(وثائق سورية):رسالة الأمير فيصل إلى الرئيس الفرنسي كليمنصو
يا حضرة الرئيس:
لا أزال تحت تأثير الاستقبال الجميل الذي تلطفتم به علي وإني أحسب من أعز واجباتي أن أشكركم على ذلك.
وقد وافقت امتثالاً لرغبة حضرتكم على تأخير سفري إلى أن يعود المسيو برتلو، أملاً أن نحل في هذه البرهة حدود لبنان، وإني سعيد جداً لتمكني من أقدم في هذه المناسبة دليلاً جديداً على رغبتي القوية في الوصول إلى اتفاق حقيقي.
ولا شك أن العطف والاهتمام الذين أظهرتموهما لي بعثا بي جسارة على أن أعرض بكل إخلاص على سعادتكم يخامرني من القلق الذي لم تكن وضعية الجنرال غورو في البقاع إلا لتزيده شدة، ورغماً من محاذرتي إضاعة وقتكم الثمين فإني لا أرى مندوحة من أن ألخص لحضرتكم الموقف الحاضر كما هو:
إن من مقتض الاتفاق الذي عقدناه في الخامس والعشرين من الشهر المنصرم بأن لا تحتل الجنود الافرنسية البقاع وأن تنسحب منه الجنود العربية ولا يبقى محلها وخاصة في بعلبك وحاصيبا وراشيا إلا الدرك التابع لأوامر القائمقامين وستؤلف بعثة تفتيشية من ثلاثة ضباط عرب ومثلهم افرنسيون يرسلون معاً إلى تلك النواحي لكي يلاحظوا بالاتفاق حسن تنفيذ وظائف الدرك والشرطة المسؤولين عن الأمن، وإذا وجد الضباط العرب والافرنسيون أن قوات الدرك غير كافية فتعزز بقطعات دركية أخرى يؤتى بها من دمشق.
فهل التجاوز الذي وقع على الضابط الافرنسي وجاويشه يبرر الاخلال بهذا الاتفاق ويجيز القرار الذي اتخذه الجنرال غورو؟ خصوصاً أن السلطات المحلية هي المسؤولة وحدها عن إرجاع الأمن وأن جلب القوى ن دمشق عند الضرورة منصوص عنه في هذا الاتفاق.
لذلك فإني أرى من واجبي أن أصر على لزوم الاحتفاظ بهذا الاتفاق الذي هو أول اتفاق بيننا ليكون له وقع حسن في نفوس الأهلين وليسهل لي القيام بمهمتي، ويزيد في الثقة المتبادلة بيننا، لتنمية مناسباتنا في المستقبل.
وقبل أن ننظر في فصل مسألة حدود لبنان التي نعمل على حلها فإن حضرتكم إذا أعطيتم أمراً بسحب الجنود التي احتلتها خلافاً لاتفاقنا تكونون قد أظهرتم دليلاً جديداً على اهتمامكم العالي بنجاح مذاكرتنا، وخففتم بذلك عنى عبئاً ثقيلاً.
أرجو أن يجد طلبي هذا قبولاً حسناً لديكم وتفضلوا فائق الاحترام.
22/12/1919
الأمير فيصل بن الحسين
المصدر: أحمد قدري، مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى ، دمشق، وزارة الثقافة، عام 1993م.
الجمل- إعداد: د. سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد