007، داعين إلى وضع دمشق في لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، وقد علمت من مصادر موثوقة بأن دافع اللجنة ما وصلها من معلومات تقول (إن دمشق تهدم آثارها) وهذا عنوان تصريح قدمه أحد الصحفيين السوريين لوكالة أنباء أمريكية، وقد تناقلته الصحف المعادية لسورية في حملة منظمة وصلت أصداؤها إلى اليونسكو، والصحفي يعلم علم اليقين بأن وزارة الثقافة لم تعط أية موافقة على المشروع، وأن المحافظة لم تقدم على أي عمل تنفيذي، وأننا معاً شكلنا لجاناً فنية متخصصة، ولم يكن موقفي من هذا الصحفي بسبب حملته الشخصية علي وعلى السيد المحافظ، حين اعتبرنا (في مقال له في نشرة كلنا شركاء) أخطر على دمشق من شارون وهولاكو، وإنما أحزنني وأغضبني أن يثير في العالم خبراً يتداوله الأعداء افتراء هو أن (دمشق تدمر آثارها) وهو يقدم مبرراً لبعض من يكرهون دمشق كي يحرجوها أمام العالم، ولست بحاجة إلى أن أذكر القارئ بالدوافع السياسية لبعض من يريدون أن يتساوى وضع دمشق في لائحة التراث العالمي مع وضع القدس التي تقوم فيها إسرائيل بهدم المسجد الأقصى.
وهنا لا أجد كذلك حسن نية على الإطلاق فيما كتبته صحفية سورية متهمة وزير الثقافة بهدم الجامع الأموي في دمشق، وأعتقد أن القارئ سيفاجأ بذلك، نعم قالت الصحفية التي نشرت المقالة خارج سورية: (إن الجرافات تهدم ما حول الجامع الأموي، وإن الأبراج بدأت تنهض حول الجامع في دمشق القديمة التي يهدمها المحافظ والوزير) وهي تكتب ذلك خارج دمشق، ويقرأ ما تكتب من يظنون أن دمشق القديمة هدمت حقاً وأن الأبراج بنيت مكانها!!! فأما أهل دمشق وسكانها فكان بوسعهم أن يروا الأبراج التي تتحدث عنها الصحفية ضمن حملة مشبوهة ضد دمشق.
لم أكن أريد أن أعلن شكوكي بهؤلاء الذين يحرضون لجنة التراث العالمي ضد دمشق لولا أنهم نجحوا، وفوجئنا بأن لجنة التراث العالمي توشك أن تدرس الموضوع، وقد سارعنا إلى مخاطبة السيد باندارين مدير التراث العالمي مستغربين أن يدرس على صعيد عالمي مشروع لم يقر على صعيد محلي، ولا توجد أية موافقة من الحكومة السورية عليه، لأنه ما يزال قيد الدراسة من اللجان المتخصصة على الرغم من كونه مشروعاً قديماً أعلنت حوله مسابقة منذ سنين ولم يعترض أحد عليه، لكن الاعتراض الحالي دعانا إلى دارسته ودعا الجمعية السورية البريطانية مشكورة إلى إقامة ورشة عمل لدراسته برعاية كريمة من السيد رئيس مجلس الوزراء ومشاركة من وزارة الثقافة ومحافظة دمشق وقد درسنا توصياتها باهتمام ولكننا ننتظر توصيات اللجان الحكومية المتخصصة.
ولئن كان بعض الصحفيين الذين يشنون الحملة المنظمة ضد المحافظة أو وزارة الثقافة يريدون الإساءة الشخصية إلينا فمرحباً بهم، ولن نحملهم أية مسئولية، لأن صدرنا رحب وعلينا أن نتحمل النقد الموضوعي وغير الموضوعي مادمنا نقف على مسرح المسئولية ولا نملك القدرة على إرضاء كل الناس لأنها الغاية التي لا تدرك، لكن الحملة الإعلامية ضدنا بدأت تسيء إلى دمشق، ولئن نجحت مساعي صناعها وسجلت دمشق على لائحة التراث المهدد بالخطر فسأكون على حق في شكي بنواياهم وأهدافهم، ولكنني أرجو أن أكون مخطئاً، وأنا لم أعتد في حياتي أن أخون أحداً، ولكن ضراوة الحملة بدأت تثير ارتيابي بعد أن تأكدت من أن المقالات التي كتبت في صحافة دمشق والرسائل والتقارير التي أرسلت إلى اليونسكو من نشطاء (كما يسمون أنفسهم) هي التي تدعو لجنة التراث العالمي إلى مناقشة وضع دمشق على لائحة التراث المهدد بالخطر، ولقد قمنا بمراسلة مديرية التراث العالمي، وأكدنا أننا لن ننفذ أي مشروع إلا بعد انتهاء دراسته من لجاننا الوطنية، وطلبنا خبراء من اليونسكو لإبداء المشورة والرأي، على الرغم من كوننا أحرص من كل خبراء الدنيا على آثارنا.
إنني أرجو أن يكف هؤلاء الذين يدعون حب دمشق عن التحريض المشبوه، وأنا أناشدهم علناً لأنبه من يتعاطفون معهم بحسن نية، إلى خطر ما يفعلون.
وزير الثقافة : رياض نعسان آغا
المصدر: شرفات
إضافة تعليق جديد